من كان ليعلم أنّ إضافات غذائية بسيطة، مثل إضافة الفستق الحلبي، قد تؤدّي إلى منافع صحّية عدّة لم تكن يوماً في الحسبان ؟ إذا كنتم تبحثون عن وسيلة سهلة و لذيذة لتزويد أجسامكم بقيمة غذائية عالية و منافع صحّية لا تُفوّت، أدخلوا منذ اليوم هذا النوع من المكسّرات إلى أطباقكم ! بالتأكيد سمعتم خبراء التغذية ينصحون مراراً و تكراراً بتناول حفنة من المكسّرات النيئة كسناكٍ صحّي بدلاً من الشيبس و البسكويت بما أنها مفيدة للجسم و الصحّة.
و قد تعتقدون أنّ اللوز و الجوز هما فقط الأنواع التي يجب التركيز عليها، خصوصاً و أنه يُنصح بهما غالباً لخفض الكولسترول السيّئ. لكن ما يجهله معظمكم أنّ الفستق الحلبي لا يقلّ أهمّية عن سائر أنواع المكسرات، لا بل إنه قد يتفوّق عليها أحياناً.
و يُعتبر الفستق من أقدم أنواع المكسّرات التي استُخدمت في العالم، و هو نوع من الفاكهة الجافة التي تعيش في المناخ المتوسّط، خصوصاً في سوريا، لذلك يُعرف بالفستق الحلبي. إنه متوافر بأشكال متعدّدة مثل المقشّر و غير المقشرّ، المملّح و الحلو.
و يُنصح بشراء الفستق الحلبي غير المقشّر بما أنه بذلك يحافظ على شكله الطبيعي و يكون غير مصنّع، كذلك فإنّ قشرته تحميه من الأضرار و مختلف العدوى. و في المقابل لا يُفضّل اللجوء إلى الفستق المالح أو الحلو لاحتوائهما كمية عالية من الصوديوم و السكر. أما و للحفاظ على جودته لأشهر عدّة، يجب تخزينه في أوعية مُحكَمَة الإغلاق و في مكان بارد و جاف.
منجم من المغذّيات
الفستق الحلبي ليس مجرّد نوع من المكسرات اللذيذة، إنما يحتوي أهمّ المغذيات التي يحتاجها الجسم لصحّة كاملة. فهو يحتوي تقريباً 50% من المواد الدهنية، من بينها 83% من الأحماض الدهنية غير المشبعة المفيدة جداً للصحّة. كل 100 غ منه تحتوي 568 كالوري، 28 غ من النشويات، 20 غ من البروتينات و 45 غ من الزيوت.
و الأمر المذهل أنّ هذه الحبوب الصغيرة تضمّ أكثر من 30 مادة غذائية كالألياف، و الفيتامينات A وB1 وB2 وB3 وB5 وB6 وB9 وC وE وK، و معادن الفوسفور و البوتاسيوم و الكالسيوم و الحديد و الماغنيزيوم و الزنك و النحاس و المنغنيز و السلينيوم، إضافةً إلى مجموعة من أهمّ المواد المُضادة للأكسدة كـ البيتا كاروتين و اللوتين ( Lutein ) و الزياكزنتين ( Zeaxanthin )، ما يجعله مثاليّاً لصحّة أفضل.
و يحتوي الفستق الحلبي على مستوياتٍ أعلى من البروتينات و أيضاً من معدن البوتاسيوم مقارنةً بأنواع أخرى من المكسرات كاللوز و الكاجو و البندق و المكاديميا و الجوز. كما و يضمّ أعلى جرعة من الفوسفور، جنباً إلى جنب مع اللوز و الكاجو.
و في المقابل يحتوي أقلّ كمية من الدهون مقارنةً بالأنواع الأخرى، غير أنه يُعَدّ مصدراً جيداً للدهون الأحادية غير المشبعة. أما مستوى الصوديوم الموجود في الفستق الحلبي النيّئ فيبلغ صفر ملغ، ما يجعله مفيداً لمرضى الضغط المرتفع المطلوب منهم خفض كمية الصوديوم من غذائهم إلى أدنى معدل ممكن.
منافع لا تُثمَّن
و إذا كنتم تعتقدون أنّ ميزات الفستق الحلبي تقتصر فقط على قيمته الغذائية العالية، فأنتم تُفوّتون عليكم معلوماتٍ ثمينة ! و في ما يلي أبرز خصائصه الصحّية :
* صديق للقلب : من أبرز المنافع التي يقدّمها الفستق أنه مفيد جداً للقلب. أظهرت الدراسات أنّ استهلاكه بانتظام يساعد على خفض مستويات الكولسترول السيّئ ( LDL ) في الجسم، و في المقابل رفع معدلات نظيره الجيّد ( HDL ). إن مواد الفيتوستيرول المضادة للأكسدة و الدهون الأحادية و المتعددة غير المشبعة هي المسؤولة عن هذه الخصائص الذهبية.
