الأيقونات السينمائية الكلاسيكية لهذه النوعية هي:
1)العظماء السبعة 1960 The Magnificent Seven
2)الدستة القذرة 1967 The Dirty Dozen
3)العصبة الوحشية 1969 The Wild Bunch
عام 1959 شهد ابتكار فريق "الفرقة الانتحارية" Suicide Squad على يد دار نشر "دي سي كومكس"، وفيه جمعت كل أشرار وأعداء رموز العدالة مثل "سوبرمان" و"باتمان"، ليصبحوا مجبرين على مساعدة الجهات الأمنية الأمريكية، والتصدي لأشرار آخرين كمقابل لعدم إعدامهم.
لكن النجاح الأكبر للسلسلة تحقق أواخر الثمانينات، عندما ظهر لرسومها طابع بصري مختلف عن أقرانها، وهو ما تم تدشينه أكثر وأكثر في السنوات الأخيرة، مع اللمسات المضيئة الأقرب لأضواء النيون الإعلانية، في التكوينات البصرية (لاحظ غلاف العدد يمين الصورة).
الآن ومع النجاح التجاري الساحق لأفلام الكومكس في أخر عقد، لا عجب من اختيار شركة Warner Bros للفرقة الانتحارية، لتصبح نواة رئيسية في مشروعها السينمائي الطويل المخطط إنتاجه، اقتباسا من عالم "الكومكس".
من ناحية، السلسلة وحدها ذات جاذبية في شباك التذاكر، خصوصا مع الشهرة السينمائية لبعض شخصياتها وعلى رأسها "الجوكر"، ومن ناحية أخرى تضع السلسلة حجر الأساس لعشرات الشخصيات الشريرة، التي تنوي الشركة إعادة استخدامها في أفلام أخرى قادمة خارج نطاق "الفرقة الانتحارية".
تفكير "برجماتي" لا بأس به، لمواصلة السرد بعد أن قدمت الشركة بالفعل شخصيات "سوبرمان" و"باتمان" وغيرهم من رموز العدالة، في الفيلمين السابقين لها مع المخرج زاك سيندر: رجل من فولاذ 2013 Man of Steel - باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة 2016 Batman v Superman: Dawn of Justice.
كلاهما حقق نجاحا تجاريا جيد، لكن لم يحقق إشادة نقدية واسعة. ولأننا نتحدث عن سلسلة متواصلة ضخمة الإنتاج تستهدف أكبر عدد من المشاهدين في العالم، لا عجب أن الشركة تحاول تفادي نقاط الهجوم على كل فيلم في فيلمها التالي. لاحظ مثلا كيف تجنبت في "باتمان ضد سوبرمان" تنفيذ مشاهد جديدة يموت فيها ألاف البشر، وهى النقطة التي تحفظ عليها كثيرون في "رجل من فولاذ" Man of Steel.
شاهد الإعلان التشويقي لـ Suicide Squad
" frameborder="0">
في "الفرقة الانتحارية" تجنح Warner Bros لتقديم طابع أكثر مرحا مقارنة بالفيلمين السابقين، وهى نقطة هاجمها كثيرون بسببها السلسلة منذ بدايتها. مُعضلة Warner Bros الحالية أن الطابع الجاد يستدعي مقارنات مع ثلاثية في وزن "فارس الظلام" The Dark Knight التي أخرجها نولان، والطابع المرح يستدعي مقارنات مع سلسلة "مارفل" التي سبقتها بسنوات، لدرجة أن فيلمها هذا الصيف هو الـ13 من حيث الترتيب.
اقرأ أيضا: ترسانة "مارفل" تتجدد بنجاح في Captain America: Civil War
"الفرقة الانتحارية" عمل يحاول السير على حبل رفيع بين النوعين منذ بدايته. مشاهد القتال لا تزال عنيفة وحادة كالفيلمين السابقين لزاك سنيدر، لكن يقاطعها هذه المرة جمل ساخرة على لسان شخصيات عدوانية ومجنونة وعبثية.
ديفيد آير سيناريست ومخرج الفيلم، لجأ في البداية لحيلة رخيصة ومباشرة نسبيا لتعريفنا بكل الشخصيات خلال ربع ساعة فقط تقريبا، اعتمادا على حوارات ومشاهد "فلاش باك"، وكأنه يريد تلخيص هذه المرحلة إلى أقصى درجة، ليحتفظ بمساحة زمنية أطول لباقي الفيلم وصراعاته.
