تعد تجربة الحمل من أهم التجارب التى تمرين بها فى حياتك، وعلى الرغم من كل ما تمرين به فى تلك الرحلة التى تمتد لتسعة أشهر إلا أنها تظل من أكثر التجارب متعة، فإرهاق الجسد وتغيراته لا تضاهى روعة إحساسك بحياة وروح تنمو بداخلك.
ولعل من أكبر الهواجس التى تواجه المرأة طوال تلك الفترة هى الحفاظ على الجنين ونموه بشكل صحى.
الدكتور عطية أبو النجا، استشارى أمراض النساء والولادة، يرصد لنا جميع المشاكل التى قد تواجهك أثناء الحمل قائلا، ينقسم الحمل إلى ثلاثة أقسام أو فترات، كل منها تستمر ثلاثة أشهر، ولكل منها مخاطرها وأمراضها الخاصة التى تختلف عن الفترة الأخرى:
الثلث الأول
ويقول أبو النجا، إن هناك العديد من المشاكل التى قد تواجه السيدة فى تلك الفترة وتهدد استمرار الحمل ولعل من أهمها:
- مشاكل المشيمة، وانفصالها الجزئى أو الكلى عن الرحم كأن تنمو بمعدل أقل من معدل نمو الرحم، أو العكس أو أن يتقلص حجمها فى مقابل زيادة تمدد الرحم وكبر حجمه، ويحدث ذلك غالبا نتيجة لوجود عيب بالمشيمة، وهو ما يجعلها تنفصل عن الرحم فيما يشبه التقشر، حيث تتكون المشيمة من مجموعة أوعية دموية ملتصقة بالرحم وانفصالها عنه يؤدى إلى خروج نقاط من الدم، وفى بعض الحالات قد لا تدرك السيدة أنها حامل بعد، خاصة فى الأسابيع الأولى، فتظن أن هذا الدم هو دوره شهرية غير منتظمة، وبالتالى تترك الأمر ولا تواليه اهتماما مما يساعد على تفاقم المشكلة بشكل أكبر، لتفاجأ بعد ذلك بأنها حامل فى بداية الشهر الرابع أو تفاجأ بالإجهاض.
لذا ننصح كل سيدة تعانى من عدم انتظام فى الدورة الشهرية أن تتوجه فورا للطبيب المختص، وتحرص على إجراء أشعة بالسونار .
كما أن انفصال المشيمة له العديد من الآثار السلبية على الجنين ونموه الصحى، فتكون الدم حول الجنين يساعد على زيادة نسبة التلوث والالتهابات، وبالتالى تزيد المخاطر التى يتعرض لها.
وعلاج انفصال المشيمة فى الشهور الأولى يكون باستخدام المكملات والعلاجات الهرمونية التى تعوض النقص الذى يحدث نتيجة عدم قدرة المشيمة على إفراز هرموناتها بصورة طبيعية وكاملة.
- التهاب مجرى البول:
أسباب كثيرة تؤدى إلى زيادة نسبة التهاب مجرى البول أثناء الحمل ومن أهمها:
- كثرة مرات التبول: فمن الطبيعى وفى بداية شهور الحمل أن يتمدد الرحم ويزداد حجمه، وهو ما يجعله يضغط على المثانة، وهنا تزيد رغبة السيدة بالتبول بشكل متكرر.
- مع تكرار التبول يحدث تهيج للمثانة، خاصة أن قناة مجرى البول لدى المرأة قصيرة إلى حد ما.
- تركيز البول: ففى حالة إصابة السيدة بغثيان الحمل، تتقيأ بشكل متكرر، وبالتالى تفقد كمية كبيرة من السوائل بالجسم وهنا يزيد تركيز البول.
- الالتهابات المهبلية: وتحدث نتيجة للإصابة بالميكروبات أو الفيروسات المختلفة.
كل ما سبق ذكره هو عوامل مساعدة على حدوث التهابات المثانة، خاصة أنها ترتبط جميعها ببعضها البعض، وتمثل تهديدا لاستمرار الحمل فى تلك الفترة.
وعلاج هذه الحالة يكون بتناول كميات كبيرة من المياه والسوائل لتعويض النقص الذى تتعرض له السيدة نتيجة لغثيان الحمل، مع ضرورة الكشف عن وجود التهابات مهبلية قبل بداية الحمل وعلاجها، ويجب أيضا تجنب تناول الأملاح.
