يشهد عالم التكنولوجيا تغيرات متسارعة تؤثر على قطاع المراقبة الأمنية وكيفية تفاعل الشركات والمستهلكين معه. ومن المتوقع أن نشهد خلال العام المقبل توجهات جديدة نظرا لما يشهده السوق وبسبب الطلب الذي يشهده على الدمج والتكامل بين التكنولوجيا اليومية والاحتياجات الأمنية للمستخدمين.
وبينما يصعب وضع تنبؤات بشكل عام، إلا أن هناك قواعد وتوجهات في مجال التكنولوجيا يمكن الاعتماد عليها.
أحد هذه القوانين هو قانون مور الذي صيغ عام 1965، والذي ينص على أن عدد الترانزستورات/أداء الأجهزة سيتضاعف مرة كل 18 شهراً. وما يزال هذا القانون سارياً حتى يومنا هذا. والواقع أنه ومنذ أن طرحت Axis Communications أول كاميرا شبكية قبل 16 عاماً، تضاعفت أداء الكاميرات الشبكية من حيث دقة الصورة ومعدل الإطارات بنفس المعدل تقريباً، أو أكثر من 1,000 مرة.
وفيما يبقى قانون مور مصدراً لمزيد من التطورات الهامة مستقبلاً، إلا أن هناك العديد من الجوانب المرتبطة بالمراقبة عبر الفيديو، مثل تطور العدسات والآليات، وهي جوانب تتطلب منا مواصلة البحث عن ابتكار حقيقي يدعمها.
وتجدر الإشارة إلى أن سوق المراقبة عبر الفيديو اتصف بشكل عام بتحركه وتطوره البطيء. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تطور تكنولوجيا الفيديو التناظري، وهو اختراع يعود إلى أربعينيات القرن الماضي. وجاء أحدث وآخر تطوير على هذا الاختراع، وهو تحديث إضافة اللون، في سبعينيات القرن نفسه.
إلا أن هذا المجال ولحسن الحظ بدأ الآن يميل نحو تكنولوجيا بروتوكول الإنترنت، حيث سنشهد مزيداً من الابتكارات وبشكل متسارع. وفيما يلي نستعرض بعض التنبؤات أو التوقعات، نبدؤها بتلك الناتجة عن تأثير التكنولوجيا.
زيادة الطاقة الاستيعابية للتخزين المتنقل
شهدنا تطور التخزين المتنقل وانتشاره ليصبح أحد المزايا المعيارية والشائعة، وميزة مدمجة بالكامل في غالبية نظم إدارة الفيديو. واليوم، وفي ظل الانخفاض المتواصل في تكاليف بطاقات الذاكرة، فقد أصبحت بطاقة الذاكرة سعة 32 غيغا بايت سمة معيارية، وقريباً ستحل محلها بطاقات الذاكرة سعة 64 غيغا بايت كحد أدنى للقدرة التخزينية المتوفرة، مع بدء طرح بطاقات الذاكرة سعة 128 غيغا بايت الآن أيضاً. لكننا جميعاً نعرف أن قانون مور ما يزال قابلاً للتطبيق، وهو ما سيتيح لنا قدرات تخزينية أكبر مع مرور الوقت. لذا فإنني أعتقد أن التوجه الرئيسي حالياً وخلال العام أو العامين المقبلين هو التخزين المتنقل.
كما يسير تطور الأقراص الصلبة وفقاً لقانون مور مع ظهور الأقراص الصلبة سعة تيرا بايت وانخفاض كلفة السعة التخزينية بالغيغا بايت. وأصبحت مشغلات ذاكرة الفلاش متزايدة الأهمية، تتزايد قدرتها التخزينية بمقدار الضعف تقريباً كل عام. ومن المتوقع أن ترتفع القدرة التخزينية لبطاقات SDXC خلال بضع سنوات لتصل إلى 2 تيرا بايت. وستؤدي الزيادة في قدرات التخزين المتنقل والانخفاض في تكاليف البيانات إلى مواصلة دعم تطور "إنترنت الأشياء"، مما سيساهم في تعزيز التواصل وتخزين البيانات بما لا يقتصر على أجهزة الكمبيوتر، بل يتعداها إلى العالم الفعلي.
