فكرة بسيطة خطرت ببال مُطور سعودي شاب، استطاع بها أن يصل إلى 240 مليون شخص حول العالم.. والفكرة ببساطة هي تصميم موقع على الإنترنت يسمح لأي شخص أن يقول رأيه بصراحة لأي شخص آخر دون الكشف عن هويته الحقيقية.
الشاب السعودي زين العابدين توفيق، مؤسس موقع "صراحة" الذي يلقبه البعض بـ"مارك زوكربيرغ العرب"، قال لصحيفة "العربي الجديد": "إن الفكرة خطرت في بالي بعدما دخلت عالم الشركات ولاحظت أنه يجب أن يكون هناك تواصل جيد بين الرئيس والمرؤوس وبين الموظف وأصدقائه، ومن ثم تطورت الفكرة وفكّرت أنني لو أصبحت رئيس شركة في يوم من الأيام سأفتح صندوقاً أو موقعاً، ومن لديه اقتراح أو نقد بناء يمكن أن يضعه في هذا الصندوق/الموقع من دون التصريح عن هويته وذلك تفادياً للإحراج أو تخوفاً من سوء فهم مقترحاته".
ويتابع: "ثم قلت لماذا أنتظر أن أصبح رئيساً لشركة، فطورت الفكرة وقررت أن أتقاسمها مع العالم عبر إنشاء موقع عام ومفتوح كي يتبادل فيه الجميع الرسائل بدل الاستفادة منه بصفة فردية في المستقبل ونجحت فكرتي، والتي لم أكن أتوقع أن تنجح وتنتشر بهذه الطريقة السريعة والكبيرة".
فكرة زين سرعان ما تفشت في كل صفحات العالم الافتراضي بعد إطلاقها بساعات قليلة، وعلى الرغم من معارضة البعض للفكرة، وانتقادهم لها باعتبارها شيء غير مفيد ويقطع الروابط الاجتماعية التقليدية بين البشر، إلا أن الموضوع وجد صدى كبيرا لدى النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقوم الموقع على تسجيل حساب شخصي، من خلال إدخال البريد الإلكتروني وكلمة سر شخصية. وعندها يحصل صاحب الحساب على رابط، يقوم بمشاركته على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وعندها يتمكن أي شخص عند الدخول إلى هذا الرابط من إرسال رسالة إلى صاحب الحساب يقول فيها كل ما في خاطره، من دون أن يتم الكشف عن هويته.
وعلى الرغم من الانتشار الرهيب الذي حققه هذا الموقع، إلا أنه تعرض لانتقادات لاذعة، خصوصاً عندما استخدمه بعضهم كوسيلة خفية للتعبير عن الحقد والشتم ضد أشخاص لا يستطيعون مواجهتهم.
زين العابدين رد على هذه النقطة قائلًا: "إن رسالة الموقع واضحة وهي "اجعل نقدك بناء" والشتم يمكن أن يقال عبر تطبيق "واتساب" أو "فيسبوك" أو "تويتر" أو عبر "البريد الإلكتروني"، فالمواقع يمكن أن تكون سلاحاً ذا حدين فالسيارة يمكن أن تقدم خدمة كبيرة للناس للتنقل لكن في الوقت نفسه يمكن أن تسبب أضراراً بشرية كارثية إن أساء أي شخص استخدامها".
وعن طريقة حل هذه المشاكل أضاف للصحيفة: "لا يجب ولا يمكننا حل هذه المشاكل عبر المنع، لكن هناك طرقاً يمكننا العمل عليها للحد من هذه المشاكل في المستقبل".
وعن تطوير الموقع في المستقبل، أكد توفيق "في جعبتي الكثير من الأفكار كي يتطور الموقع، ولا أستطيع الإفصاح عنها، لكننا نعمل على دراسة فكرة زيادة خاصية المشاركة للرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها خاصية ليست إجبارية بل اختيارية".
ومع انطلاق الموقع انتشرت العديد من التطبيقات والأخبار التي تزعم أنه سيتم الكشف في المستقبل عن هوية المرسلين، الأمر الذي أثار بلبلة وقلقا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذا الأمر نفاه زين العابدين قائلاً: "أنا شخصياً لا أعرف من المُرسل، والهوية لا تسجل من الأساس، والدليل أننا في الموقع لا نطلب أي معلومات من المُرسل، كالاسم أو البريد الإلكتروني على غرار المواقع الأخرى"، مضيفاً: "يجب على المستخدمين الانتباه من كل التطبيقات الزائفة التي تروج لهذه الفكرة التي تؤثر على مصداقيتنا".
ووفق الأرقام التي كشفها زين الدين توفيق، فقد دخل الى الموقع حتى اليوم أكثر من 18 مليون شخص وتخطى عدد الأعضاء 2.6 مليون مشترك، فيما وصل عدد الرسائل الى أكثر من 14 مليون رسالة.
أما عن الدول الأكثر استخداماً للموقع، فهي من مصر أولاً (8.5 ملايين زائر)، تليها تونس بمليوني مستخدم، ثالثاً المملكة العربية السعودية بـ 1.8 مليون مشترك، ليحتل لبنان المرتبة الرابعة بمليون زائر. أما سوريا فحلّت في المرتبة الخامسة بـ678 ألف زائر، تليها الكويت بـ671 ألف زائر. أما عدد الزائرين من أميركا فقد بلغ 452 ألفاً، وفي ألمانيا 174 ألفاً، وفي فرنسا 100 ألف زائر، مما يشير إلى أن الموقع تخطى حدود العالم العربي.
أما عن الأعمار، فالفئة الأكثر استخداماً للموقع هي فئة الشباب إن صح التعبير، فبلغ عدد الزوار من عمر 24-18 الـ9 ملايين شخص، ومن عمر 34-25 الـ 6.5 ملايين، و 44-35 الـ1.2 مليون، و54-54 الـ400 ألف شخص، 64-55 الـ284 ألف شخص.
بعض علماء النفس قالوا إن السبب الرئيس فى انتشار هذا الموقع هو نتيجة ثقافة عامة لمجتمع يرفض المواجهة والصراحة، ويفضل بدلاً منها اللجوء لموقع الصراحة.