في كل عام نحتفي - وحق لنا - بذكرى تولِّي جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية كمناسبة تأمل في مسيرة إصلاحات رسمت ملامح الحديث عن العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبد الله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة، ووطد أركانها والده المغفور له بإذن الله الملك الحسين طيَّب الله ثراهم.
ورغم التحديات التي تلف المنطقة، يمضي الوطن بقيادة الملك عبد الله الثاني حفظه الله بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً، مستنداً إلى رؤية ملكية تستشرف الفرص قبل التحديات، وتؤمن بأن التقدم لا يتحقق إلا بالعزيمة والعمل فمن تعزيز الحريات إلى بناء بنية تحتية متطورة، ومن شراكات اقتصادية واعدة إلى تمكين الشباب، يواصل الأردن ترسيخ مكانته بثقة وثبات.
ومع عهده الميمون بدأت مرحلة جديدة من التحولات ركَّزت على تعزيز التنافسية الدولية للأردن برؤية ملكية ثاقبة وعبر سياسات اقتصادية واجتماعية طموحة تحوَّلت معها المملكة الى نموذج استقرار في منطقة مضطربة.
وما يميزنا في الأردن أن الاصلاحات السياسية لا تنفصل عن الاقتصادية في فلسفة القيادة الأردنية إذ حرص جلالة الملك على بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص كمدخل لتحفيز النمو وخلق فرص العمل وفي هذا الإطار أُطلقت رؤية التحديث الاقتصادي ومبادرات تنموية كبرى مثل مشروع البوابة الالكترونية لتبسيط الإجراءات الحكومية وبرامج دعم الريادة الشبابية إلى جانب تحديث التشريعات لتعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وأضحى الأردن بفضل سياسات الانفتاح والشفافية وجهة مفضَّلة للشركات العالمية خاصةً في قطاعات السياحة العلاجية والتكنولوجيا، كما عزَّزت المملكة مكانتها كمركز إقليمي للطاقة المتجدِّدة عبر مشاريع كبرى مثل مشروع الطاقة الخضراء.
فيما لم تكن زيارة جلالته الأخيرة إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل مجرَّد محطة دبلوماسية عابرة، بل كانت تتويجاً لجهد حثيث أثمر عن إنجاز استثنائي للأردنيين، ففي عيد ميلاده الميمون، وبعد عودته من بروكسل، حمل جلالته للأردن هدية ثمينة تمثَّلت في توقيع إتفاقية شراكة شاملة مع الاتحاد الأوروبي، تُعدُّ الأكبر من نوعها، فاتحةً آفاقاً واسعة لتعزيز التعاون في مجالات الصحة، وتأهيل الشباب، وتمكين المرأة، بما يرسّخ مسيرة التنمية والازدهار.
وهي تعكس تصاعد الثقة الدولية بالأردن كشريك إقليمي فاعل وقدرته على تحويل التحديات إلى فرص خاصة في ظل الرؤية الاستباقية للملك في إدارة الازمات.
واليوم، إذ نستحضر هذه المسيرة الزاخرة بالإنجازات، ندرك أن الأردن لم يكن يوماً مجرَّد دولة تسير وفق التحديات، بل وطن يصنع فرصه، ويرسم ملامح مستقبله بإرادة قيادته وعزيمة شعبه.
واليوم ومع كل خطوة نخطوها نحو الأمام، يترسَّخ نهج الإصلاح والتحديث، وتتجدَّد الثقة بقدرة المملكة على مواصلة مسيرتها بثبات، فالتاريخ لا يُكتب بالظروف وحدها، بل بصناعة التغيير، وهذا ما أثبته الأردن على مدى العقود الماضية بقيادة سليل بني هاشم، ليبقى نموذجاً للاستقرار والطموح في قلب منطقة تعجُّ بالمتغيرات.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة