يعانى الأغلبية العظمى من الأشخاص فى هذا العالم من العصبية الشديدة فى مواقف معينة، ولذا هذه الحالة العصبية والنفسية تزيد حولها الأسئلة وتتباين التفسيرات، وتشيع حولها الأفكار المغلوطة والتى يبينها جميعا الدكتور محمود عبد الرحيم غلاب، أستاذ علم النفس السابق بجامعة القاهرة، قائلا "الغضب، العصبية، الانفعال المتسم بالحدة والعنف، أمر يعتبره البعض طبيعيا لكونه منتشرا بين عدد كبير من الأشخاص، والبعض يعتره مرضا نفسيا أقرب إلى الجنون، وهى واحدة من المعلومات المغلوطة والمضللة حول هذه الحالة النفسية".
وهناك بعض الحقائق الغائبة حول طبيعة الغضب الحاد والانفعال العنيف، فعلى سبيل المثال يعتقد البعض أن اللجوء إلى شرب السيجارة أو الشيشة، أو تناول كوب من القهوة، أو تناول الطعام، طرق جيدة للتغلب على العصبية وإيقاف حالة الغضب والانفعال التى تصيب الكثيرين، والحقيقة تنافى هذا الكلام، ففى واقع الحال التدخين وتناول الطعام بكثرة وشرب المشروبات المليئة بالكافيين، تساعد على زيادة انفعاله، وتزيد من وقود غضبه، وعدم تحمل الشخص لهذه النوبة الشديدة التى تنتابه، بل إنها تعمل على زيادتها واحتقان نفسية الشخص الغاضب، فتدخين سيجارة واحدة كفيلة بزيادة حدة غضب الشخص أضعاف مضاعفة، لا تهدئته.
يعتقد البعض أن الشخص العصبى المنفعل الغاضب شخص سيئ، وغضبه إرادى وباختيار منه، ويمكنه إيقافه وقتما يشاء، ولكنه يختار الغضب ويفضله عن تهدئة النفس، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ، فالشخص المريض بالغضب والانفعال الشديد فى كثير من الحالات لا يكون مخيرا بين العصبية والهدوء، بل يحدث أن يصاب بحالة غاضبه لا يمكنه إيقافها، وهى حالة مرضية شائعة جدا ولا يمكن إنكارها، ولا يصح الحكم على شخصيته من خلالها بشكل عام، فالشخص العصبى ليس سيئا فى كل شىء، بل هو شخص مصاب بحالة عصبية يجب مساعدته.
يعتقد البعض أن العصبية "عيب" خارجى وصفة يكتسبها الشخص ويختارها بمحض إرادته، ولكن هذا الكلام عار تماما من الصحة، فالعلم والأبحاث أكدت على أن أغلب المصابين بالغضب والانفعال الحاد، قد يكون ولد به، وجزء عميق وأساسى من الشخصية، أما زيادة حدتها أو نقصانها يعتمد على أسباب أخرى خارجية وفى يد أغلب المرضى.
ونصح الدكتور محمود غلاب بمحاولة تفهم المحيطين بالشخص الحاد الغضب بطبيعة حالته، والعوامل التى تزيد من نوبات غضبه ومحاولة تجنبها، والتحدث معه بشكل هادئ ومساند، حتى وإن تطلب الأمر تدخلا طبيا فوريا مدعما.