الارشيف / صحة و رشاقة

التلفاز و تأثيراته على سلوك الأطفال

 

دخل جهاز التلفاز كل بيت و كل غرفة لدرجة أنه أصبح خبزاً يومياً يتناوله الأطفال مع وجبات الطعام، و آخر ما تلتقطه عيونهم قبل النوم، حيث يتشربون منه سلوكياتهم و أفعالهم اليومية، محاولين تقليد كل ما يصدر عنه دون وعي، و من الملاحظ أن الأسرة حين تترك ابنها فريسة لهذا الجهاز فإنها تضعه أمام تأثيره القوي بالصوت و الصورة، بكل ما يحتوي على مشاهد عنيفة و مُخلّة بالأخلاق، و قد أثبتت الدراسات أن برامج الأطفال تظهر مشاهد عنف أكثر بـ ( 50- 60 مرة ) من برامج الكبار و لا يخلو الأمر من أفلام الكرتون التي تتضمّن أكثر من 80 مشهد عنف في الساعة.


و يقول " لوردن بيج " الذي يدرس العلاقات بين الجنوح و وسائل الإعلام في جامعة جرونوبل أنه ثمّة تأثير متواضع لكنه حقيقي، فالدراسات الجادة التي أُجريت على مئات الأطفال لأكثر من 30 سنة تسير في هذا الإطار، فمن خلال ملاحظة عدد الساعات التي يقضيها المراهقون في مشاهدة البرامج المليئة بالعنف، و عدد الأعمال العدوانية التي يرتكبونها فيما بعد، يمكننا التأكيد بأن العنف المرئي عبر التلفزيون يزيد الاستجابات العدوانية للمشاهدين بنسبة تتراوح بين 5 - 10 % أياً كان الوسط الاجتماعي المنحدرين منه أو المستوى التعليمي الذي وصلوا إليه أو سلوك آبائهم معهم.


و مع التأكيد على مخاطر مشاهد العنف و ما تسببه من تجريد للمشاعر و إيجاد مناخ مليء بالمخاوف فإنّ الأطفال و المراهقين ينقلون عادة إثارتهم و عنفهم إلى مدارسهم في اليوم التالي، أو يشاهدون كوابيس ليلية أثناء نومهم. و يمكن أن تنتهي الأمور بمأساة فعلية عندما يرغب هؤلاء في تنفيذ أو تقليد ما شاهدوه من جرائم تنفذ على شاشة التلفاز.

و قد أشارت نتائج إحدى الاختبارات التي أجريت على الأطفال الذين يشاهدون التلفاز لساعات طويلة، أنه كلما كان عدد الأفلام المشاهدة أكثر، كلما كان تقييم الطفل لدرجة العنف و الصور الإجرامية ضعيفاً، و كأنه أشبه بمن تناول حقنة مخدرة، حيث يشعر بالتبلد الانفعالي تجاه ما يشاهد من مناظر عنف أصبحت لا تثير شفقته و إنسانيته. و الاحتمال الأخطر من ذلك أن هذا الطفل يصبح مستقبلاً غير مكترث بالضحايا الحقيقيين الذين يتعرضون لعدوان ما.

و يعاني الأطفال الذين يشاهدون التلفاز لساعات مطوّلة أيضاً من هذيان ذهني، فهم يخافون من الخروج و لا يشعرون بالأمان، بل يصبحون كذلك أكثر أنانية و شحّاً في تعاملهم مع جيرانهم و يميلون إلى العدوانية المفرطة.

و حتى نكون أكثر موضوعية في الحكم على آثار التلفاز على الأطفال فقد أشارت الدراسات إلى نتيجتين أساسيتين :

الأولى مؤداها أن مثل هذه البرامج توفّر مخرجاً أو منفذاً للانفعالات المحبوسة مثل انفعالات الغضب و العدوان و الكراهية، لأنها تعمل على تصريف و إزالة الانفعالات التي تثيرها هذه البرامج .
أما النتيجة الثانية فيمثّلها بحث " رولاند " و مؤداها أن برامج العنف ربما تنمّي مشاعر الإحباط التي تؤدّي بدورها إلى السلوك العدواني و تفسد القصص الإجرامية المعروضة وظيفة و أساليب الوكالات التي تحمي القانون و تنفّذه. أما " دي بور " فيقول أن مثل هذه البرامج تسبب استجابات انفعالية قوية في الأطفال.

