بفارغ الصبر ينتظر اليمنيون تحقيق العدالة في قضية وفاة رجل الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي، الذي مات ضرباً على أيدي مجموعة من رجال الشرطة في منطقة جازان السعودية قبل عامين من اليوم.
تعود تفاصيل الجريمة إلى الـ 12 من سبتمر 2021 حينما داهم 25 شرطياً سعودياً منزل ومطعم المحمدي في مدينة صبيا، وفقاً لبلاغ كيدي بحيازته أموال من تجارة المخدرات، يُعتقد أن البلاغ جاء من كفيل المحمدي الذي يحمل الجنسية السعودية والذي كان على خلاف معه.
لكن الملازم حسين جعفري قائد الهجوم على منزل المحمدي لم يجد الأموال فسارع هو ومجموعته بضرب المحمدي واعتقاله، وإغلاق مطعمه ومصادرة أمواله ومجوهرات زوجته وبناته، وعقب يومين من الواقعة شكا المحمدي في اتصال لزوجته من تدهور حالته الصحية جرّاء التعذيب الذي تعرَّض له من قبل الشرطة السعودية، وبعد يوم من الاتصال فارق الحياة.
كان تبرير الشرطة لوفاة المحمدي بأنه يرجع لسبب مرضه بإنسداد رئوي، لكن أسمهان وهي زوجه عبد الصمد لم تقتنع فطالبت بتشريح الجثة لأنها تدرك جيداً أن قاتليه هم الشرطة السعودية لكن الأخيرة رفضت الطلب، وجاء في محتوى شهادة الوفاة الصادرة من المستشفى الذي توفي فيه المحمدي، بأن ثمة شبهة جنائية في وفاته.
وبعد مرور شهر تمَّ تشريح الجثة، وكان تقرير التشريح دليل على وحشيه قاتليه، فتبيَّن أن الوفاة ناتجة عن التعذيب.
تمَّ تبرأة المحمدي من الاتهامات الموجهة له من قبل الشرطة السعودية مؤكدين أنه حسن السلوك، وليس لديه سجل جنائي، حينها تقدمت عائلة المحمدي بشكاوى للنيابة في السعودية لكن دون جدوى.
لا للسكوت :
يرى الدكتور محمد النعماني عضو المنطمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان أنه من العار أن تمضي سنتان دون أن تسير العدالة في مجراها الطبيعي وينال قاتلوا رجل الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي جزائهم الرادع، ويقول النعماني "السكوت عن جريمة مقتل المحمدي يعني السكوت على الكثير من الجرائم والانتهاكات التي يتعرَّض لها المغتربين اليمنيين في السعودية، ويعني كذلك تشجيع اليمنيين المنتهكة حقوقهم هناك على السكوت لما يتعرَّضون له، ويؤكد النعماني أن الكثير من اليمنيين العاملين في السعودية يخشون القتل في حال المطالبة بحقوقهم مثل ما حصل لرجال الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي أو الاعتقال أو الترحيل، والغالبية كما يلفت النعماني يكابدون العناء ويعملون ليل نهار من أجل توفير لقمة عيش لأهاليهم القاطينين في اليمن، وللأسف يتم استغلال ذلك من قبل السلطات السعودية.
وتتساءل الكاتبة الصحفية في اتحاد نساء اليمن سهير عبد الجبار عن الحال الذي وصلت له زوجه رجل الأعمال اليمني الراحل عبد الصمد المحمدي قائلةً " كيف يمكن أن تصمد خلال عامين وهي ما تزال تبحث عن العدالة الغائبة والقصاص من قتلة زوجها ؟، كيف ستجيب على تساؤلات ابنتي المحمدي حياة وفاطمة ؟ "
وترى سهير بأنه يجب على الناشطات الحقوقيات في اليمن أن يدعمن صمود أسمهان زوجة المحمدي بكافة الطرق من أجل الانتصار لمظلوميتها، وتقول سهير " السلطات السعودية تتعامل مع ملف قضية المحمدي بتكتم وسرية دون معرفة سبب ذلك، لكن يجب على السلطات اليمنية النظر في قضايا رعاياها بجدِّية لأن قضية المحمدي تعتبر اليوم قضية رأي عام فعقب عامين على الجريمة أصبح الكثير من اليمنيين يطالب بالعدالة ".
تستر على الجناة :
على الرغم من مماطلة السلطات الأمنية والعدلية بالمملكة العربية السعودية في القبض على مرتكبي الجريمة، إلا أن عائلة المحمدي ما يزال يحذوها الأمل بأنه سيأتي يوم تتحقق فيه العدالة، لكن في حال إن لم تجد عائلة المحمدي الإنصاف من قبل السلطات السعودية فإنه يجب عليها أن تلجأ للقضاء الدولي ورفع دعاوي أيضاً بالجهات التي حقَّقت بالقضية في السعودية ولم تظهر شيء إذا كان هذا الشيء متعمّد، كما يرى الصحفي مبارك اليوسفي.
