ببساطة أعلنها موقع " ذا فيرج " : " يوتيوب " كما نعرفه، سيتغير جذريّاً بدءاً من نهاية العام الجاري، و لن يبقى الموقع الذي يزوره الملايين يوميّاً، على الأقل من ناحية المحتوى المتاح للمستخدمين مجاناً.
خلال العشريّة الثوريّة ( 2005 ـ 2015 )، أيّ منذ تاريخ إطلاق الموقع و حتى العام الحالي، غيّر " يوتيوب " نظرتنا لفكرة الفيديو المنتشر على الإنترنت و استخدامنا له. أصبح منصَّة مهمّة يستخدمها الـ " يوتيوبرز "؛ المتابعون منهم، و الباحثون عن محتوى ترفيهي، و المحترفون الذين أصبحوا جزءاً أساسياً من إستراتيجيَّة عمل الموقع، و هم مستمرّون في لعب دور أساسي في حاضر الموقع و مستقبله. كيف لا، و " يوتيوب " يكافئ ولاء نجومه عبر اقتسام عوائد الإعلانات معهم. و بالأرقام، فإن عدد ساعات المشاهدة ارتفع هذا العام بنسبة 60 في المئة عن العام الماضي، و كذلك الحال لعدد المعلنين الذين زادت نسبتهم 40 في المئة. و بذلك، يكون " يوتيوب " قد حقّق في سوق الإعلان على الإنترنت أرباحاً قدرها 8 مليارات دولار في العام 2015 حتّى الآن.
ملامح التغير المرتقب تبدأ بخدمتين جديدتين يطلقهما الموقع قبل نهاية هذا العام؛ خدمة Music Key المتخصصة بالموسيقى، و خدمة أخرى مرتبطة بها ـ لم يعلن اسمها بعد ـ تستهدف صنّاع المحتوى المدفوع، أي أن " يوتيوب " لن يكون مجانياً بالكامل، و إنما سيصبح مزيجاً من خدمة متاحة من دون مقابل، و خدمة أخرى premium، تماشياً مع مبدأ ادفع و شاهد.
بحسب " ذا فيرج " فإن الإستراتيجية الجديدة موجهة أساساً للقطاع الموسيقي، إذ إنّ العديد من شركات الإنتاج التي تتعامل مع " يوتيوب" تشكو من أن الموقع لا يدفع لها كما يجب، فيما يرد الموقع أنّه قد دفع مليارات الدولارات في الأعوام الأخيرة. لهذا، يفسّر البعض اتجاه " يوتيوب " لطرح الخدمات المستحدثة، كنوع من استرضاء لتلك الشركات، مع اشتداد المنافسة الحادة مع مواقع و شبكات اجتماعية منافسة. على سبيل المثال، نشرت وسائل الإعلام أمس خبراً صادراً عن شركة " كوم سكور " لتحليل بيانات الإنترنت، يشير إلى أنّ تطبيق " مسنجر " من " فايسبوك " تجاوز، للمرّة الأولى، استخدام موقع " يوتيوب " خلال شهر تموز ( يوليو ) الماضي، في الولايات المتحدة.
يحاول " يوتيوب " الوصول إلى اتفاق مع شركات الموسيقى التي تتوق لإبعاد المستخدمين عن المحتوى المجاني. و بحسب الإحصاءات، فإن 45 من كل 50 مقطع فيديو من الأكثر مشاهدة على " يوتيوب " هي مقاطع موسيقية. لهذا، يرى المراقبون أن تحوّل " يوتيوب " من موقع مجاني بالكامل، و توجهه للكسب من المحتوى المعروض باتا يشكّلان " أولوية إستراتيجية ".
بجانب خدمة Music Key، فإنّ الخدمة الأخرى التي لم يعلن عن اسمها بعد، ستكون في مجال عرض مقاطع الفيديو الخالية من الإعلانات، مع إمكانية حفظ المقاطع التي يريدها المستخدم " أوفلاين Offline"، و الوصول إلى المحتوى الإضافي المدفوع. و في حال نجاح تجربة هاتين الخدمتين بشكلهما الأولي، فمن المتوقع أن تشملا لاحقاً إتاحة اشتراكات مدفوعة في مجال الألعاب الافتراضية على الإنترنت و مجال برامج الأطفال.
و كان الموقع أطلق خلال الأشهر الماضية خدمتين جديدتين : الأولى تطبيق خاصّ بالأطفال حصراً في شباط ( فبراير ) الماضي، و الأخرى قبل أيّام على نهاية آب ( أغسطس ) الماضي، خاصّة بهواة مجال الألعاب الإلكترونية، و تعدّ خدمةً منافسةً لموقع « تويتش » لفيديوهات الألعاب الذي استحوذت عليه " أمازون " العام الماضي.
أفق جديد يفتحه " يوتيوب " الذي يحقق نجاحات كبيرة لكن صعبة. يتكهّن سيباستيان فيل، المدير التنفيذي لـ " أستوديو 71 " ( شبكة بث الفيديو على الإنترنت التابعة لمجموعة " بروسيبن سات 1 " الألمانية )، أنّ " يوتيوب " لن يكون مسيطراً على السوق في المستقبل كما هو اليوم ". من جهته، يبدو نائب رئيس " غوغل " و رئيس إدارة أعمال " يوتيوب " التشيكي " روبرت كيكل " واثقاً من المستقبل، لأنّه ببساطة، " بات " يوتيوب " مرادفاً لمفهوم الفيديو على الإنترنت "، بحسب تعبيره.
( فادي الطويل - السفير )