وفي كل عام، يقع الاختيار على أحد نجوم هذا الفن في العالم، ليلقي كلمته المتعلقة بأهمية المسرح ودوره في المجتمع، من مقر منظمة اليونسكو بباريس، وتترجم إلى أكثر من 20 لغة.
وهذا العام، كتبت الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير، رسالتها التي جاء فيها: "ها نحن ذا مرة أخرى، نجتمع في فصل الربيع، بعد 55 عاما من لقائنا الافتتاحي للاحتفال باليوم العالمي للمسرح. هو يوم واحد فقط، 24 ساعة، مكرسة للاحتفاء بالمسرح حول العالم، وها نحن في باريس، المدينة الرائدة التي تجتذب الجماعات المسرحية من كل أنحاء العالم، نجتمع تبجيلا لفنون المسرح".
وتابعت: "باريس مدينة عالمية، ملائمة لاحتواء كافة تقاليد المسرح العريقة من مختلف بلدان العالم في هذا اليوم الاحتفالي، من هنا، من العاصمة الفرنسية، نستطيع أن نرتحل إلى اليابان من خلال تجربتنا لمسرح النو ومسرح البونراكو الياباني، وأن نتعقب الخط الذي يصلنا من هنا إلى الأفكار والتعابير المتنوعة كتنوع أوبرا بكين ورقصة الكاتاكالي الهندية، فخشبة المسرح تسمح لنا بالمكوث طويلا بين اليونان وإسكندنافيا".
واستدركت: "ونحن نغلف أنفسنا بمسرح إسخيلوس وإبسن، وسوفوكليس وستريندبرغ، تسمح لنا أن نرفرف بين بريطانيا وإيطاليا ونحن نتتبع الأصداء بين سارة كان وبيرانديلو، في هذه الـ24 ساعة ربما ننتقل من فرنسا إلى روسيا، من راسين وموليير إلى تشيخوف، ونستطيع حتى أن نعبر المحيط الأطلنطي يدفعنا الإلهام لنمارس فن المسرح في حرم جامعي في كاليفورنيا فنجتذب طالبا شابا هناك ليبتكر ويصنع لنفسه إسما في عالم المسرح".
وقالت: "للمسرح حياة خصبة مزدهرة تتحدى الزمان والمكان، وأعماله المعاصرة تغذيها إنجازات القرون الماضية، وحتى أكثر الذخائر الفنية كلاسيكية أضحت حديثة وجوهرية في كل مرة تعرض فيها، فالمسرح يولد من رماده ليتجدد ويحلق من جديد، تاركا وراءه فقط الأعراف السابقة وماضيا قدما بأشكاله الجديدة والمستحدثة، وهكذا يبقى المسرح خالدا".
وأضافت: "اليوم العالمي للمسرح ليس يوما عاديا حتى يتم تضمينه في موكب الأيام الأخرى، فهو يتيح لنا إمكانية الوصول إلى تسلسل الزمان المكاني من خلال البهاء الصرف للنظام الكوني".
وقالت: "من المنصف أن أقول بإنني لم آت لقاعة اليونسكو هذه لوحدي، فكل شخصية لعبتها في حياتي هي هنا معي اليوم، الأدوار التي بدت وكأنها غادرت عندما أسدلت الستارة والتي في الواقع قد حفرت حياة داخلية في أعماقي، منتظرة لتساعد أو تدمر الأدوار التي تليها، كما أن كافة الشخصيات التي أحببتها وصفقت لها كمشاهدة تكملني اليوم وأن أقف بين أيديكم، ولذلك فإنني أنتمي للعالم، أنا مواطنة عالمية حقيقية، بحكم الطاقم الشخصي الذي يوجد في داخلي، على خشبة المسرح هذه، حيث نجد العولمة الحقيقية".
وأستطردت: "أقف هنا لست كنفسي، بل كأحد الأشخاص العديدين الذين يستخدمهم المسرح كقناة مائية ليستمر في البقاء، ومن واجبي أن أدرك ذلك، أو بمعنى آخر، لسنا نحن من نساهم في وجود المسرح ولكن على العكس يعود الفضل للمسرح في وجودنا. المسرح قوي جدا، وهو يقاوم ويبقى رغم كل شيء، رغم الحروب والرقابة والبؤس".
وأردفت: "من دون الجمهور لا وجود للمسرح، فشخص واحد قد يشكل جمهورا، ولكن لنأمل ألا يكون هناك العديد من المقاعد الخالية".
وأضافت: "منذ 55 عاما والعالم يحتفي باليوم العالمي للمسرح، وفي خلال الـ55 عاما هذه أنا ثامن امرأة توكل إليها مهمة كتابة وقراءة الرسالة… أنا في باريس، بفترة وجيزة قبل الانتخابات الرئاسية، وأود أن اقترح لأولئك الذين يتوقون لحكمنا بأن يكونوا مدركين للفوائد التي لا يمكن تخيلها والتي يقدمها المسرح، ولكن أود أيضا أن أؤكد ضرورة ألا يكون هناك حملات ضدنا".
وقالت: "يمثل المسرح بالنسبة لي الآخر وحواره، إنه غياب الكراهية، والصداقة بين الشعوب، وحقيقة أنا لا أعرف تماما ما يعنيه ذلك ولكنني أؤمن بالمجتمع وبالصداقة بين المشاهدين والممثلين وبالارتباط الراسخ بين كل الأشخاص الذين يجمعهم المسرح معا".