تبرز قضيتنا الفلسطينية كاختبار للعدالة الدولية وحقوق الإنسان: فلسطين التي ظلت لأكثر من سبعة عقود عنواناً لنضال شعب أبِّي من أجل تقرير المصير تحث على مطالبة عالمية أكبر بالعدالة والإنصاف والسلام.
فلسطين ليست مجرد قضية عربية، أو إسلامية، أو حتى قضية إقليمية - إنها قضية عالمية، تعكس القيم التي نطمح إليها كمجتمع إنساني، إذ لا يمكن للعالم أن يدَّعي الوقوف إلى جانب العدالة بينما يتجاهل محنة الملايين الذين حُرموا من حقوقهم الأساسية تحت نير الاحتلال.
لقد شهد العالم منذ زمن طويل معاناة شعبنا الفلسطيني - من التهجير إلى الاحتلال، ومن الخنق الاقتصادي إلى إنكار الحقوق الأساسية، ومع ذلك، وسط هذا التاريخ المأساوي والانتهاكات المستمرة، هناك بعض الأمل، تحمل لواءه دول وحركات ترفض السماح لهذه الظلم أن يستمر.
ولأن الوعي العالمي يتزايد، فقد اتخذت عدة دول خطوات كبيرة لتأكيد أهمية القضية الفلسطينية، وفي طليعتها دول من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا حيث كانت صوتاً نشطاً ومدافعاً عن حقوق الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص، تبقى زعامة جنوب أفريقيا الأخلاقية في هذه القضية متجذِّرة بعمق في تجربتها الخاصة مع نظام الفصل العنصري، مما يخلق تشبيهاً قوياً بين تاريخها في التمييز العنصري والاحتلال الإسرائيلي المستمر.
وبالمثل، برزت تركيا وماليزيا كداعمَين ثابتَين للقضية الفلسطينية في المنتديات الدبلوماسية والإنسانية، كما أظهر الاتحاد الأوروبي لحظات من الالتزام، رغم الانقسامات الداخلية، حين اعترفت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد، بما في ذلك السويد وإيرلندا، بدولة فلسطين، فضلاً عن نمو الدعوات للمساءلة في مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان داخل الأوساط الدبلوماسية الأوروبية، مما يقدِّم بصيص أمل في تحقيق تضامن دولي أكبر. لكن رغم ما تستحقه هذه الجهود من التقدير، فإن الاستجابة العالمية الأوسع قد شوَّهتها الترددات إلى حدٍّ كبير نتيجة للضغوط الجيوسياسية، وعرقلة القرارات التي تنتقد الكيان. ومع ذلك، فإن المد بدأ في التغير ببطء، فالحركات الشعبية ومنظمات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، لا سيَّما في الولايات المتحدة وأوروبا، تطالب بإعادة تقييم مواقف حكوماتها تجاه الاحتلال، داعية إلى سياسات تتماشى مع القانون الدولي والكرامة الإنسانية. وما يجعل قضيتنا ملهمة هو أنها تجسِّد كفاحاً أوسع ضد البطش الأعمى، كما أنها رمز للمقاومة ضد الاستعمار والفصل العنصري والاحتلال. ومع ذلك لكي تصبح فلسطين حقاً رمزاً للأمل والعدالة، يجب على العالم أن يتحرك بمزيد من السرعة والاتساق. فعلى الرغم من أن دعم الدول الفردية مهم، لكن الوحدة العالمية هي التي ستدفع هذه القضية إلى الأمام.
لقد حان الوقت لجميع الدول، وخاصةً تلك التي تتمتَّع بتأثير عالمي كبير، أن تعطي الأولوية لحقوق الفلسطينيين على المصالح، وتحاسب الكيان وفقاً لنفس معايير العدالة وحقوق الإنسان التي يدعي العالم أنه يتبنَّاها.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة