أكد علماء وأطباء وخبراء عالميون أن العالم على مشارف ثورة طبية تقودها موجة الابتكارات في مجال التكنولوجيا الحيوية.
جاء ذلك، في ثلاث جلسات متخصصة ضمن محور مستقبل الصحة، ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة، جمعت ألمع الخبراء والعلماء والأطباء في مجال التكنولوجيا الحيوية.
التكنولوجيا الحيوية.. الثورة الصحية القادمة
في جلسة بعنوان: “التكنولوجيا الحيوية.. الثورة الصحية القادمة” تحدثت الدكتورة إيلين يورجنسن، الشريك المؤسس ورئيس منظمة التكنولوجيا الحيوية بلا حدود، عن أهمية التقنية الحيوية وتأثيرها على الطب وعلى المجالات جميعها وكيف انتقلت البشرية في السنوات الـ 50 الماضية من تحليل التقنية إلى استخدامها.
وقالت يورجنسن:”نعيش في عصر معجزات لا بد أن يتشاركها سكان الأرض، لا سيما وأن التقنيات الحيوية مهمة لتحقيق الاستدامة، وقد أصبحنا قادرين حاليا على قراءة شيفرة الحمض النووي بأقل تكلفة وبأسهل الطرق”.
وأشارت إلى أن التقدم في مجال الطب أصبح يتيح لنا ليس فقط التدخل في الجينات ولكن أيضًا تغيير مواصفات الخلايا وحذف بعضها والتدخل في الكائنات الحية التي تعيش داخلنا والتدخل بمساراتها.
وأضافت يورجنسن:” لدينا اليوم كميات كبيرة من البيانات نحللها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى معلومات هائلة تتدفق عبر العالم وتمكننا من رسم سيناريوهات مستقبلية لحياتنا”.
حيث أنه من المهم العمل على ضمان استخدام هذه التقنيات لما فيه خير للإنسانية، وهو ما يفرض مسايرة التقدم السريع الذي يتجاوز قدرة المشرعين والحكومات على مواكبته.
كما دعت يورجنسن إلى نشر المعرفة حول علوم التقنيات الحيوية ومساعدة الآخرين على امتلاكها وتشاركها بين البشر جميعًا، مما يتطلب تعزيز مفهوم “الابتكار المسؤول”، وتعزيز التفاعل بين العلماء والمواطنين ومحاولة إيجاد مظلة شاملة تجمع كل الأطراف ذات الصلة.
وشددت يورجنسن على أهمية تحقيق التوازن بين الإبداع والحوكمة، بالإشارة إلى دور المؤسسات مثل الأمم المتحدة في هذه النقاشات التي تنظمها القمة العالمية للحكومات المنصة المثالية لبحث هذه التحديات.
“كريسبر” مستقبل تصميم البشر
وفي جلسة بعنوان: “كريسبر، مستقبل تصميم البشر”، تحدثت جنيفر كان خبيرة العلوم في مجلة نيويورك تايمز ومجلة ناشونال جيوغرافيك، عن الثورة التي يواجهها العالم بفضل التكنولوجيا الحيوية، والتي ستأتي بلقاحات لأمراض لم يكن لها علاج من قبل، وبحلول وقائية لتشوهات وراثية عديدة.
وتطرقت كان إلى تقنية كريسبر التي ستساهم في تغيير العالم من خلال قدرتها على معالجة بعض التحديات في قطاعات عديدة بدءًا من الرعاية الصحية ووصولاً إلى الزراعة، وقالت: “أطلقت الاكتشافات العلمية الأخيرة العنان لابتكارات عديدة وأبرزها تقنية التعديل الجيني والتي شكلت منعطفًا في هذا المجال حيث ظهر معها أنماط مختلفة من الحمض النووي، وتم العمل على تطوير مناعة البكتيريا وتسخيرها لأغراض أخرى.
وأشارت إلى اكتشاف يمكن أن يعيد صياغة الفيروسات وهو بروتين كاس 9 الذي يفصل بين أجزاء الحمض النووي، معتبرة إياه خطوة ثورية نجحت على أنواع مختلفة من الحيوانات والخلايا، وأنه بفضل تقنية كريسبر تتعاظم الآمال في علاج أمراض كثيرة كانت مستعصية حتى الأمس القريب.
وتطرقت خبيرة العلوم كان إلى مجال آخر يتمتع فيه كريسبر بالتأثير وهو الزراعة حيث يمكن تطوير محاصيل مضادة للأمراض والآفات واستخدام الماشية واللحوم عالية البروتين.
هندسة الحياة للأجيال الخارقة
وتحت عنوان “هندسة الحياة … لأجيال خارقة”؛ تحدث الدكتور كريغ فنتر، عالم التكنولوجيا الحيوية والكيمياء الحيوية وعلم الوراثة والرئيس التنفيذي لمجلس إدارة شركة “هيومن لونجيفتي”، عن إمكانية صياغة سوبر جينوم، والفوائد التي يمكن تحقيقها، وتطرق إلى قدرة الحكومات على ضمان استفادة المجتمع من هذه العلوم الجديدة.
وتطرق فنتر إلى السياسات التي يمكن للحكومات اعتمادها من أجل استيعاب التحول العالمي في مجال إطالة العمر البشري، والتخفيف من الآثار السلبية والأخلاقية لهذا التطور، وقال: “لقد تجاوزنا مرحلة التعديل الجيني وأصبحنا قادرين اليوم على صياغة الجينوم، أي إعادة صياغة الحياة، مما سيحقق تقدمًا هائلًا للبشرية.”
وأضاف “نعمل اليوم على تحويل سلسلة الحمض النووي الريبي إلى العالم الرقمي، ونستخدم لذلك ما يدعى “التيلي كوردر البيولوجية”، والتي يمكن إرسالها إلى الإنترنت، والآن يمكن أن نرسل رموزًا خاصة لإرسال اللقاحات الحديثة وتصنيعها محليًا في أي مكان بالعالم.
وشدد فنتر إلى أن الأولويات في مجال الصحة ستبقى أمراض القلب والسرطان، لأن هدف العلماء اليوم هو إطالة حياة الإنسان، ومن أجل ذلك يتم استخدام تقنيات جديدة ولوغاريتمات تعالج البيانات بما يفتح المجال لتحقيق خطوات كبيرة إلى الأمام.