الارشيف / ثقافة و فن / في الفن

سينما الاستغلال في "يوم الاستقلال 2" Independence Day: Resurgence

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

"هذه حتماً أكبر بكثير من السفينة الأولى".

العبارة السابقة التي تتردد على لسان أحد شخصيات الفيلم عقب مشاهدته لسفينة فضاء ضخمة للغزاة، والمستخدمة في المشهد الختامي للإعلان، لا تلخص فقط مشكلة فيلم "يوم الاستقلال 2" الرئيسية، لكن تلخص أيضا عيب هوليوودي مزمن في صناعة السلاسل.

منهج الحجم الأضخم أو العدد الأكبر كطريقة لإرضاء الجمهور، قد يترك تأثير إيجابي مبهر في بعض الأحيان، لكن المنهج السليم لصناعة جزء جديد ناجح من فيلم قديم، يعتمد بالأساس على قدرة صناع الفيلم الجديد على تحليل نقطتين: (عناصر نجاح الفيلم السابق + ذوق الجمهور الحالي).

النقطة الأولى ضرورية لمخاطبة "النوستالجيا" والذكريات لدى الجمهور، والثانية هامة لصناعة فيلم لا ينسى جمهوره الحاضر ومتطلباته. الإخفاق في تحليل وفك أي من النقطتين ينتج تلقائيا فيلم محبط.

شاهد الإعلان التشويقي للفيلم:
" frameborder="0">

الفيلم الأول "يوم الاستقلال" Independence Day تم إنتاجه عام 1996 وهى فترة خصبة جدا لفكرة غزاة الفضاء من ناحية، والفترة التي شهدت أيضا مراحل التدشين لعصر "الجرافيك" في صناعة الخدع والمؤثرات، لتقديم مشاهد لم يكن من الممكن تخيلها سابقا، من ناحية أخرى.

المعادلة الناجحة إنتاجيا امتزجت أيضا بأحد أكثر رؤساء أمريكا شعبية على مدار تاريخها (بيل كلينتون)، ولا عجب أن الفيلم قدم شخصية الرئيس الأمريكي بصورة إيجابية بطولية ونبيلة جدا.

استفاد السيناريست والمخرج الألماني الأصل رولاند ايمريش ورفيقه دين ديفلن وقتها من كل هذه العناصر، وصنعا فيلم حقق نجاح تجاري ساحق، وأطلق شهرة ويل سميث الذي أصبح لاحقا أحد كبار نجوم هوليوود، في عمل يعتمد على تيمة يسهل تسويقها جماهيريا في العالم كله (إنقاذ سكان الأرض من احتلال فضائي).

المشاهد الأيقونية التي اشتهر بها الفيلم وعلى رأسها مشهد تدمير البيت الأبيض، ومشهد ظلال الأطباق الطائرة وهى تمتد ببطء لتغطي سطح الأرض، أصبحت لاحقا من علامات التسعينات، ومن كلاسيكيات سينما الكوارث.

هذه المشاهد لم تترك فقط أثرا على مشوار ايمريش، الذي قدم لاحقا أفلام عديدة تعتمد على نفس الألاعيب البصرية، كان أنجحها فيلمي The Day After Tomorrow و 2012لكن تركت أثر أبدي على صناعة أفلام الكوارث بصفة عامة، وشاهد مثلا "سان أندرياس" San Andreas الذي تم عرضه العام الماضي.

الكوارث طبقا لمدرسة ايمريش السينمائية لا تتعلق بمشاهد جثث أو فزع أو معاناة، بقدر ما تتعلق بالإبهار. يضاف إلى ذلك الشخصيات الجذابة التي لا تتعامل بخوف مع التهديدات، بقدر ما تتعامل بروح المغامر الجسور الذي يسخر من الأهوال.

في الجزء الثاني المعروض حاليا "يوم الاستقلال: العودة" أخفق ايمريش ورفاقه الأربعة في كتابة السيناريو، في فك المعادلة المطلوبة، بسبب اعتمادهم المفرط على عنصر "النوستالجيا" والذكريات فقط.

من جديد تتحرك الأحداث على ضوء غزو فضائي وبترتيب شبه كربوني للجزء الأول، ويعود الكل تقريبا باستثناء ويل سميث، الذي أصبح التعاقد معه أغلى وأصعب من الباقين. يُشاع أنه طلب 50 مليون دولار مقابل جزأين جديدين وهو ما تم رفضه.

