لكل عيد مائدته والحلويات الخاصة به، ولا سيّما في بلد مثل لبنان حيث تقوم الاجتماعات والاحتفالات في أغلب الأحيان، على الطعام. عيد الفصح المجيد، مثله مثل بقية الأعياد الدينية والمختلفة التي يحتفل بها اللبنانيون، له "عدّته" الغذائية المميّزة، وعلى رأسها البيض الذي يُسلق ويلوّن بألوان زاهية تحاكي الفرح والحياة، علماً أنّ لسلق البيض وتقديمه كضيافة رمزية دينية، وقد بات هذا التقليد أيضاً مُنتظراً على أحرّ من جمر من قبل الصغار والكبار على حدّ سواء الذين يعمدون إلى المبارزة في "تفقيس" البيض.
ولعلّ السؤال الذي يشغل بال جميع من يهتمون بصحتهم ونظامهم الغذائي يتمحور حول أضرار البيض أو فوائده المُحتملة. فماذا عن هذا الأمر، وما هي المعلومات الغذائية المتعلقة ببقية مكوّنات ضيافة العيد أو أطباقه؟!
في حديث لـ"لبنان24" تجيب اختصاصية التغذية كريستيل بدروسيان عن هذه الأسئلة وغيرها، فتلفت بداية إلى "شوكولا بيض العيد" الذي يُشكّل بدوره ركيزة ضيافة الفصح الأساسية، شارحة إن كل "بيضة" (حبة شوكولا) صغيرة الحجم تحوي 72 سعرة حرارية، وهي نسبة ليست كبيرة. لكنها تنبه إلى مغبة الاعتقاد بأن صغر حجم هذه البيضة يسمح باستهلاك أكثر من واحدة:" يمكننا أن نكتفي بواحدة، علماً أنّ كل بيضة "كندر" كبيرة تحوي 1000 كالوري".
ومن البيض "الأسود" ذي المذاق الحلو إلى البيض الحقيقي، سواء كان بلدياً أو زراعياً، تتنقل بدروسيان لافتة في بداية الأمر إلى أنه منذ عشرين سنة وما قبل كان يسود اعتقادٌ بأن البيض يسبب الكوليسترول وانسداد الشرايين وقد كان مدرجاً على لائحة الممنوعات لا سيّما بالنسبة للأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية!
تضيف بدروسيان:"أما اليوم، وبفضل كلّ الدراسات التي تثبت كمّ أن تناول البيض صحيّ، لم يعد مسموحاً تجنبه و"نبذه"!
ويحوي البيض العديد من الفيتامينات والمعادن بما فيها تلك التي لا نجدها في أنواع أخرى من الأغذية، كما أنه مصدر هامّ للبروتين علماً أنه ليس عالياً بالسعرات الحرارية (كل بيضة تحتوي 70 إلى 80 كالوري).
وتقول بدروسيان:" وبخلاف ما كان شائعاً في السابق بتنا اليوم ننصح جميع الأشخاص بتناول البيض ولا سيّما منهم أولئك الذين يعانون من البدانة ويسعون إلى تخفيف الوزن، ذلك أنّ البيض يؤدي إلى الشعور بالشبع بخاصة إذا ما تمّ تناوله على الفطور مع خبز من القمحة الكاملة".
إذاً يمكن للبيض أن يدخل بسهولة في "الدايت" وهو ل يُعرّض مستهلكه إلى أمراض القلب بحسب ما تؤكد الدراسات العلمية.
وإذ يتوّجب على الفرد تناول حصتين إلى ثلاث من مجموعة البروتينات التي تشمل السمك واللحوم والدجاج والحبوب، فإن البيض الذي ينتمي إلى هذه المجموعة يمكن أن يكون بديلاً من إحداها في حال أردنا أن ننوّع في مأكولاتنا أو في حال كنا نباتيين، وهو يؤمن احتياجات الفرد من البروتين والحديد والفيتامين ب وحمض الفوليك الذي تُنصح الحوامل باستهلاكه.
في المقابل، تُنبّه بدروسيان من ضرورة التأكد من صلاحية البيض قبل استهلاكه تفادياً لأي تسمم غذائي ناصحة بوضعه فوراً في البراد بعد شرائه، وتؤكد ضرورة طهيه جداً أي إلى أن يصبح بياض البيض متماسكاً وقاسياً تجنباً للإصابة بالسالمونيلا التي تضرّ بالجهاز الهضمي ويمكن أن توصل الفرد إلى تلقي العلاج في المستشفى.
