أكرمنا الله سبحانه و تعالى بحلول شهر رمضان المبارك، و عندما يتصادف هذا الشهر الكريم مع أيام الصيف الحارة يكون أمر العطش و الرغبة في شرب الماء أهم ما يمتحن به الصائم، إلا أن اتباع الصائم لبعض القواعد العملية و الغذائية من شأنه أن يساعده على التغلب على الإحساس بالعطش.
و هناك عادات و معتقدات خاطئة لها الأثر الأكبر في زيادة معاناة الصائم و إحساسه بالعطش، فعلى سبيل المثال :
يعتقد كثير من الصائمين أن شرب كميات كبيرة من الماء عند السحور يجنّبهم الشعور بالعطش أثناء الصيام، و هذا اعتقاد خاطئ لأن معظم هذه المياه زائدة عن حاجة الجسم لذا تخرجها الكلية بعد ساعات قليلة من شربها.
كذلك يشرب بعض الصائمين الماء المثلج عند الإفطار ظنّاً منهم أن هذا سيروي عطشهم، و حقيقة الأمر أن هذا لن يروي عطشهم بل سيؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية و بالتالي ضعف الهضم، لذلك يجب أن تكون درجة حرارة الماء معتدلة، مع الحرص على شربه بتأنٍّ و ليس دفعة واحدة.
و نتطرّق هنا إلى أهم المخاطر التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خلال الصوم في الجو الحار :
• الجفاف، نعني بالجفاف فقدان جسم الإنسان للماء و الأملاح مثل البوتاسيوم و الصوديوم، و التي تعتبر مهمّة لأداء وظائف الجسم مثل الكليتين و الدماغ و القلب.
و الجفاف من أكثر المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها الصائم خلال موجة الحر الشديدة، إذ تؤدي الإصابة به إلى التشوش و الكسل أو النعاس و مشاكل في التنفس و اضطراب في معدل دقات القلب.
• ضربة الشمس أو التعب الشديد، يفرز جسم الإنسان العرق عندما يشعر بالحر لكي يُبرّد و يُخفض حرارته، إذ عندما يتبخّر العرق من جلدنا تحدث عملية التبريد.
و لكن من الممكن خلال الصوم في أيام الحر الشديد، أو عندما نجهد أنفسنا كثيراً أن يتوقف عمل الجهاز عن افرازات العرق، و بالتالي تبدأ درجة حرارة الجسم بالارتفاع لتصل إلى مستويات خطرة.
و يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم كثيراً إلى الإصابة بضربة شمس أو حصول التعب الشديد، مما يسبّب الصداع و الدوار و التشنجات العضلية، و أحياناً قد يهدد هذا الأمر الحياة.
و تكمن خطورة ضربة الشمس لأنها تحدث بشكل سريع و دون سابق إنذار إذا لم نلاحظ علامات حدوثها.
و لتجنُّب هذه المخاطر يجب على الصائم القيام بما يلي :
• التركيز على شرب السوائل بعد الافطار بطريقة ذكية أي بشكل متدرّج بين وجبات الطعام، كما أن تناول الأغذية التي تحتوي على سوائل بين أنسجتها مثل فاكهة البطيخ و البرتقال و التفاح على وجبة السحور، من شأنه أن يمد جسم الصائم بالسوائل لفترة لا بأس بها خلال فترة الإفطار.
تذكّر أننا في فصل الصيف نفقد الكثير من السوائل أكثر من الوضع الاعتيادي، لذا فمن الضروري أن نعوض المفقود.
و عند الصوم في الجو الحار تجنّب زيادة كمية الماء المستهلكة خلال الفترة الممتدة من الإفطار إلى السحور، و لكن ليس بإفراط لأن الزيادة المفرطة قد تسبّب أنواعاً أخرى من المشاكل.
• يجب على الصائم تجنُّب الخروج في الشمس في فترات الظهيرة و الفترات التي تشتد فيها الشمس؛ حتى لا يفقد جسم الصائم السوائل بواسطة التعرق و بالتالي يشتد إحساسه بالعطش.
• ينصح الصائم بالابتعاد عن الشمس ففي أوقات الشمس الحارة، أفضل مكان يمكن أن يأوي إليه الصائم هو الظل، و إذا كان مضطراً للجلوس تحت الشمس أثناء الصيام يفضّل أن يكون ذلك لفترات قصيرة، و أن يضع واقياً للشمس بعامل وقاية لا يقل عن 15 SPF.
و إذا شعر بالتعب أو الغثيان فيفضّل الابتعاد عن أشعة الشمس بأسرع وقت ممكن و الجلوس في الظل.
• ممارسة التمارين الرياضية باعتدال فلا يمكن للصائم ممارسة التمارين الرياضية في الأوقات الحارة، و يفضّل ممارسة رياضات مثل الركض أو الهرولة في وقت مثل قبل الغروب بقليل.
و عند ممارسة الرياضة أثناء الصوم ينصح بمراقبة الحالة البدنية بحذر؛ فإذا شعر الصائم بضيق نفس أو تسارع دقات القلب بشكل غير طبيعي عليه التوقف فوراً و محاولة تبريد جسمه بأخذ حمام بارد، و أخذ قسط من الراحة إن شعر بالدوار أو الدوخة.
• الحفاظ على برودة الجسم فارتداء الملابس الخفيفة و الواسعة و القطنية أفضل شيء أثناء الصوم في الصيف، و تذكر أن ارتداء الملابس الغامقة و الثقيلة يزيد من امتصاص الحرارة.
