فى مراجعة واستعراض حديث شامل لدراسات سابقة، تم التوصل إلى أن الصغار معرضون لنسب أكبر من الاكتئاب واضطراب القلق إن كان آباؤهم يتشاجرون أمامهم أو كانوا مسيطرين على حياتهم لدرجة كبيرة جدا.
كانت جريدة شيكاغو تريبيون الأمريكية قد نشرت أنه من إعادة دراسة 181 ورقة بحثية تتحدث عن العلاقة المحتملة بين سلوكيات الآباء والأمراض التى يعانى منها أبناؤهم، كتب مؤلفو الدراسة الحديثة أن الأبناء فيما بين الـ12 والـ18 عاما يقعون فى أولى نوبات الاكتئاب أو القلق.
يقول مؤلف الدراسة مارى ياب: "من المستحيل أن يمكن بالضبط قياس النسبة التى يؤثر بها الآباء مقارنة مع باقى العوامل التى قد تؤثر على الاكتئاب والقلق مثل البلطجة فى المدرسة ولكن من الواضح من كل الدراسات أهمية دور الآباء فى حياة الأبناء وأنه يؤثر جدا سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
حيث قام ياب بهذه الدراسة فى مجموعة الصحة النفسية للسكان فى كلية ملبورن للسكان والصحة العالمية فى أستراليا.
وفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها؛ يؤثر الاكتئاب على 5-10% من المراهقين، وإن أضفنا اضطراب القلق والهلع قد تصل النسبة إلى 25%.
التحليل الجديد لاحظ روابط أقوى بين سلوكيات الآباء، واكتئاب الأبناء بما فى ذلك الميل للمزاجى الحزين وعدم الاهتمام بالأنشطة، والقلق.
حيث توصلت الدراسة إلى أنه مرتبط بسلوكيات رصد أماكن الأبناء ومعرفة تحركاتهم، إلا أن سلوكيات أخرى كإعطائهم الاستقلالية فى اتخاذ القرارات داخل الأسرة هى مرتبطة بنسب أقل من الاكتئاب.
فوفقا لما ذكرته دورية الاضطرابات الوجدانية أن الآباء والأمهات الذين كانوا أقل حنانا ودفئا فى المعاملة والذين يجبرون أبناءهم، كان أبناؤهم أكثر عرضة للاكتئاب واضطراب القلق.
حيث يقول ياب إن السلوك السلبى من الآباء والذى لاحظناه من التحليل: "القسوة، الخذلان، السخرية، العداء، النقد، العقاب، التشهير أو رفض سلوكيات المراهق، وكذلك الصراع بين الوالدين والمراهق، هذا كله يعكس عدم التوافق بين الأهل والابن، وله دور بالغ حيث تكون الصراعات متكررة ولا تصل إلى حل".
ويضيف رون رابى أستاذ ومدير مركز الصحة النفسية فى جامعة مكارى فى أستراليا، وهو زميل لياب لكنه لم يشارك فى الدراسة: "معرفة أهمية دور الآباء يعطينا نقطة قوة فى مواجهة الاكتئاب والوقاية منه، فهناك عوامل أخرى تساهم فى صناعة القلق والاكتئاب لكننا لا نستطيع تغييرها".
ثم يستطرد رأبى: "الجينات، تاريخ عائلى من مشاكل الصحة العقلية، الفقر، وأخيرا العرقيات كلها لها علاقة باضطرابات المزاج فى سن المراهقة، وتلك عوامل أساسا غير قابلة للتغيير".
"ما نستطيع تغييره هو سلوكيات الآباء والأمهات مع المراهق، لو استطعنا معرفة الطرق التى بها يؤثرون فى مسيرة الاكتئاب والقلق لدى أطفالهم، يمكننا تعليم الآباء طرقا مختلفة لمنع تطور هذه الاضطرابات الوجدانية".
ويقول إن التوصية الرئيسية من هذه الدراسة: يجب على الآباء أن تكون داعمة وحنونة ومنفتحة مع أطفالهم، وأن يمنحوهم المبادئ التوجيهية وحدودا واضحة يسيروا فى ظلها، فى نفس الوقت لابد من إعطائهم الحرية فى التعامل واتخاذ القرار، والتعلم من أخطائهم، لا أن نسيطر عليهم.
التوصية الأهم أنه يجب أن تستخدم هذه الدراسة فى تعليم الآباء وتوجيههم لدورهم، وليس لإلقاء اللوم عليهم، بل لمساعدتهم فى تربية أبنائهم وتعزيز علاقتهم بهم.