الانتماء هو كان سبب رجوعي للوطن العربي مرة أخري، وبلادي التي أنتمي إليها فلسطين ولبنان، خاصة أني قمت بدراسة السينما، وكانت لدي الرغبة في عمل أفلام عن الناس وقضاياها حتي في وجود الحرب، ففي الأزمات يكون لدي الإنسان دافع أكبر لتواجده مع شعبه والتحدث عن مشاكله وأزماته، وأنا كل أفلامي عن الناس ومن الناس، وعن صمود الشعوب في أصعب الظروف.
أخذت التجارب والخبرات الإيجابية فقط من دراستي خارج الوطن العربي، خاصة التقنيات التي تعلمتها من الإطلاع علي السينما العالمية، والتي قمت بتطبيقها علي أرض الواقع، لكن لم يؤثر وجودي بأمريكا علي أفكاري ومعتقداتي العربية.
كان لها تأثيرا كبيرا للغاية، فأنا كل أفلامي تتحدث عن ظروف الحرب علي الشعوب، خاصة بفلسطين ولبنان، وكنت دائماً أحاول التركيز علي الأمل وعلي الطاقة الإيجابية لدي الإنسان العربي.
المعيار الثابت لدي هو البحث في قضايا الناس ومشكلاتهم والتحدث عنهم وبلسانهم.
ليس لدي أي محاذير أو مخاوف، ولا أخضع لأي ضغط، فدائماً أشعر أنني حرة، ولا أغير مبادئ لأي سبب من الأسباب، وأهم ما أتبعه في عملي هو نقل جزء من الواقع، فصوت السينمائيين المهتمين بنقل حقيقة الوطن العربي مازال مستمر، ولا شيء سيوقفني أنا شخصياً.
بالتأكيد، وكانت أكبر المشكلات التي تواجهني عند نقل الواقع الفلسطيني، فدائماً تقابلني صعوبات في الإنتاج، وتوزيع الأفلام، لكن هذا لن يمنعني من استكمال مسيرتي، فأفلامي حصلت علي جوائز عديدة بالخارج بالرغم من أن القضية الفلسطينية مهاجمة دائماً من قبل اللوبي الصهيوني.
القضية الإنسانية لا تنتهي، ومازال أمامي مشوار كبير لكي أشعر بتقديم رسالتي، ربما يستكملها أجيال بعدي، فأنا أعتز كثيراً بالإنسان العربي وقضاياه، خاصة تحت الاحتلال.
أنا أشعر بالتفاؤل، فأري أنه حالياً هناك سينمائيين وجيل جديد من الشباب العرب مؤمن بقضايا الأوطان العربية، ربما يكون غير كافي، لكن من الناحية السينمائية أصبح هناك نقلة كبير، فصار يوجد عدد كبير من الأصوات، وأصبحت الكاميرا في متناول الجميع، وأشكال تعبير مختلفة تحاول إيصال صورة إنسانية عن حقيقة شعوبنا، لكن مازال الوعي غير كافي ويجب أن يكون هناك احتضان من الجهات الرسمية في الدول العربية لتشجيع الإنتاج وتسهيله لنستطيع الاستمرار.
اتجهت للأفلام الروائية بسبب أن موضوع فيلم "3000 ليلة" مبني علي قصص حقيقة لمعتقلات في السجون الفلسطينية، فالفيلم الروائي يسمح بعرض القصص باستفاضة أكبر عن الأفلام التسجيلية، وإمكانية الغوص بشكل أكبر في التفاصيل الإنسانية، بالإضافة إلي إن الفيلم الروائي من الممكن يوصل لجمهور أكبر.
لا، ففيلمي "3000 ليلة" هو استكمال لمسيرتي في الأفلام التسجيلية، واستفدت كثيراً من تجربة الفيلم الروائي.
القصة مبنية علي إحدى القصص التي سمعتها أثناء عملي على أحد الأفلام التسجيلية لأسيرة فلسطينية ولدت ابنها في السجن، فهذا ما لفت انتباهي كثيراً لموضوع الأسيرات.
كان لدي بالفعل مساعدين علي الأرض، شاركوني في البحث واللقاءات مع عشرات الأسيرات، والتي بناء عليها قمت بكتابة السيناريو.
استغرق في الكتابة سنوات عديدة، وفي التصوير استمر لمدة 6 أسابيع بالأردن، حيث قمنا بالتصوير في سجن حقيقي، وهذا أعطي مصداقية كبيرة للفيلم.
فيلم "3000 ليلة" تم عرضه عالمياً بعدة دول واخذ العديد من الجوائز كان أخرها مهرجان موسكو، وبالفعل ملفت للنظر أن معظم الجوائز من الغرب وهذا الشيء محزن ومفرح في نفس الوقت، حيث أنه نوع من الاعتراف بقضايا الوطن العربي وخاصة القضية الفلسطينية، وشيء محزن أنه لا يكرم الإنسان بوطنه، لكن أكثر ما يشعرني بالبهجة والنجاح أنه عند وقت عرض الفيلم في العديد من الدول وخاصة مصر جاءت تعليقات عدة بأن الفيلم عمل علي إعادة الضمير العربي نحو القضية الفلسطينية التي تاهت وسط ثورات الربيع العربي.
في البداية عملت مع طاقم نسائي فلسطيني من الدرجة الأولي آمنوا كثيراً بالفيلم، كانوا يشعرون بمعاناة بلادهم الحقيقة، فمنهم من أعتقل، أو تم أسر أشخاص من عائلتهم، بالإضافة إلي أنهم التقوا بالفعل مع أسيرات حقيقيات مع تصوير الأحداث داخل السجن، كان كل هذا يعطي انطباع بمصداقية الفيلم وأن المشاهد يري أمامه واقع حقيقي وليس مصور، فالفيلم مصنوع من البداية للنهاية بروح فلسطينية.
"ياريت فيه ثورات" البلدين الذي تحققت فيهم الثورة بالفعل هم مصر وتونس، لكن ما يحدث في البلدان الأخرى ليست ثورة، فصار هناك انقلاب علي كل طموحات الشعب العربي، وتم تصدير الإرهاب، فهناك مخطط واضح لتدمير العالم العربي، وللقضاء علي القضية الفلسطينية، مستغلين عدم وجود وعي كافي للشعوب العربية.
اقرأ أيضاً
بالصور: القاهرة تتذوق السينما الفلسطينية عبر "المر والرمان"