عندما يحل شهر رمضان المبارك كل عام يشيع حديث عن امراض الكلى و ماذا إذا كان من الممكن لمريض الكلى أن يُسمح له بالصيام و ما هي الاحتياطات التي تتخذ لتفادي المضاعفات ؟ من هنا ينبغي التعرُّف على وظيفة الكلى في جسم الانسان و أبرز أمراض الكلى و الجهاز البولي.
تنحصر وظيفة الكلية الاساسية في المحافظة على مكوّنات الدم و العمل على ثبات نسبة هذه المكونات، سواء كانت أساسية في الدم كالبلازما أو داخلة عليه كالأملاح و المركّبات الكيميائية.
و ترجع أهمية المحافظة على تثبيت نسبة مكونات الدم إلى أن هذه النسبة تلاقي تغيرات مستمرة أثناء الليل و النهار مثل الإكثار و الإقلال من شرب السوائل.. و من هنا تبرز أهمية الكلية في تصحيح المتغيّرات مثل كمية الماء بالجسم، فإذا زادت هذه الكمية أو نقصت نتيجة لاختلاف كمية الشرب نجد أنها تفرز الماء عن طريق التبوّل بكميات قليلة أو كثيرة حتى تحافظ على المعدل الطبيعي بالجسم.
ففي بعض الأمراض نجد أن المشكلة الرئيسة التي تواجه مريض الكلى هي عدم مقدرة الكلى على المحافظة على كمية السوائل ثابتة داخل الجسم و خصوصاً في حالات الصيام و الامتناع عن شرب الماء، و من هنا نعود إلى السؤال المهم عن مريض الكلى و الصيام.
و على سبيل المثال فإن مريض الكلى مثل أي مريض آخر يمكن أن يصوم على أن يتناول بعض العقاقير و الأدوية للعلاج، فإذا كان المريض يتناول عدة جرعات من أدوية مقسّمة على أوقات اليوم فعليه أن يلجأ لطبيبه المعالج ليُعيد تقسيم الجرعات على مرتين فقط و إن لم يكن ذلك ممكناً فعندها يكون الصيام غير ممكن أيضاً.
* ماذا عن أبرز أمراض الكلى و الجهاز البولي ؟
ـ التهاب حاد بالكلى و المثانة.. عبارة عن وجود ميكروب يصل إلى الجهاز البولي عن طريق الدم أو عن طريق الجهاز التناسلي و هو شائع بين الأطفال أو الكبار الذين يعانون من أمراض باللوزتين أو الحلق أو ضعف المناعة، و يتم علاجه بالمضادات الحيوية.
- كذلك وجود أملاح بالكلى أو المثانة.. عبارة عن وجود نسبة من الأملاح التي لا يستطيع الجسم التخلص منها مثل أملاح اليورات أو الأُكسلات و هي كريستالات صغيرة تلتصق بجدار الكلى و الحالب و تسبّب ألماً حاداً للمريض أو مغصاً كلوياً، و يتم علاجها بكثرة شرب السوائل مع أنواع خاصة من الفوّار أو إعطاء المريض محاليل بالوريد لزيادة تكوين البول و غسل الأملاح مع بعض المسكنات.
- و من أمراض الكلى أيضاً الالتهاب المزمن للكلى.. و هو عبارة عن تكرار الالتهاب الحاد بدون علاج أو بسبب أمراض بالأعضاء الأخرى مثل التدرُّن بالرئتين، و تسبّب هذه الأمراض ضمور الكلى و الفشل الكلوي، و يتم علاجها بالغسيل الكلوي مع إعطاء المريض كميات من الكالسيوم و البروتين بالحقن مع تنظيم الوجبات لتخفيف الحمل على الكلى.
- و أيضا أمراض وراثية أو خلقية.. مثل وجود أكثر من كليتين مثلاً أو أربع مع وجود أكثر من حالبين، و يسبّب هذا مشاكل للمريض نظراً لأن حجم الكلية يكون أصغر من الطبيعي مع وجود ضيق بالحالب ما يؤدّي إلى ارتفاع نسبة الأملاح و احتمال كسل في وظائف الكلى.
- و هناك أمراض مكتسبة.. و تشمل سقوط الكلى أي نزول الكلية عن مستواها في الجسم، و تظهر بعد الريجيم القاسي نظراً لاختفاء الدهون حول الكلى و تسبّب مشاكل مغص كلوي مع التواء بالحالب، و تعالج بزيادة وزن المريض مرةً أخرى.
* و ماذا يمكن أن نعرف عن حصاة الكلى ؟
ـ هي جسم صلب يتشكّل في الكليتين و يتفاوت حجم هذا الجسم، و المعروف بحصوات الكلى من حجم صغير لا يرى بالعين المجرّدة إلا بالمجهر إلى حجم يُقارب كرة الجولف قطرها حوالي 4.7 سم و تتكوّن معظم حصوات الكلى من أملاح الكالسيوم و لها عادة أشكال مختلفة، و قد تسبّب ألماً شديدا إذا انحشرت في مخرج البول و تتكوّن بشكلٍ رئيسي عند الرجال.. و في العديد من الحالات لا يستطيع الأطباء تحديد سبب تشكُّل الحصوات، و بعض الناس تكون لديهم قابلية لتكوين الحصوات القلوية و ذلك لأنهم يمتصون كمية من الكالسيوم عن طريق غذائهم و يُطرح الكالسيوم الزائد في البول و لكن قد يتبلور بعض الكالسيوم قبل أن يغادر الجسم مشكّلاً حصاة.