الإصرار على الإيقاع السريع لا يخلو من مزايا على أي حال، ما دمنا نتحدث في النهاية عن فيلم مغامرات وحركة، خصوصا أن عدد الشخصيات كبير، ويصعب معه خلق حلول درامية متشعبة لتعريفنا بالشخصيات، لكن هذا الشكل الموجز في المقابل لا يحقق الإشباع المرجو، ولا يكفل الترابط اللازم للمتفرج مع بعض الشخصيات.
قد يكون من المفيد هنا أن نذكر فيلمين من عالم القصص المصورة. الأول "ديدبول" Deadpool وفيه لجأ السيناريو لحلول أذكى لسرد نشأة الشخصية، عن طريق توريطنا مبكرا في مشهد حركة مبتكر على جسر، تداخل معه سرد زمني سابق للأحداث، لتعريفنا بالشخصية وأزماتها.
اقرأ أيضا- "ديدبول".. الوغد المناسب في الوقت المناسب!
والثاني "حراس المجرة" Guardians of the Galaxy إنتاج 2014، وفيه نتعرف على الشخصيات ونشأتها وطبيعتها، من خلال ورطتهم الإجبارية للتواجد سويا باستمرار. في الحالتين نتحدث عن تقديم أفضل لشخصيات أقل عددا.
على كل في الفرقة الانتحارية شخصيتين أسعد حظا من الباقين. الشخصية الأولى هي "ديدشوت" (ويل سميث). القاتل المأجور صاحب المهارات الاستثنائية في الرماية. سميث فاز بتركيز درامي أعلى وأطول زمنيا، استنادا إلى وزنه كنجم شباك غالبا. ورغم روتينية الشخصية من حيث الخلفية الدرامية والتركيبة السلوكية، وتكرارها في عشرات الأفلام المشابهة، نجح هنا بفضل حضوره في منحها جاذبية وأهمية.
الثانية هي "هارلي كوين" (مارجو روبي). الطبيبة النفسية التي تحولت إلى مجنونة بسبب علاقتها بمريض مختل (الجوكر). روبي هي رمانة الميزان الحقيقية للفيلم، والحيلة التي اعتمد عليها السيناريو باستمرار، لكسر الإيقاع عند الحاجة في ثوان.
روبي فاتنة على الصعيد الأنثوي، وهى نقطة لم يخجل المخرج في بروزتها أحيانا بلقطات مُقربة لمؤخرتها وساقيها!.. لكن النقطة الأهم تتعلق بامتلاكها قدرة إقناع فريدة، حتى عندما تلعب شخصية مضطربة معدومة المنطق والثبات. لماذا أحبت الجوكر إلى هذا الحد؟ لا توجد إجابة درامية مقنعة، لكن تمثيلها كفيل بإقناعك بعشقها الجنوني له.
في أحد اللقطات العابرة تتغير تعبيراتها خلال ثانية من الحزن والصمت والعبوس التام، وهى تجلس وحيدة، إلى اللامبالاة العبثية الضاحكة، عندما تلاحظ وصول آخرين. روبي تجعل الشخصية لغز لا تبالي كمتفرج بفك طلاسمه أو فهمه، بقدر ما يسعدك وجوده على الشاشة باستمرار. باستثناء ريان رينولدز في دور "ديدبول"، يصعب تذكر شخصية "كومكس" أخرى في الفترة الأخيرة، أسعد حظا بالنجم الذي وقع الاختيار عليه لتقديمها.
عامة يمكن اعتبار أغلب فريق الفيلم التمثيلي محظوظ نسبيا. أغلب الشخصيات هنا تظهر للمرة الأولى على شاشة السينما، وبالتالي لن يعاني أصحابها من المقارنات الحتمية، على عكس الفريق التمثيلي في "باتمان ضد سوبرمان" مثلا.
لكن لكل جولة ضحاياها، و"الجوكر" (جاريد ليتو) هو الضحية الأكبر هنا. الحبكة لا تجعله لاعبا رئيسيا كما حدث سابقا مع جاك نيكلسون أو هيث ليدجر في نفس الدور. اختار آير أن يجعل الجوكر هذه المرة أقرب لضيف الشرف الذي يفسد الحفلة من وقت لآخر، ثم يغادرها سريعا!
