حصل الرئيس شي جين بينغ على فترة رئاسية ثالثة، وأحاط نفسه بأولئك الموالين له في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني. حضر الحدث أكثر من 2400 مندوب أقروا تعديلات شي والتغييرات الدستورية التي عرضها. فقد عزز قبضته على الحزب الشيوعي الصيني وأمَّن مكانه كأقوى زعيم في الصين منذ ماو تسي تونغ، مؤسس جمهورية الصين الشعبية. امتلأ المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وهو هيئة صنع القرار في الحزب، بالموالين المقربين من الرئيس مما يعبّر عن هيمنة شي على الحزب.
يُعرف شي بأيديولوجيته الخاصة بسياسة النمو حيث تم إدراج أفكاره السياسية في ميثاق الحزب، مما عزّز قيادته الاستبدادية للصين. وقد يشهد هذا الاستبداد المتزايد بعض الردود من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى حيث أصبحت الصين بشكلٍ متزايد دولة لا يُسمع فيها سوى صوت واحد، وسيطرته الكاملة تعني أنه وفريقه سيكونون مسؤولين بشكلٍ كامل عن تداعيات السياسات على ثاني أكبر اقتصاد بالعالم والذي يواجه عدداً من التحديات المحلية والدولية.
أصدرت الصين الآن مجموعة من الأرقام الاقتصادية المؤجلة التي تظهر أن الوضع الاقتصادي ليس على ما يرام، على الرغم من تصريحات رئيس مجلس الدولة الصيني. لقد ضعفت قيمة اليوان مقابل الدولار وتراجعت الأسهم بسبب مخاوف من استمرار شي في سياساته الأيديولوجية بدلاً من التركيز على النمو الاقتصادي. وتشهد الصين نمواً بطيئاً مما يعتبر تدهور كبير عما كانت عليه من قبل حيث شهدت نمواً مفرطاً لمدة ثلاثين عاماً من عام 1980 حتى عام 2010. ولم تصل مطلقاً إلى معدل التوسع الذي شهدته لعقود من الزمن أو حتى نسبة النمو 5.5٪ لعام 2022 التي كان قد تم تحديدها كهدف في مارس.
إن سياسة صافي الصفر الصينية بشأن تفشي فيروس كورونا في البلاد لها تداعيات خطيرة على الإنتاجية مع عمليات الإغلاق التي لا تنتهي أبداً وحاولة السلطات تتبع كل شخص مصاب. ويؤثر هذا على حركة الأشخاص وقدرتهم على العمل وبالتالي على الأعمال التجارية والإنتاجية الصينية نتيجة لذلك. الصين دولة شاسعة بها أكبر عدد من السكان في العالم، وتنفيذ مثل هذه السياسة يتطلّب موارد عالية ويعتبر مكلفاً ويتسبّب في معدلات نمو منخفضة.
يبدو أن هذه السياسة ستستمر مع تصريح شي في خطابه الافتتاحي في المؤتمر العشرين بأن بكين شنّت حرباً شعبية لوقف انتشار الفيروس.
يمثل التباطؤ في سوق العقارات الصينية تحدياً حاسماً آخر لشي، حيث أن سوق العقارات، وفقاً بعض التقديرات، مسؤول عن ما يقرب من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي الصيني. تسبب تطوّر سوق العقارات الصيني الواسع في السنوات الأخيرة في ارتفاع الأسعار وتزايد ديون المطورين، مما خلق فقاعة إسكان ستكون كارثية في حال انفجارها. ويواجه كبار مطورو العقارات الصينيون أيضاً مشكلة كبيرة مع تعثُّر العديد منهم في تلبية مدفوعات الفائدة للمستثمرين الدوليين، حيث تمَّ تصنيف أحدهم على أنه أكثر شركات العقارات مديونية في العالم.
يعاني القطاع الخاص الصيني بسبب زيادة تكاليف المواد الخام، وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما أدى إلى إفلاس الملايين من شركات الطوب والمونة الصينية الخاصة. وتشكّل هذه الشركات 60٪ من الاقتصاد الصيني و80٪ من العمالة الحضرية. تواجه الصين أيضاً قيوداً متزايدة على الصادرات الأمريكية منذ بعض الوقت مما يشكّل تحدياً كبيراً لها في الداخل والخارج حيث تحاول الولايات المتحدة إخراجها من قطاع التكنولوجيا العالمي وإعاقة قدرتها على المنافسة دولياً.
ربما يكون شي قد فاز بولاية رئاسية ثالثة، لكن هذه المشاكل المحلية المتزايدة والتحديات الدولية لن تختفي فقط لأنه لا يريد الاعتراف بها. يعتبر هذا منعطف حاسم بالنسبة للصين حيث يحتاج شي إلى فريق إداري عالي الكفاءة من ذوي الخبرة في الإصلاحات الاقتصادية لإصلاح السوق المحلية، ويفهم كيفية التعامل مع العلاقات الدولية خاصة مع الدول الغربية.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة