نستهين كثيراً بمرض الإنفلونزا الذي يصيبنا عادة في فصل الشتاء نتيجة تبدّل الجو، فنعتمد على بعض المسكّنات ونلتزم الفراش لأيام لحين الشفاء منه، لكن للأطباء رأيٌّ آخر حول مدى خطورة الإنفلونزا.
وعدّد موقع "popsci 4" أسباباً عدّة من شأنها المساعدة في تدهور الحالة المرضية لمصابي الإنفلونزا حتى ينتهي الأمر إلى الوفاة بعد مراحل مختلفة من تفاقم الحالة، فما هي هذه الأسباب؟
المرحلة العمرية
تزيد فرص مرض الإنفلونزا في أن يصبح قاتلاً لدى الأطفال الذين لم يتجاوزوا عمر الـ 8 أشهر، وكبار السن في عمر الثمانين، وذلك لأنَّ أجساد الأطفال في هذه السنِّ المبكرة لا يكون لديها الأجسام المضادة اللازمة لمواجهة المرض والتي عادة ما تتكوّن بتكرار الإصابة بالمرض ذاته، لذا فإنّ جهازهم المناعي يكون ضعيفاً للغاية.
من ناحية أخرى يكون مصابو الإنفلونزا من كبار السن أكثر عرضة للوفاة بمرض الإنفلونزا، لأنَّ جهازهم المناعي، كغيره من أجهزة أجسامهم في تلك المرحلة، يعاني تدهوراً كبيراً في وظائفه، وهذا لا يعني أنَّ الشباب محصَّنون تماماً من الوفاة بالإنفلونزا إلا أنَّ فرص حدوث ذلك لديهم أقل نسبياً مقارنة بالمراحل العمرية الأخرى.
الالتهاب الرَّئوي
تعتبر الالتهابات في حدِّ ذاتها أحد مظاهر مكافحة جهاز المناعة للفيروسات، فيحدث الالتهاب كردِّ فعل من الجسم على الحرب الدائرة بين كُرات الدم البيضاء والفيروسات بمختلف أشكالها، وهو ما يحدث على سبيل المثال عند إصابة الجلد بعدوى ما، لكن في حالة الإنفلونزا يحدث الالتهاب في الرئة، وهو ما يشكل خطورة كبيرة خاصة عند تطور الأمر.
كما يشكل الالتهاب الرئوي خطورة كبيرة لأنَّه يؤدي إلى منع وصول الأوكسجين من الرِّئتين إلى خلايا الجسم وأوعيته الدموية، إذ أن الأوكسجين ينتقل عادة إلى الجسم عن طريق أوعية دموية دقيقة للغاية في الرئتين، وعند الإصابة بالتهاب الرئة تتلف أنسجتها، وثلث حالات الوفاة من الإنفلونزا تحدث نتيجة الالتهاب الرئوي، وهو ما يعرف في مراحلة الأخيرة بالفشل التنفسي.
الإنتان
وهي حالة مرضية خطرة عبارة عن التهاب في سائر جسم الإنسان، حيث تتورّم جميع أعضاؤه، وتنتج تلك الحالة عن أنّ الجهاز المناعي يدفع بكميات كبيرة من خلاياه لمهاجمة الفيروس، فيكون الالتهاب الناتج عن هذه المكافحة أكبر من قدرات الجسم على التعافي، ما يؤدِّي في النهاية إلى فشل في جميع الأعضاء دفعة واحدة.
ويكون القلب والمخ أضعف ما يكون أمام الالتهابات في حالة الإنتان، وبطبيعة الحال فإنّ اختلال وظائف أحد هذين العضوين كفيل بإحداث الوفاة، إلا أنّهما لا يمكنهما التعامل مع الالتهابات كغيرهما من الأعضاء مثل الكبد على سبيل المثال، ويؤدِّي التهاب المخ إلى الوفاة الفورية، في حين أن التهاب عضلة القلب إن لم يؤدي إلى الوفاة السريعة فإنّه يسبب مشاكل جسيمة.
إطلاق البكتيريا الضارة في الجسم
تستضيف أجسامنا العديد من أنواع البكتيريا بعضها لا يؤذينا والبعض الآخر نافع الجسم، وصنف ثالث من نوع خطر لكنَّه موجود في الجسد بكميات محدودة وتكون كامنة بحيث لا تؤذِي الجسم، لكن في ظلِّ الحرب التي يشنها جهاز المناعة ضدّ الفيروسات المهاجمة للجسم، تضعف قوته ما يسمح لذلك النوع الخطر من البكتيريا بالانطلاق في مختلف أجزاء الجسم وخاصة الرئتين حيث تسيطر عليهما.
يحدث التهاب رئوي في هذه الحالة، لكنَّه يختلف عن الحالة المذكورة في النقطة الثانية بأنّه لا يسبب الوفاة السريعة، بل تحدث الوفاة بعد مرور عدة أيام، والغريب أنّ الوفاة تحدث بعد أن يبدأ المريض في الشعور بالتعافي من فيروس الإنفلونزا وتأثيره على أعضاء الجسم، ليفاجأ المريض بعدها بوعكة جديدة أكثر حدَّة، إذ تكون البكتيريا في هذا الوقت أتمت مهمة الانتشار في الرئة بالكامل، كما أنّ الجهاز المناعي لا يكون وقتها في حالة تسمح له بمزيد من المقاومة.
(سبوتنيك)