ويتيح التخزين المتنقل في مجال الفيديو الشبكي إمكانيات التخزين اللامركزي، وهو ما ينفي الحاجة إلى وجود جهاز خادم في موقع العمل أو جهاز DVR أو NVR أو جهاز كمبيوتر للفيديو الذي يتم تسجيله. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ميزة "fail-over recording" تعني إمكانية تخزين البيانات بشكل مؤقت في الكاميرا الشبكية في حال تعطل الشبكة، وهو ما يعزز من موثوقية النظام. كما يتم استخدام الكاميرات الشبكية المزودة بخصائص التخزين المتنقل للتطبيقات التي لا تتطلب سرعات إنترنت عالية.
زيادة قدرة المعالجة لتعزيز الأداء
لقد اختبرنا جميعاً الدور الذي لعبه قانون مور في توفر أجهزة كمبيوتر أكثر سرعة ومعالجات دقيقة تحتوي عليها جميع الأجهزة التي نعرفها اليوم تقريباً. ويمكن توظيف هذا التطور في العديد من الأمور والمجالات، أكثرها شيوعاً تعزيز أداء المعالجات الدقيقة ووحدة المعالجة المركزية، وهو ما يتيح تشغيل البرمجيات بسرعات أكبر. وهذا ينطبق بالطبع على الكاميرات الشبكية أيضاً، إلا أنه ليس أمراً كافياً، حيث أن بعض الوظائف الأساسية كمعالجات الصور وتقنيات إلغاء وعزل الضجيج تحتاج مستويات أعلى للأداء. وتكمن الإجابة في توظيف قانون مور في مجال الأجهزة. حيث يتيح تطوير وتحسين الأجهزة أداءً أعلى بكثير وإنما مرونة أقل بكثير في المقابل، حيث يتم تصميم الأجهزة لغايات محددة. ولا بد من تطوير رقاقات الكمبيوتر بشكل متخصص لكي نتمكن من دعم وتصدر التكور في مجال الكاميرات الشبكية، ولهذا السبب تعمل Axis على تطوير رقاقات Artpec الخاصة بها.
حيث أن زيادة مستوى الأداء في مجال فيديو الكاميرات الشبكية يفسح المجال أمام التطور الهائل في حساسية الضوء وتطوير إمكانيات ضغط صيغة H.264 والجيل التالي من أدوات التحليل المدمجة في الكاميرا.
ومع تزايد انتشار الأجهزة متعددة الاستخدامات، كالهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون الذكية وغيرها، فإن الزيادة في قدرات المعالجة ستواصل دورها في تعزيز اتصالنا بمفهوم "إنترنت الأشياء".
جودة الصور - وتوقعات تفوقها على الصورة المرئية بالعين
تتطور مستشعرات الصور بخطى متسارعة، والواقع أنه لم يعد هناك مجال للبحث والتطوير في مجال مستشعرات الصور ذات دقة الوضوح المعيارية (standard definition - SD). وقد أصبح تحول السوق نحو تقنيات وجودة العرض عالي الوضوح (high definition - HD) حقيقة واقعة وعاملاً أساسياً في دعم تكنولوجيا بروتوكول الإنترنت.
وسنشهد خلال العام المقبل الاستغناء عن الكاميرات التناظرية، حيث سيتجه المستخدم النهائي إلى الكاميرات بدقة وضوح 720p وأجهزة تلفزيون العرض فائق الوضوح بدقة 1080، وحتى مستويات أعلى لدقة العرض. ومن المتوقع أن يظهر سوق متخصص لتقنيات العرض فائق الدقة (super-high)، إلا أن كاميرات HDTV المعيارية ستمثل بالنسبة للغالبية العظمى حلاً متوسطاً ملائماً.
ويبقى أداء عين الإنسان متفوقاً على غالبية كاميرات الفيديو من جوانب عدة، إلا أن نقطة التحول المتمثلة في تفوق الكاميرا الشبكية على العين البشرية باتت تقترب بخطى متسارعة. واليوم هناك تقنيات تتفوق على قدرة الإبصار الإنسانية من نواحٍ مختلفة - منها كاميرات الضوء المنخفض وتحسين مدى الرؤية الديناميكي (WDR/HDR) والكاميرات الحرارية/كاميرات الأشعة تحت الحمراء. وفي حالة مستوى الضوء المنخفض فهناك مجموعة من العوامل التي تعمل معاً لأداء فائق في مثل هذه الأوضاع. وقد صممت مستشعرات صور جديدة ذات حساسية متزايدة خصيصاً لقطاع المراقبة، وطوّرت تكنولوجيا رقاقات جديدة مزودة بإمكانيات معالجة صور فعالة تعزل الضجيج، بالإضافة إلى تحسين المكونات البصرية بقيم بؤرية أقل (ثقب الكاميرا) ودقة وضوح أعلى.