في الخلاصة، تنصح بدروسيان بإدراج البيض على لائحة المواد الغذائية الواجب استهلاكها، علماً أنّ سعره ليس غالياً ويمكن طهيه واستهلاكه بطرق مختلفة.
ولا تخلو منازل اللبنانيين من الحلويات الخاصة بكل عيد، وفي الفصح يتصدر المعمول الواجهة.
الخبر السيء أن المعمول غنيّ بالسعرات الحرارية سواء تشكلّت حشوته من جوز أو فستق حلبي أو تمر. تعرف بدروسيان أنه لا يمكن أن يحرم الشخص منه في فترة الأعياد لكنها تنصح بعدم تناول العديد من القطع تجنباً لارتفاع الوزن:" عادة تحوي حبة المعمول المتوسطة الحجم والمحشوة بالفستق أو الجوز 251 سعرة حرارية تقريبا، أما التي يدخلها تمر فتحوي 246 كالوري، ما يعني أن معدل السعرات الحرارية العام للمعمول يبلغ 250 وهي نسبة مرتفعة، مع العلم أن القطعة الكبيرة قد تصل إلى 350 كالوري والصغيرة إلى 150".
لكن طبعاً، ثمة فوائد غذائية في المعمول. بحسب بدروسيان، فإن التمر (كل حبة تحوي 20 كالوري تقريباً) يغذي كثيراً وتدخله كمية عالية من البوتاسيوم، وهو أساسي لبناء العضلات، كما أنه غنيّ والمغنيسيوم والألياف (كل كوب من التمر فيه 11 غراماً من المغنيزيوم)، وهو يخفف الكوليسترول السيء ويُشعر مستهلكه بالشبع.
بالنسبة إلى الجوز فمن المعروف أنه مفيد جداً للدماغ ويدخله كل أنواع الفيتامين ب وغني بفيتامين E المهم للبشرة.
ومن المعروف أنّ ثمة نوعين من الأوميغا 3، الأول حيواني ومصدره السمك مثلاً والثاني نباتي ونجده حتماً في الجوز. أما الدهون الصحية المفيدة للقلب والمواد المضادة للأكسدة التي تقوي المناعة فنراها أيضاً في الجوز.
وبحسب بدروسيان، فإن الفستق حلبي هو الأقلّ بين المكسرات من حيث السعرات الحرارية (كل 30 غرام أي 49 حبة فيها 160 كالوري)، لكنه حتماً مفيد غذائياً إذ يحتوي فيتامين ب والدهون الصحية وكمية عالية من الألياف (كل 30 غرام فيها 3 غرام من الألياف)، وهو مفيد للقلب والشعر والبشرة والعينين ويقي من السرطان.
وإذا كانت مائدة عيد الفصح اللبنانية تخلو من طبق أساسي تقليدي كحبش عيد الميلاد على سبيل المثال، لكنّ بعض القرى والضيع ما زال يتمسك بتقاليده وأطباقه القديمة كحال بعض بلدات الجنوب حيث يتمّ إعداد "الزناكل" في نهار الجمعة العظيمة.
يخلط البرغل بالطحين والمياه حتى يصبح كالعجينة وتصنع منها كريات بحجم حبة الكرز وتسمّى "زناكل". يسلق العدس في الطنجرة وعندما يستوي يتمّ إسقاط الزناكل ويضاف السماق إلى أن يميل لون المياه إلى الأحمر والثوم المهروس والملح وزيت الزيتون. وبهذه الطريقة يتمّ تجنب إعداد "القلية"، وهي بحسب الاعتقاد غير محبذة نهار الجمعة العظيمة.
وتلفت بدروسيان إلى أنّ البرغل يعدّ من النشويات لكنه من الحبوب الكاملة أي أنه غنيّ بالألياف التي تُشعر بالشبع، أما العدس فهو أيضاً غنيّ بالألياف والحديد ويحارب الإمساك ويعد خياراً مثالياً للصائمين عن اللحوم والنباتيين. الثوم بدوره مفيد صحياً ويخفف ضغط الدم، وزيت الزيتون هو الأفضل لأنه غني بالدهون الجيّدة ويرفع معدل الكوليسترول الجيّد، مع العلم بأنّ طريقة تحضير هذا الطبق أي عدم قلي الثوم بالزيت أولاً يقلل من عدد السعرات الحرارية. وبحسب اختصاصية التغذية فإن السماق هو من المواد المفيدة صحياً فهو يحارب الإلتهاب إذ تدخله مواد مضادة للأكسدة. باختصار، فإن "زناكل الجمعة العظيمة" صحيّة ومفيدة!