تتسبب آثار تغير المناخ بأضرار جسيمة لبيئاتنا وموائلنا في جميع أنحاء العالم، حيث تتأثر أنماط الطقس بشكلٍ خطير.
ففي هذا العام فقط، رأينا الآثار المدمرة لتغير المناخ في جميع أنحاء العالم مع حدوث أعاصير وفيضانات وجفاف وحرائق الغابات، ومن المقرر أن يزداد الوضع سوءاً في المستقبل.
على مدار الأعوام الماضية، عُقدت العديد من مؤتمرات تغير المناخ في العالم، وكانت هناك تحذيرات من الأمناء العامين الحاليين والسابقين للأمم المتحدة بأننا نتجه نحو كارثة، وكذلك العديد من التقارير من الأمم المتحدة والوكالات البيئية العالمية الأخرى والتي نبّهت أن الوضع لا يمكن أن يستمر كما هو عليه. تكمن المشكلة في عدم قيام الصناعات ذات الإنبعاثات الملوّثة بالإجراءات اللازمة للتعامل مع الحد من إنبعاثات الكربون.
تمَّ تسليط الضوء على مخاطر إنبعاثات الكربون في وقت مبكر من عام 1965 في عهد الرئيس الأمريكي ليندون جونسون من قبل فريق من الخبراء حذّروا من ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، وهم من اقترحوا في البداية إمكانية تغيير الغلاف الجوي للتعامل مع تلوث الكربون ولكن لم تنل إقتراحاتهم إهتماماً كبيراً، بالرغم من أنها بالتأكيد تستحق المتابعة لأن جميع محاولاتنا الأخرى لم تنجح بشكلٍ كافي. وحتى لو نجحت الدول المتقدمة في تقليل الإنبعاثات الخاصة بها، فإن الدول النامية لا تزال تعتمد بشكلٍ كبير على الوقود الأحفوري كمصدر رخيص للطاقة ومن المرجح أن تستخدمه لفترة طويلة في المستقبل.
لقد امتص الغلاف الجوي بالفعل كمية هائلة من الغازات الدفيئة التي تراكمت بمرور الوقت والتي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب. لذلك، حتى لو تمَّ تقليل إنبعاثات الكربون، لا يمكننا إنكار أن التغيرات المناخية القاسية ستستمر. ما نحتاجه الآن هو استخدام طرق مبتكرة تساعد على امتصاص الغازات من الغلاف الجوي حتى يتمكّن كوكبنا الخانق من التخلص من السموم الموجودة بالفعل لتقل حرارته. إن زراعة الأشجار وإزالة الكربون من محيطاتنا حتى تتمكّن من امتصاص المزيد من الكربون هي استراتيجيات رائعة طويلة المدى، لكننا نحتاج إلى شيء أكثر إلحاحاً لأن هذه الأمور ستستغرق سنوات لتنفيذها وإظهار نتائجها. المطلوب هو حل أكثر جذرية للتعامل مع الإنبعاثات المحاصَرة في غلافنا الجوي.
الجيولوجيا الهندسية، المتمثلة في الإدارة بالإشعاعات الشمسية، هي مفهوم يستحق المزيد من الاهتمام. وتعتبر أكثر التقنيات التي تمت دراستها هي إدخال جزيئات الكبريت في الغلاف الجوي لتعكس ضوء الشمس وتقوم بتبريد درجة حرارة الكوكب. وبينما يمكن أن يؤدي ذلك الإجراء إلى مشاكل أخرى، إلا أن عمل الفيزيائي ديفيد كيث، الذي نُشر في صحيفة نيويورك تايمز في أكتوبر 2021، يوضح أن الفوائد تفوق مخاطر هذا الحل الرخيص وسريع المفعول. يجب أن يصاحب أي إجراء من هذا القبيل نظام صارم للرصد والتحقق من الآثار الضارة التي يمكن أن تحدث مثل تحمض المحيطات وتقليلها حسب الحاجة. وفقاً لكيث، يمكن إجراء هذه التقنية المعروفة بإسم حقن الهباء الجوي في الستراتوسفير بإستخدام كمية محكمة من الكبريت لتعكس ضوءاً كافياً لتبريد الكوكب بمعدل درجة واحدة. قد لا يبدو ذلك كثيراً، إلا أنه إجراء ضخم من حيث معالجة تغيرات المناخ.
بالإضافة إلى حقن الهباء الجوي في الستراتوسفير، أدعو إلى البحث عن تقنيات أخرى بعمق أكبر مثل تعزيز معامل الإرتداد الإشعاعي، مما يزيد من إنعكاس السحب أو الأرض بحيث تنعكس المزيد من أشعة الشمس إلى الفضاء، وإمكانية استخدام عاكسات في الفضاء لتحقيق نفس النتيجة.
قال البعض إن مثل هذا النهج من شأنه أن يؤدي إلى تخلّي الصناعات عن بدائل الكربون حيث لن يكون هناك حافز كبير للإستثمار في تقنيات الكربون المحايدة. ولكن يجب تكليفهم بمواصلة جهودهم لإستكشاف البدائل واختبارها لأن أي خيار ينطوي على تنازلات. يجب أن ننظر في جميع التقنيات التي يمكن أن تساعدنا في استخراج الكربون من غلافنا الجوي المتهالك.
بالإضافة إلى هذه التدابير، نحن بحاجة إلى الاستثمار بشكلٍ أكبر في الحلول طويلة المدى مثل التشجير، وإلتقاط الهواء المحيط، وتخصيب المحيطات، وتعزيز قلوية المحيطات وغيرها من التقنيات. من خلال تنويع الحلول، يمكننا بناء عالم مرن يمكنه التعامل مع تحديات الكربون المستقبلية.
بصفتي رئيس اتحاد التحضر المستدام في نيويورك ومدافعاً قديماً عن مسائل تغير المناخ، أقول أنه يجب علينا النظر في أساليب الجيولوجيا الهندسية لمعالجة هذه المسألة حيث من الواضح أن التعهدات والوعود في الاجتماعات الدولية ليست كافية للتعامل هذا التهديد الحقيقي لوجودنا.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة