ناقشت القمة العالمية للحكومات تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الحكومات وذلك بإقامة جلستي نقاش، حملت الأولى عنوان “الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل” تحدثت فيها البروفيسورة دانييلا روس، مديرة مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس، فيما عقدت الجلسة الثانية تحت عنوان “ما هي حدود الذكاء الاصطناعي: الخيار الصعب” وتحدث فيها البروفيسور نيك بوستروم، مدير قسم حوكمة برنامج الذكاء الاصطناعي بجامعة أوكسفورد.
وقالت البروفيسورة دانييلا روس، مديرة مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس: “إن توظيف الذكاء الاصطناعي لا يعني الاستغناء أو القضاء على الوظائف التي يقوم بها البشر، فهو يسهم في تحسين قدراتنا في التنبؤ وربط النتائج من خلال معالجة البيانات الضخمة، لكنه يواجه صعوبات في القيام بالأعمال التي تتطلب إتمام كل مهمة على حدة، وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي يساعدنا على التركيز على الأمور التي نعتبرها أكثر أهمية، ويوفر علينا الكثير من الوقت والجهد”.
وأشارت روس إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز فعالية كل ما نقوم بها من أعمال ووظائف، حيث أن الآلات تمتلك قدرات فائقة تتجاوز قدرات البشر لا سيما في تأدية الوظائف المعرفية بدقة متناهية.
حيث أن القطاع الطبي يستفيد من الآلات القادرة على قراءة صور الأشعة وتشخيص الأمراض بدقة أكبر من الأطباء أنفسهم، مما يعني توفير علاج أفضل للأمراض، الأمر ينطبق كذلك على المهن الأخرى مثل المحاماة والتحليل المالي، إضافة إلى الشركات التي تستفيد من خاصية التعلم العميق للذكاء الاصطناعي لتحسين خطوط الإنتاج.
وأشارت روس أنه في ظل زيادة الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، فمن الضروري الارتقاء بنوعية الوظائف وتحسين دخل العمال عن طريق تزويدهم بالمهارات الجديدة، فالعمال الذين يفقدون وظائفهم للآلات المتطورة يمكن تدريبهم في تعدين البيانات ليكونوا قادرين على التعايش مع الاقتصاد المعرفي، وأوضحت: “الأمر يتعلق بجهوزية العامل على تقبل الواقع الجديد، والجهة التي تقع على عاتقها المسؤولية الأولى في تدريب العمال على تعلم واكتساب المهارات الجديدة، هل هي الحكومات ومن ثم الشركات”.
أما البروفيسور نيك بوستروم الذي صدر له حوالي 200 عمل في مجال الذكاء الاصطناعي ويعتبر من أهم المفكرين العالميين في هذا المجال، فتحدث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي على الوجود الإنساني، وأوضح أن الانسان يتمتع بالذكاء العام الذي يتيح له اكتساب العلم والمهارات والحكمة، وهو ما يجعله متفوقاً على الآلة في العديد من الجوانب، كما يمكن تعزيز الذكاء الانساني من خلال زرع بعض الأجهزة.
وأضاف بوستروم: “إن خاصية التعلم العميق التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتقليد وظيفة الدماغ البشري من حيث التفكير وابتكار الحلول واستخلاص النتائج، ستفتح أمامنا آفاقاً واسعة، لكن قلة المواهب وبطء التقدم التكنولوجي في هذا المجال يعرقل من مسيرة تطوره، فنحن بحاجة إلى قدرات حاسوبية أكبر لخدمة الذكاء الاصطناعي”.
وتطرق بوستروم خلال حديثه إلى الذكاء الاصطناعي الخارق، مستبعداً احتمالية الوصول إليه بشكل مفاجئ، حيث يعتقد الكثير من الباحثين أنه سيتطور تدريجياً من خلال تحسين المعادلات والخوارزميات التي ترتقي بمستوى الذكاء الاصطناعي.
وفي ختام الجلسة أكد بوستروم على ضرورة تعليم الآلات قيم وأخلاقيات البشر، وإلزامها ببعض القيود حتى نتمكن من السيطرة عليها لا سيما عند وصولها إلى مرحلة الذكاء الخارق، مشيراً إلى أنه من غير المجدي أن تضع الحكومات قيوداً على التطور التكنولوجي الذي سيؤدي إلى ظهور الذكاء الخارق بسبب المخاوف من استمرارية الانسان، بل ينبغي على العاملين في هذا المجال أن يراعوا الفائدة العامة وتوظيف قدرات الذكاء الاصطناعي لمصلحة الجميع.