- أمراض الأنف والأذن والحنجرة:
زيادة درجة الحرارة الناتجة عن الإصابة بميكروب أو فيروس، كتلك التى تصيب الأنف والأذن والحنجرة، لها العديد من الآثار السلبية، خاصة فى حالة كون السيدة قد تعرضت لحمى روماتيزمية فى الصغر، حيث من المحتمل فى تلك الحالة أن تتطور إلى مشاكل كبيرة بالقلب والرئة، وفى تلك الحالات يوصف أنواع من المضادات الحيوية القوية جدا لمنع تطور الميكروب.
كما أن الأعراض الناتجة عن نزلات البرد، مثل السعال الشديد، قد تؤثر سلبا على الرحم، وتؤدى إلى حدوث انقباضات شديدة به.
وفى بعض الحالات التى تعانى من حساسية الصدر يمكن أن تصاب السيدة بنزلات ربوية حادة، والتى تمثل خطرا على إمداد الجنين بالأكسجين اللازم لنموه وهنا يوصف لها علاج الكورتيزون.
4- الإجهاض المتكرر:
حالات الإجهاض المتكرر فى الشهور الأولى، من الحالات التى تتطلب رعاية وفحصا جيدا لمعرفة سبب تكرار الإجهاض، لذا ننصح دائما بأخذ عينة من الجنين المجهض وتحليلها، وهى ما توضح ما إذا كان الإجهاض ناتجا عن إصابة فيروسية، أو أى إصابة أخرى.
كما يجب فى تلك الحالات أن يجرى للسيدة تحليل "التورش" للكشف عن أهم خمسة فيروسات تسبب الإجهاض المبكر وعلاجها قبل الحمل التالى.
5- النزلات المعوية الحادة:
إن الإصابة بالنزلات المعوية مثل التيفويد والسلامونيا تعد من الأسباب التى قد تعرض الحمل لمخاطر عديدة، كما أن الإصابة بالحمى وارتفاع وانخفاض حرارة الجسم غالبا ما يسبب الإجهاض المبكر للجنين.
الثلث الثانى
تعتبر الفترة الثانية، والتى تبدأ من بداية الشهر الرابع إلى بداية الشهر السابع من أكثر الفترات استقرارا فى الحمل، ولكن بالنسبة للمشاكل المحتملة فى تلك الفترة، فبجانب جميع الأسباب التى قد تعرض الأم لمخاطر الإجهاض فى الثلث الأول للحمل يضاف إليها قائمة أخرى فى الثلث الثانى من أهمها:
- التقلصات الرحمية ومشاكل الرحم التى تظهر بوضوح أكبر فى تلك الفترة، وترتبط بتكوين الرحم نفسه، كالرحم الصغير أو الرحم ذى القرنين، وفى أغلب تلك الحالات يكون علاجها بعمل ربط للرحم حتى نهاية فترة الحمل.
- كما أن هناك بعض المشاكل التى يمكن أن تواجه السيدة فى تلك الفترة، مثل ثقب كيس المياه، وهو ما يعمل على نقص المياه أو ما يسمى السائل الأمينوسى المحيط بالجنين، ويعتبر من أهم الأسباب التى قد تؤدى إلى الولادة المبكرة فى حالة حدوثها بعد الأسبوع الثامن والعشرين أو أن تؤدى إلى الإجهاض، إذا ما تعرضت السيدة لها قبل الأسبوع الثانى والعشرين أو الرابع والعشرين.
الثلث الثالث
وهى الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل، ومن أهم المشاكل التى يمكن أن تواجه السيدة فى تلك الفترة هى الانفصال المبكر للمشيمة، وهو ما يؤدى إلى وجود نزيف ويعرف بـ(حالة النزيف ما قبل الولادة) وتعتبر تلك من أخطر المشاكل التى يمكن أن تتعرض لها السيدة وتتطلب سرعة إخراج الجنين لإنقاذ حياته وحياة السيدة الحامل أيضا.
وفى النهاية يوضح الدكتور عطية أبو النجا أن كل ما سبق ذكره يخص المشاكل التى يمكن أن تتعرض لها أى سيدة طبيعية لا تعانى من أمراض مزمنة أو خطيرة، مثل السكر أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل الكبد والكلى والقلب، وهى الحالات التى تواجه عددا آخر من المشاكل بجانب كل ما سبق ذكره.