ولكن عين الإنسان تبقى أكثر تفوقاً إذا وضعنا كل هذه السيناريوهات مجتمعة، وكذلك في قدرتها على تحديد وتعريف الأجسام المرئية. والتحدي الذي يواجهه أقسام البحث والتطوير الآن هو في التقاط صورة ذات جودة تتجاوز أداء عين الإنسان.
التطبيقات وأدوات التحليل - مستقبل الاتصالات الذكية
ماذا عن مستقبل الاتصالات الذكية؟ تعد الكاميرات الشبكية أجهزة ذكية، حيث تتواصل في اتجاهين ولا يقتصر دورها على إنتاج مقاطع الفيديو. ومن خلال المراقبة الاستباقية يمكن لهذه الكاميرات أن تحرك عجلة أحداث معينة بناء على التحليل الذكي لمحتوى الفيديو، كما تتيح لمشغلي الشبكة وضع تعليمات حول التشغيل الأمثل للكاميرا. وفي مجالات التحليل المعياري يمكن استخدام كاميرات المراقبة لتحديد أعداد الأشخاص والكشف عن عبور مناطق محددة وتمييز لوحات أرقام السيارات وتمييز الوجوه والأشخاص. وأنا أتوقع أن التطبيقات التحليلية الأكثر نجاحاً لهذه الكاميرات ستكون في قطاع التجزئة ومنافذ البيع. إلا أن التحدي الذي يقف في وجه انتشار استخدام هذه التقنيات التحليلية في القطاع هو تعقيدات إصدار براءات الاختراع.
حلول استضافة الفيديو - زيادة عدد كاميرات بروتوكول الإنترنت المستخدمة
وأخيراً، فإنني أتوقع انتشاراً لتوجه توفير تكنولوجيا المراقبة بالفيديو كخدمة، أو "video-as-a-service". وهو أمر تحدثت عنه لفترة طويلة، إلا أننا اليوم بدأنا نشهد وضوحاً في هذا المجال. فالحلول المستضافة عادة تجعل استثمارك يقتصر على كاميرا شبكية وخط إنترنت، بدلاً من أن تضطر إلى توفير نظام للتسجيل والمراقبة في مكان العمل. ويتولى مزود الخدمات مسؤولية إدارة النظام وصيانته بالإضافة إلى تخزين البيانات التي يتم تسجيلها. ويعد هذا حلاً مثالياً لمشكلة انخفاض عدد الكاميرات في الموقع، سواء لموقع واحد أو مواقع متعددة مثل محلات السوبرماركت ومحطات الوقود ومحلات التجزئة والمكاتب الصغيرة. حتى أن العديد من أبرز مزودي خدمات تكامل الأنظمة يطرحون خدمات استضافة الفيديو.
وعلى أية حال فإننا نميل إلى الاعتماد على السحابات الإلكترونية لتخزين البريد الإلكتروني والوثائق وحتى الشؤون المالية. فهل هناك ما يمنع أن توفر لنا السحابة الإلكترونية إمكانيات المراقبة عبر الفيديو أيضاً؟ ومن شأن هذا التوجه، بالإضافة إلى التخزين المحلي للبيانات على الكاميرا، أن يحدث ثورة في مجال كاميرات المراقبة فيما يتعلق بالمواقع الصغيرة التي ما تزال الكاميرات التناظرية سائدة فيها. وإلى جانب خدمات الدفع أولاً بأول "pay-as-you-go"، فإن هذه الخدمات ستكون عامل الدفع الرئيسي نحو الانتشار الكامل لكاميرات بروتوكول الإنترنت في العالم، وهو ما قد يحدث بحلول عام 2020 حسب ما نشهده حالياً من معدلات تبني هذه الحلول.
ومن المتوقع أن تتيح خدمات استضافة الفيديو العديد من تطبيقات الفيديو الجديدة التي لم تخطر ببالنا حتى الآن. وستعود هذه الحلول المستضافة بالنفع على العديد من المجالات مثل التحقق من الإنذارات عبر الفيديو ومراقبة مواقع الإنشاءات وحتى أنظمة المراقبة في المدن.