نظريا تبدو حيلة ذكية لا تخلو من تجديد للشخصية، لأنه من الصعب أن نشاهد جوكر أثقل دراميا أو أقوى تأثيرا على الأحداث، بعد ما قدمه كريستوفر نولان وهيث ليدجر في فيلم The Dark Knight عام 2008. وكقاعدة عامة قد يكون الظهور الأقل الذي يترك المتفرج متعطشا للمزيد، أفضل من تواجد مستديم يستدعي مقارنات وتحديات غير مطلوبة.
لكن في النهاية الجوكر طبقا للإعلانات والحملات الترويجية للفيلم لاعب أساسي ينتظر الجمهور مشاهدته بحماس، وتواجد ممثل بوزن جاريد ليتو يرفع الحماس والترقب أكثر وأكثر. العديد من مشاهد الجوكر تم
حذفها في غرفة المونتاج، لدرجة أن بعض مشاهد الإعلانات غير موجودة، في إجراء ترك للمتفرجين إحساس بالخداع والإحباط.
جاريد ليتو لم يترك بصمة، ولم يتم اختباره جيدا في الدور، وهى نقطة مؤسفة قياسا إلى قدراته كممثل. النقطة السيئة الأخرى في قرارات ديفيد آير، تتعلق بالأعداء والخصم الشرير الذي اختار للفريق مواجهته.
من الغريب أنه صنع فيلم محوره فريق من الأشرار والمجرمين ذوي الجاذبية والحضور، لكن لم يمنحهم في النهاية خصم شرير يتمتع بنفس الصفات. لدينا هنا شخصية شريرة رئيسية باهتة الحضور والتأثير، سواء من حيث التصميم والتنفيذ البصري، أو المهارات التمثيلية.
نفس الشيء يمكن قوله عن جيش المسوخ الذي يحاربه الفريق. أحيانا يقدمهم آير كخصم غير هين، وأحيانا أخرى ككيانات ضعيفة، تكفيها لكمة أو ضربة بسيطة للسقوط فورا. من حيث الحركة عامة يتمتع الفيلم بمستوى متوسط في التنفيذ، ويعيبه المونتاج السريع الخاطف لمعارك يدور أغلبها في أجواء مظلمة ليلية، بشكل لا يسمح بمتابعة واضحة.
احتفظ الفيلم بنفس التركيبة اللونية السابقة في "باتمان ضد سوبرمان". على العكس من أفلام "مارفل" التي تدور أغلب مشاهدها في جو نهاري مُشمس، تدور أغلب الأحداث والمشاهد والصراعات هنا في أجواء ليلية قاتمة، يسيطر عليها الرمادي بدرجاته المتوسطة والداكنة، والأزرق بدرجاته الباهتة، والأصفر بدرجته النارية.
في المقابل درجة الإجادة واضحة في تصميم الإنتاج والملابس، مع بعض اللمسات المتقنة لإرضاء مُدمني سلسلة القصص المصورة الأصلية، مثل العناوين التي تظهر بنفس الشكل المضيء البراق المميز للروايات المصورة، أو ذكر الاسم الكلاسيكي العتيق للفريق وسط الحوار: Task Force X.
ديفيد آير حقق شهرته أساسا كسيناريست ومخرج، من أفلام محورها معضلة رجال الشرطة واختياراتهم الأخلاقية. أشهرها حتى الأن قد يكون "يوم التدريب Training Day" و"نهاية نوبة المراقبة End of "Watch. ويمكن إلى حد ما بسط الفكرة لتشمل غضب Fury عام 2014 الذي دارت أحداثه عن طاقم دبابة أمريكي، أثناء الحرب العالمية الثانية.
في الفرقة الانتحارية يلامس نفس المحور، لكنه يلامسه سريعا وبسطحية، دون أن يترك بصمة مميزة. يظل للفيلم رغم ذلك ورغم عيوبه الأخرى، لمسة تجديد مقارنة بأغلب أفلام القصص المصورة مؤخرا، بفضل تفرد الشخصيات أولا، والإيقاع السريع للأحداث ثانيا.
لدى Warner Bros حاليا مجموعة لا بأس بها من الأوغاد والحمقى والمجرمين، الوارد استثمارهم بشكل أفضل مستقبلا!
الفيلم محاولة طموحة وجيدة لضخ جديد في مجال أفلام القصص المصورة، مع أداء مرح مغناطيسي من مارجو روبي، لكن تظل الأحداث ومشاهد الحركة أقل اتقانا وإثارة من الشخصيات.
اقرأ أيضا
Batman v Superman: Dawn of Justice.. باتمان ضد سوبرمان وضد مارفل أيضا!
أهم ٢٥ فيلم مغامرات وفانتازيا في ٢٠١٦