لحل المشكلة قرر ايمريش تجاوز وجود الشخصية بإعلان وفاتها منذ البداية. حل لا بأس به لكن بدلا من التركيز على شخصيات جذابة جديدة تماما، قرر ايمريش الاستعانة بشخصية تمثل الابن للشخصية التي قدمها سميث في الفيلم الأول، واختار للدور جيس أوشر القريب جدا من حيث الشكل مع ويل سميث.

هذا الحل الساذج لإشباع عنصر "النوستالجيا" بخصوص غياب سميث، ترك هنا تأثيرا معاكسا تماما. في كل مرة يظهر فيها أوشر المفتقد للكاريزما والجاذبية، نتذكر غياب سميث، وتبدو الحيلة تافهة وأقرب لعملية غش رخيصة منها لحل موفق.

استعان ايمريش أيضا بشخصية توماس ويتمور (بيل بولمان)، الرئيس الأمريكي في الفيلم الأول. تعديلاتهعلى الشخصية بعد أن غادرت مقعد الرئاسة بعقود أفقدتها بريقها. ومن الطريف هنا أن نذكر أن الرئيس الأمريكي في الفيلم الجديد أنثى، في محاولة لربط الأحداث بالحاضر الأمريكي الذي يشهد اقتراب هيلاري كلينتون من المنصب.

كل هذه الشخصيات وغيرها لم تنجح في إضفاء نفس الروح الجذابة الخفيفة التي تمتع بها الفيلم السابق. وباستثناء جيف جولدبلوم الذي يضفي مرح على بعض المشاهد، يبدو الكل سواء من النجوم السابقين أو الجدد في سباق خاسر. أخص بالذكر الممثل الشاب ليام هيمسورث الذي فاز بمساحة أكبر من رفاقه الجدد، وفشل في استغلالها.

على المستوى البصري يتمتع الفيلم بمشاهد إبهار متقنة، تليق بتكنولوجيات هوليوود الحالية، وتم تنفيذها طبقا لقواعد مدرسة ايمريش السينمائية السابقة الوصف. لكننا الآن في 2016 ولم تعد لهذه المشاهد نفس طعمها الطازج المنعش الذي تحقق مع فيلم 1996.

لا يوجد مشهد جديد واحد يمكن تصنيفه كإبداع أو تجديد. لا وجود حتى لشرف المحاولة. كل شيء إعادة تدوير لما شاهدناه في أفلام ايمريش السابقة. حتى تقنية العرض الثلاثية الأبعاد تم إهمالها في التوظيف، رغم كل ما تمنحه من فرص لفيلم كوارث.

في 2015 اكتسحت الأجزاء الجديدة من سلاسل (حرب النجوم - حديقة الديناصورات) شباك التذاكر العالمي، ونالت إشادة نقدية. في الاثنين نجح فريق العمل في إشباع "نوستالجيا" الجمهور، وفي تقديم شخصيات جديدة ذات حضور، وفي تشويقنا لمتابعة الأجزاء القادمة.

اقرأ أيضا: Star Wars: The Force Awakens.. صحوة القوة أم استنساخها؟

"يوم الاستقلال: العودة" ينتهي بمشهد يعد الجمهور بفيلم ثالث، وهو وعد لا أعتقد أن الغالبية ستهتم به، لأن ما قدمه الفيلم لا يصلح كنواة لشيء يستحق المتابعة. الفيلم مصنوع بطريقة تعكس إفلاس، لأن صُناعه لم يجدوا من الأصل أي خيط يصلح للمواصلة، لكن صنعوه لأن نجاح الأول يضمن إيرادات جيدة.

بعد غياب 20 عاما يعود ايمريش بيوم استقلال جديد، يفتقد للشخصيات الجذابة أو التجديد في مشاهد الإبهار. العنوان الأنسب للفيلم الجديد قد يكون "يوم الاستغلال" بدلا من يوم الاستقلال.

لمتابعة حاتم منصور على الفيس بوك

اقرأ أيضا:
أهم ٢٥ فيلم مغامرات وفانتازيا في ٢٠١٦
"دستة أفلام" مُنتظرة في سباق أوسكار ٢٠١٧

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى