لا شك أن حقيقة التبنى مؤلمة نفسيا، ولا ينكر أحد أنها من أقسى الحقائق على الإطلاق، لأنها تتعلق بشكل مباشر بهوية الشخص، وتكوينه وانتماءاته وكينونته، وتذهب الكثير من الآراء إلى تفضيل إخبار الطفل بكونه تم تبنيه، ولم تلده أمه، وأن أبيه ليس هو ذلك الأب الذى يعرفه، وهو فى سن النضج، ويذهب آخرون إلى الرأى القائل بأن هذا الطفل يجب أن يعرف طبيعة انتسابه للعائلة منذ نعومة أظافره ومنذ لحظة التبنى.
أكد الدكتور محمود عبد الرحيم غلاب، أستاذ علم النفس سابقا بجامعة القاهرة، على أن الآراء تختلف وتتفق، ولكن هناك اعتقاد خاطئ وحيد، وهو أن هناك سنا بعينه يمكن إخبار الطفل فيه بأنه قد تم تبنيه، وأنه ليس فردا فى هذه العائلة عن طريق الدم، والنسب، مشيرا إلى أنه لا يمكن لشخص تحديد الوقت المثالى لهذا الحدث، إلا بعد توافر شرطين، أولهما أن يتم متابعة الحالة مع متخصص فى العلاقات الأسرية، وأن يعاونه طبيبا نفسيا اجتماعيا آخر متخصصا فى المرحلة العمرية التى ينوى الأبوان إخبار الطفل فيها، ومتخصص فى هذه النوعيات الأسرية الشائكة، وثانيا تحديد حالة الأسرة فى توقيت هذا الحدث الهام، بمعنى ألا تكون الأسرة فى حالة معاناة مؤقتة من مشكلات أسرية داخلية، أو وجود فجوات بين أفرادها فى نفس توقيت إخبار الطفل بهويته.
وأوضح أن الحديث عن الجزم بوجود وقت معين ومحدد بعينه لإخبار الطفل عن هويته، كلام عار من الصحة، لأن هذا الحدث العميق والقوى سيكون الأقوى والأهم على الإطلاق فى حياة الشخص، حتى آخر يوم فى حياته، ويجب تحديده بمنتهى الدقة، ناصحا بأن يحدد ذلك شخصا محايدا عالما ليس فردا من أفراد الأسرة، وعليه أن يتعرف من أفراد الأسرة على كل المعلومات عنها وعن الطفل، ويحدد التوقيت المناسب بالتعاون مع أخصائى نفسى اجتماعى متمرس فى هذه الحالات.