* السيطرة على الوزن : يُعتبر الفستق الخيار الأول للأشخاص الذين يتبعون حمية هادفة إلى خسارة الوزن. و الفضل في ذلك يعود إلى أنه قليل الدهون المشبّعة و السعرات الحرارية بحيث تحتوي كلّ حبة فقط نحو 4 سعرة حرارية ( كالوري ). كما و إنه غني بالبروتينات و الدهون غير المشبّعة ما يجعله مرشّحاً أساسياً للتحكّم في الوزن مقارنةً بالمكسرات و الفاكهة المجففة الأخرى.
* خفض خطر الضمور البقعي المرتبط بالعمر : يحتوي الفستق مواد الكاروتينويد المُضادة للأكسدة، كاللوتين و الزياكزنتين، التي تساعد على خفض خطر إصابة الكبار بالضمور البقعي.
* تعزيز الهضم : من بين المنافع الصحّية الأخرى للفستق الحلبي، تبيّن أنه يحسّن هضم الطعام و يسهّل حركة الأمعاء بفضل احتوائه جرعة عالية من الألياف التي تعزّز أيضاً النشاط البكتيري في القولون.
* مُثير للشهوة الجنسية : أظهرت الدراسات أنّ الرجال الذين استهلكوا يومياً نحو 100 غرام من الفستق لثلاثة أسابيع تحسّنت لديهم وظيفة الانتصاب بنحو 50%. و قد أُثبت ذلك من خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية لتدفق الدم في العضو الذكري.
* مُضاد للأكسدة : حتى قشرة الفستق تبيّن أنها تحتوي كمية لا بأس بها من مُضادات الأكسدة ! من الأساسي الحصول على هذه المواد بما أنها تعوق الجذور الحرّة من تدمير خلايا الجسم و زيادة خطر الإصابة بالسرطان و أمراض القلب.
* إمتصاص الحديد : يملك الفستق محتوى عالياً من النحاس يساعد على امتصاص كمية أكبر من الحديد الموجود في المصادر الغذائية، و بالتالي الوقاية من الأنيميا.
* محاربة التوتر و العصبية : بفضل المواد الغذائية الموجودة فيه، كالريسفيراترول و اللوتين و الماغنيزيوم، يساعد الفستق الحلبي على تخفيف الإجهاد و تنظيم ضغط الدم.
* يحتوي كمية مهمة من مادة غاماتوكوفيرول، أيْ الفيتامين E، التي تساعد على الحدّ من خطر الإصابة بسرطان الرئة.
الكمية الملائمة
لكن على رغم هذه الفوائد يجب على بعض الأشخاص الإمتناع كلّياً عن تناول الفستق الحلبي. فمَن يعاني حساسية على تناول المكسرات، خصوصاً الجوز و الفستق، عليه تفاديها بمختلف أشكالها و المنتجات التي تدخل في تركيبتها بما أنها قد تسبب لهم ما يُعرف بالصدمة الحساسية، و هي حالة حادة من الحساسية تحصل نتيجة عدم قدرة الجسم على التعرّف إلى الطعام المتناول.
كذلك يُمنع على الأشخاص الذين لديهم حِصى الكلى، خصوصاً من نوع الأوكزالات، تناول الفستق الحلبي لأنه يحتوي كمية مرتفعة من هذه المواد التي قد تتكدّس في الكليتين و تسبب لاحقاً مشكلات في المجاري البولية.
و ننصحكم بتناول هذا النوع من المكسرات بانتظام و التركيز عليه في موسمه للحصول على قيمة أعلى من فوائده، و الأفضل أن يكون نيّئاً. أما في حال شويه، فيُستحسن عدم إضافة إليه الملح تفادياً لأيّ انعكاسات سلبيّة على الدورة الدموية و ضغط الدم، و ننصح بتناول 15 إلى 20 حبة في اليوم بدلاً من حصّة أخرى من الدهون الصحّية التي تتناولوها عادة، كالزيت أو الزيتون، و بذلك تحافظون على توازن سعراتكم الحرارية و تتمكّنون حتماً من القضاء على كيلوغراماتكم الزائدة و تقدّمون لأجسامكم باقة لا تُثمّن من أهمّ المنافع الصحّية.