ويصف اليوسفي جريمة مقتل المحمدي بالمستتر عليها ويطالب السلطات اليمنية التدخل عاجلاً لإنصاف عائلة المحمدي قبل أن يتفاقم وضعهم المعيشي.
يؤيده الناشط الحقوقي عبد الكريم الشميري، ويرى أنه يجب على الحقوقيين اليمنيين مناصرة عائلة عبد الصمد المحمدي حتى يتم إيصال مظلوميتهم إلى المنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان.
ويطالب الشميري منظمة هيومان رايتس ووتش إدراج قضية مقتل المحمدي على رأس مطالبها الحقوقية والإنسانية خلال هذا العام وهي ذات المطالبة لبقية المنظمات الحقوقية في الوطن العربي والعالم.
قضية رأي عام :
عدد من المحاميين و الناشطين الحقوقيين والصحفيين وجَّهوا رسائل لزوجه وأقارب رجل الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي في الذكرى الثانية لوفاته، يقول عضو نقابة المحاميين اليمنيين محمد عبد الله أن دم المحمدي لن يذهب هبائاً طالما وقد أصبحت مظلوميته قضية الرأي العام اليمني، ويقول الناشط الحقوقي عبد الكريم الشميري مخاطباً زوجه المحمدي "طالبي أيتها الماجدة اليمنية بالتحقيق في مقتله بتلك الطريقة المجرمة، سنصدح بالحق وسنقف معك، مهما كانت الظروف، والمؤامرات".
أما الأكاديمي اليمني المقيم في لندن محمد النعماني فيخاطب زوجه المحمدي قائلاً : "منك الصبر ونحن منا الوفاء لأنه من الواجب علينا مناصرتك والوقوف معك لاسترداد حقك في الانتصار لمظلومية زوجك المقتول ظلماً، فهذه المجزرة المرتكبة لن تمر دون أي عقاب سنفتح هذا الملف وكل الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية وسيدفع الظالمون الثمن، ونقول مهما مرَّت الأيام والسنوات سيكون في نهاية الأمر الإنصاف وانتصار العدالة وإن غابت العدالة الإنسانية ستكون عدالة الله هي الأقوى ".
لجنة مناصرة المحمدي :
وعشيّة الذكرى الثانية لوفاة رجل الأعمال اليمني عبد الصمد المحمدي أطلقت لجنة المناصرة لعبد الصمد المحمدي، حملة رقمية ثانية للمطالبة بالعدالة للمحمدي تحت اسم هاشتاق #العدالة_لعبدالصمد_المحمدي و#لا_للتعذيب_في_السعودية، بهدف زيادة الوعي بالقضية وإطلاع الرأي العام على التحديات والتهديدات التي تواجهها.
وتتضمّن الحملة مجموعة متنوعة من الأنشطة، بما في ذلك: نشر محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي يسلِّط الضوء على القضية ويطالب السلطات السعودية واليمنية باتخاذ إجراءات لمحاكمة الجناة، وتنظيم احتجاجات وفعاليات إعلامية رقمية للمطالبة بتحقيق العدالة، والتواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية للمطالبة بدعم القضية.
وفي بيان صحفي صادر عن لجنة المناصرة لعبد الصمد المحمدي، قالت اللجنة : "مرَّت سنتان على وفاة عبد الصمد المحمدي، دون أن يتم تقديم أي شخص إلى العدالة. إن هذا التقاعس عن الرد على جريمة تعذيب مميتة يمثل إهانة للإنسانية وللقانون الدولي".
وطالب البيان لجنة المناصرة السلطات السعودية باتخاذ إجراء عاجل وفتح تحقيق مستقل وشفاف في وفاة عبد الصمد، كما طالب السلطات اليمنية القيام بواجبها ومسؤوليتها تجاه جريمة تعرُّض لها أحد مواطنيها المستثمرين في المملكة، من خلال التواصل مع السلطات السعودية والمطالبة بتحقيق العدالة.
وشدَّد البيان على أن "اللجنة لن تتخلّى عن أسرة عبد الصمد المحمدي، وستستمر في العمل من أجل تحقيق العدالة لهم".
وكانت اللجنة قد أطلقت حملة رقمية في سبتمبر 2021، للمطالبة بالعدالة لعبد الصمد المحمدي، ونجحت الحملة في لفت الانتباه إلى القضية وزيادة الوعي بها.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة