البرود والملل الذى ينهش فى الحياة الزوجية، ويتسرب إليها بعد مدة من الزواج، وتعود كلا الزوجين على بعضهما البعض، هو سبب أكثر الاضطرابات النفسية العاطفية التى تصيب الزوج والزوجة، هذا ما أكده الدكتور محمود عبد الرحيم غلاب أستاذ علم النفس السابق بجامعة القاهرة، مؤكدا أن الملل الزوجى هو أمر طبيعى قد يصيب أغلب المتزوجين، ولا خطورة منه مادام فى حدود الحالة الطارئة، ولكن تظهر خطورته بمجرد تحوله إلى أزمة حقيقية دائمة لا يستطيع الزوجان التغلب عليها، وتقف أمامهما كعائق ووحش ضخم لا يستطيعان التغلب عليه، هنا تظهر المشكلة بالفعل.
الملل والبرود أو الفتور العاطفى بين الزوجين، مجرد حالة من التعود والتوحد الجسمانى والنفسى والعاطفى والعملى بينهما، وهو ما يجعل الحياة مملة، ولم يعد هناك جديد يتم اكتشافه، وهى طبيعة البشرية جمعاء، ولا خوف منها، وهذه الحالة يتم كسرًا بأى موقف أو حدث جديد فيه يشعر الإنسان بعواطف وانفعالات وأحاسيس وردود أفعال مختلفة، وتعاطٍ مختلف مع الطرف الثانى، ما يجدد الحياة بينهما.
أما عن النوع الخطير من البرود والرتابة الزوجية، فيظهر عندما يستمر ولا ينقطع بالرغم من مرورهما خلال فترة طويلة بمرافق جديدة ومختلفة، ولا يشعران بالتجديد أو الحماسة، ويفقدان أية رغبة فى الإصلاح، وتجد الطرفين لا يريدان بذل الجهد لتحسين حياتهما الزوجية وتجديدها، هنا يصبح الزوجان فى مشكلة حقيقية، ويكون كل طرف قد أصيب باضطراب نفسى وعاطفى حقيقى، لا يستطيعان السيطرة عليه بمفردهما، وهنا يحتاج الطرفان لمساعدة أحد المختصين فى الاستشارات الزوجية والمتابعة لدى طبيب نفسى، لأن هذا الاضطراب العاطفى الذى يصيب فى الغالب الزوجين معا، يدمر الحياة الزوجية ويجعلهما كل يوم أكثر فتورا مما سبقه. واللجوء لمختص سوف يقرب وجهات نظرهما، ويضع نفسه على اضطرابهما المزدوج، ويحاول علاجه، ويحاول التقريب بينهما فكريا، وخلق مجال فكرى نفسى وعاطفى جديد بينهما لا يروونه بأنفسهما، ويضعهما بداخله فيبدآن مجددا فى التعاون سويا لإنقاذ زواجها.