• تهوية المنزل حيث يُنصح خلال شهر رمضان المبارك بفتح نوافذ المنزل طوال النهار و الليل و يمكن استخدام المراوح، فهذا مهم لتبريد الجسم و خصوصاً في فترات الصيام و لا ينصح بالإكثار من استخدام مكيفات الهواء، بل يجب أن يقتصر استخدامها على أوقات الحر الشديد.
و لا شك أن لنوعية الغذاء الذي يتناوله الصائم و وقت تناوله الدور الكبير في تحمّله للعطش أثناء ساعات الصيام، و للتغلُّب على إحساسكم بالعطش نقدّم لكم بعض الإرشادات المساعدة :
• ابدأ إفطارك بتناول كمية من الماء أو العصير الطازج أو اللبن قبل البدء بتناول الطعام، لإمداد الجسم بالسوائل الضرورية.
• ننصحك بتناول طبق من الشوربة فهو يهيئ المعدة لاستقبال الطعام، كما أنه يمد الجسم بالفيتامينات و المعادن و يعوّض جزءاً من السوائل المفقودة خلال النهار.
• تجنّب تناول الأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات و التوابل خاصة عند وجبة السحور، لأنها تحتاج إلى شرب الكثير من الماء بعد تناولها.
• حاول أن تشرب حوالي 6 - 8 أكواب من الماء بعد فترة الإفطار و حتى وقت السحور، فهذا سيجنّبك الجفاف و الإمساك.
• تناول الخضراوات و الفواكة الطازجة بعد الإفطار و عند السحور، فهي تحتوي على كميات من الماء و الألياف تمكث فترة طويلة في الأمعاء مما يقلّل الإحساس بالجوع و العطش.
• إن الاعتقاد بأن تناول كميات كبيرة جداً من السوائل في فترة السحور يجنّب الصائم الشعور بالعطش هو أمر خاطئ؛ فالجسم يتخلّص من السوائل التي تدخل إليه بسرعة عن طريق الكلى، و بالتالي فنصيحتنا هنا هي ضرورة تناول كميات جيدة من الخضراوات و الفاكهة على وجبة السحور؛ حيث إن هذه المواد تحتبس كميات من الماء في أنسجتها و تظل في الأمعاء لفترات طويلة يتم خلالها إطلاق الماء إلى الجسم ببطء فيستفيد الجسم منها بشكل فعال و جيد.
• إن تناول 8 أكواب من الماء يومياً يُعد أمراً ضرورياً جداً لجسم الإنسان في كافة أيام السنة، فما بالك في رمضان ؟ لذا فإن الصائم ينصح بشرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء في الفترة الممتدة من الإفطار إلى السحور، و ينصح بشرب الماء و العصائر الطبيعية بدل العصائر المحلاة و المشروبات الغازية؛ كون المجموعة الأولى أكثر قدرة على إرواء عطش الصائم.
• ينصح الصائم و خاصةً في فصل الصيف بتجنّب تناول الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح و البهارات مثل المخللات و الأطعمة المعلّبة و ما إلى ذلك من أطعمة؛ لأنها تزيد من حاجة الجسم للماء و من إحساس الصائم بالعطش.
• تجنّب الأغذية و المشروبات السكرية المركّزة خاصةً في فترة السحور، لأنها تسحب السوائل من الدم.
و نحب أن ننوه في الختام إلى أسلوب خاطئ في قتل العطش يعمد إليه كثير من الصائمين يتمثّل في الإكثار من المشروبات الغازية و العصائر الجاهزة المحتوية على مواد مصنّعة و ملوّنة و المحتوية على كميات كبيرة من السكر، لتعويض نقص السوائل في الجسم، و قد ثبت أن هذه المشروبات تؤثّر على المعدة، و تقلّل من كفاءة الهضم و تحدث بعض الاضطرابات الهضمية و المعوية.
مكيفات الهواء
قد يكون الجلوس أمام المكيف مغرياً جداً و لكنه مؤذ على المدى الطويل فلا تُكثر من الجلوس عند المكيف حتى لو كنت صائماً، و إن كان و لا بد فإننا ننصحك باتباع التعليمات الصحية الآتية :
• لا توجّه شفرات المكيف مباشرة إلى النصف العلوي من جسمك، و خصوصاً الوجه و العنق و الكتفين، بل ارفع هذه الشفرات لتكون موجّهة للأعلى نحو السقف؛ لأن توجيهها على مثل هذه المنطقة قد يسبّب مشاكل مثل الصداع أو آلام في الأكتاف و العنق.
• لا تستخدم مكيف الهواء دائماً؛ فإذا كان الجو جميلاً، افتح النوافذ و استنشق الهواء العليل النظيف.
• لا تنس تهوية الغرفة، التي تستخدم مكيف الهواء فيها بين فترة و أخرى.
• اعمل على تنظيف و صيانة فلاتر الهواء بشكل دوري، بسبب ما يتجمّع فيها من الغبار و العفن.
• لا تترك المكيف عند نومك على درجات حرارة منخفضة جداً، بل لتكن معتدلة.
• ثبّت درجة حرارة المكيف على درجة معتدلة، و لا تبالغ في خفض درجة الحرارة.
تذكّر دائماً أن استنشاق الهواء الطبيعي النظيف أفضل بكثير من استنشاق هواء المكيفات، فاغتنم كل لحظة يمكنك التمتع بها بالهواء النظيف.
المصدر : جريدة الغد الأردنية