تمر معظم حصوات الكلية عبر البول إلى خارج الجسم، و عندما تنحشر الحصاة فقد يتطلب الأمر معونة الطبيب لاستخراجها، و في بعض الحالات يمكن أن يُزيلها الطبيب بإدخال أنبوب مرن داخل الحالب و هو قناة تحمل البول من الكليتين إلى المثانة، و قد يستعمل الأطباء أحياناً أشعة ليزر أو آلة تُدعى ( مفتت الحصى ) لمعالجة حصوات الكلية. و في المعالجة بالليزر يُدخل الطبيب ( ليفاً بصرياً ) و هو عبارة عن خيط رفيع من الزجاج أو البلاستيك إلى الحالب حتى يصل إلى الحصوات، و بعدئذ يولّد الليزر حزمة من الطاقة تمر عبر الليف و تُفتت الحصوات إلى قطع صغيرة تخرج مع البول، و يُركز مفتت الحصى موجات صدمية على الحصوات بينما يجلس المريض في مغطس ماء، و تحطم الموجات الصدمية الحصوات.
حصوات الكلية لها تاريخ طبي طويل و ميكانيكية تكوينها كانت تحت عديد من التجارب و التي حدث فيها تطور، و حصوات الكلية ظلت مرضاً محيراً و هي تختلف في أحجامها الدقيقة، مثل حبيبات الرمل إلى هذه التي يمكن أن تملأ تجويف حوض الكلية، و هي تتكوّن في الكلية أو الحالب أو المثانة و تقسّم إلى حصوات كالسيوم ( أوكسالات أو فوسفات ) حصوات حمض اليوريك أو حصوات فوسفات الأمونيوم و الماغنيسيوم، كل نوع من هذه الحصوات له العديد من الأسباب.
يعاني المصابون بحصى الكلى من حرقة شديدة في البول و تكرار التبوّل بشكلٍ غير طبيعي، مشيرين إلى أن 80% من حصى الكلى تنتج عن تراكم الكالسيوم في الكلى بسبب انخفاض تركيز مركب ( ستريت ) في البول الناجم عن خلل في عمليات الأيض في الجسم يؤدّي إلى ضعف امتصاصه، و نوّه الباحثون إلى أن الجراحة لإزالة الحصى أو باستخدام الليزر لتفتيتها إلى حصوات صغيرة الحجم تخرج مع البول. و أكّد هؤلاء أن بالإمكان التخلُّص من حصى الكلى في بداية تشكُّلها بتناول كبسولتين من مركب بوتاسيوم ستريت يومياً إلا أن ثمنها الباهظ لا يمكّن الكثيرين من تعاطيها، أما شرب عصير الليم و هو ضرب من الليمون الحامض يعرف باسمه العلمي ( ستراس أورانتيفوليا ) بانتظام يمثّل طريقة بسيطة و سهلة و غير مكلفة لزيادة محتوى الستريت الذي يمنع تشكُّل بلورات الكالسيوم و تحوّلها إلى حصى الكلى في البول نظراً لغناه بعنصري البوتاسيوم و الستريت.
* هل من نصائح لمرضى حصوات الكلى و المرارة ؟
ـ يجب أن تعلم أن نوع الطعام الذي تأكله ربما يكون له تأثير إيجابي أو سلبي على تكوين حصوات الكلى و المرارة و أنت الوحيد الذي يستطيع معرفة نوع الطعام الذي يناسبك فعليك بالآتي :
أولاً : حاول تفادي أو الإقلال من الأطعمة المحتوية على الكالسيوم مثل منتجات الألبان و سمك الأسقمري و السالمون و الملفوف و الساردين و التين المجفّف و البامية و الحمص ؟
ثانياً: حاول تفادي الأطعمة التي تحتوي على الأوكسالات مثل السبانخ و الرواند و الفول السوداني و الشوكولا و الشاي.
ثالثاً: قلّل من البروتين مثل اللحوم بأنواعها حيث أثبتت الدراسات أن حصاة الكلية أكثر لدى الناس الذين يتعاطون اللحوم بشكلٍ كبير.
رابعاً: قلّل من الملح حيث أنه يشارك في تكوين الحصى و لذلك يجب تناول الأطعمة قليلة الملح.
مسحوق اللبان مع أي سائل يفيد في إذابة حصى الكلى، و الكمون يدر البول، و الزعتر مفيد في حالة عسر البول، و أكل الحمص مع السكر يفيد في تفتيت الحصوة، و شرب العسل يدر البول أو يحبسه حسب حالة المريض. كما توجد أدوية في الطبيعة تُساعد في إخراج حصوات الكلى فيما تعد ثمار الليمون الأغنى بين الأنواع الأخرى من الحمضيات من حيث محتواها من مادة ( ستريت ) التي تساعد على منع ظهور الحصى في الكلى ثانية بعد نزولها أو تفتيتها.
* و ماذا أيضاً عن مرضى الكلى و ما هي النصائح لهم في رمضان ؟
ـ هناك أيضاً مرضى الفشل الكلوي الذي يجرون عملية الغسيل الدموي مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، و هؤلاء المرضى صحتهم العامة لا تمكّنهم من الصيام، أما إذا أصرّوا على الصيام فعليهم أن لا يُكثروا من شرب السوائل بعد الإفطار و الأغذية التي تحتوي على البوتاسيوم حتى لا يحتاجون لغسيل دموي عاجل. أما بالنسبة لمرضى زراعة الكلى فالصيام للمريض الذي أُجريت له زراعة كلية ممكن بشرط أن يكون بعد سنة على الأقل من إجراء العملية.
و الحقيقة هناك نصيحة مهمة لكل مرضى الكلى أو لأي مريض ينوي صيام شهر رمضان، و هي أن يستشير طبيبه المعالج المسلم قبل الإقدام على الصيام لأن حالة مريض ما قد تكون مختلفة و تحتاج لعناية خاصة.
المصدر : جريدة الصباح