و ذلك يقودنا إلى القول بأنه إلى الحد الذي يرى فيه الأطفال أو يسمعون برامج مبالغ في انفعاليتها و غير واقعية و ضد المجتمع يوماً بعد يوم، فإنهم في الأغلب يخضعون لمؤثرات شرطية تجمعية غير حسنة من وجهة نظر الصحة العقلية أو النمو الخلقي .

و فيما يلي سرد لأهم الانعكاسات الايجابية و السلبية التي تنتج عن مشاهدة الأطفال للتلفاز :


 
  • الانعكاسات الإيجابية :

- يُزيد من ثقافة الأطفال نحو العالم و الحياة المحيطة.

- زيادة فى الحصيلة اللغوية و المفردات و المعاني.

 
  • الانعكاسات السلبية :

- إرهاق العينين و التعب الجسدي نتيجة الجلوس الطويل بشكل غير مريح.

- التأثير على التحصيل الدراسي

- الجلوس الكثير يؤدّي للعزلة عن الآخرين باعتبار التلفاز بديلاً عن الوسط الاجتماعي المحيط

- استخدام العنف و القوة كوسائل رئيسية لحل المشكلات

- الإجرام أو الانحلال الأخلاقي الذي قد ينجم عن مشاهد أفلام و مسلسلات الكبار و تقليدها

- الكسل و الخمول و قلة الحركة و بالتالي السمنة

- يقلل من الإبداع و التفكير بشكل مستقل، حيث الطفل مجرّد متلقّي سلبي للمعلومة دون أن يكون له أي دور إيجابي أو تغذية راجعة.

- قد يشاهد الأطفال أفلاماً غير أخلاقية و بالتالي يبلورون أفكاراً خاطئة عن العلاقات الجنسية.


دور الآباء :

- التقليل من استخدام التلفزيون لمدة ( 1-2 ) ساعة يومياً مع الاهتمام بالنوعية.

- اجعل أجهزة التلفزيون و ألعاب الفيديو خارج حجرات الأطفال و لا تضعه في أكثر الأماكن ظهوراً في المنزل، بل في مكان بعيد حتى لا يكون ضيفاً دائماً على الأسرة.

- تعرّف على محتوى البرامج التي يشاهدها الأطفال، حتى لو كانت مخصّصة لهم.

- أجب عن أسئلة الأطفال التي تدور في أذهانهم حول ما يستجد عليهم من مفاهيم شاهدوها، وصحّح معتقداتهم الخاطئة.

- عدم استخدام التلفزيون أو ألعاب الفيديو قبل الذهاب إلى المدرسة أو قبل أداء الواجبات، و تحديد مواعيدها.

- افتح التلفزيون فقط عندما تريد مشاهدة برنامج له قيمة، و لا تفتحه لمجرد الاطلاع على ما فيه من برامج.

- تعويد الطفل على التفريق فيما يشاهده بين الواقع و الخيال، و عدم تقليد كل شيء يراه الطفل.

- احترس من متابعة المشاهد الانفعالية التي تبقى عالقة في أذهان الأطفال حتى النوم.

- كن مشاهداً ايجابياً، و عوّد أبناءك على انتقاد ما يشاهدونه، و أخذ رأيهم فيما يتم عرضه و كن واضحاً مع أطفالك في إرشادهم نحو البرامج النافعة.

- كن مثلاً جيداً و قدوة حسنة في الإقلال من متابعة التلفاز.

- أعط نشاطاً بديلاً للطفل عن مشاهدة التلفاز كممارسة الأنشطة و الهوايات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى