توقع معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي في الإمارات، أن يكون لثورة الذكاء الاصطناعي تأثير أعمق في صناعة الإعلام والنشر من أي ثورات أخرى سابقة. جاء ذلك في كلمته خلال افتتاح الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء (وان-إيفرا)، والذي ينظم بالتعاون مع مدينة دبي للإنتاج.
وحلّ معالي عمر بن سلطان العلماء كضيف شرف في هذا الحدث العالمي الذي جمع تحت مظلته أكثر من 300 خبيراً من الإعلاميين والناشرين والصحفيين وصناع القرار وغيرهم من أصحاب المصلحة من جميع أنحاء العالم للمشاركة في مجموعة جلسات النقاش المتخصصة تحت عنوان “خارطة طريق نحو التحول”.
وسلط معاليه الضوء على قدرة هذا القطاع على التكيف مع المتغيرات، وتغير كيفية تفاعله مع القارئ خلال ثلاث ثورات منفصلة: اختراع المطبعة، عصر الحاسوب، وثورة الإنترنت.
ويستضيف المؤتمر عدة جلسات حول منصات النشر المعاصرة والمحتوى والشؤون التجارية، ويُعقد لغاية 1 مارس في منتجع ومارينا ويستين دبي شاطئ الميناء السياحي في دبي. ويهدف المؤتمر إلى تزويد الخبراء والمتخصصين في عالم النشر بفرصة مثالية لاستكشاف أحدث توجهات القطاع على المستوى الإقليمي والدولي، وأفضل الممارسات المتبعة في هذا المجال.
وتجمع الفعالية نخبة الناشرين والصحفيين وصنّاع السياسات وغيرهم من الأطراف المعنية، كما تسعى إلى استقطاب وتعزيز المواهب المبتكرة الشابة في المنطقة، إضافة إلى تسليط الضوء على شركات الإعلام الجديد في ظل بروز المحتوى الرقمي. وهذه هي المرة الثانية التي يتعاون فيها مؤتمر الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء (وان-إيفرا) مع مؤسسة خارجية لاستضافة مؤتمره السنوي.
وفي كلمته، أوضح معاليه أن الذكاء الاصطناعي كان مبعثاً للآمال والمخاوف في آن معاً في هذه الصناعة. وقال: “أنا لا أحمل أخباراً جيدة أو أخباراً سيئة، أريد فقط أن أشارككم بعض الحقائق ووجهات النظر حول التغيير. نحن نقف اليوم على مفترق طرق، البعض يحدوه الأمل، والآخر يستشعر الخوف من أن يصبح خارج الزمن. لكن علينا أن ندرك أن التغيير أمر هام للمستقبل”.
وأضاف: “اعتاد القرّاء دائماً على القراءة، لكن مع ظهور شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، تغير أسلوب تقديم الأخبار وتغيرت كذلك العلاقة بين الناشر والقارئ، بينما أحدث ’سناب شات وبريسكوب’تغييراً كلياً في طريقة تقديم المحتوى. لكن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير أكبر وأعمق من الثورات الثلاث الأخرى؛ فمن خلال الأتمتة والذكاء الاصطناعي، سيتم تخصيص الأخبار بشكل دائم لتلائم متطلبات كل قارئ”.
يتعاون المبتكرون في القطاع الإعلامي مع الشركات التكنولوجية لإيجاد طرق ناجحة تساعد من خلالها الآلات الذكية على معالجة البيانات والمهام المؤتمتة الأخرى لتسهيل عمل الغرف الإخبارية.
وقال في هذا الصدد: “قد ينظر البعض إلى هذا التغيير بشيء من الخوف على المستقبل، لكني أرى فرصاً وإمكانات هائلة من هذا التطور، لأننا عندما نتخلص من المهام الرتيبة والمتكررة التي تستنفذ الكثير من وقتنا، سيصبح بإمكاننا التركيز على الإبداع، مما يمكّننا من تسخير التقدم التكنولوجي لتحقيق مستقبل أفضل”.
وأضاف: “سوف تزداد روح الإبداع بشكل ملحوظ بين الأفراد، وستكون قدرات الجميع معززة تماماً مثل قدرات هواتفنا المعززة. لقد أصبح لدينا اليوم كميات ضخمة من المعلومات وبإمكاننا الاتصال بأي إنسان على وجه الأرض متى نريد بمجرد نقرة زر. إن المشهد الذي نعيشه اليوم سيُعتبر بدائياً مقارنة بما يمكن أن نصل إليه في المستقبل. لا شك بوجود إمكانات إيجابية وسلبية في الوقت نفسه، لكن إذا تعاون جميع الأطراف المعنية، فإننا مستقبلنا سيبدو مشرقاً ولن يكون هناك أي حد لخيالنا”.
بدوره، تحدث ماجد السويدي، المدير العام لمدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي للاستديوهات ومدينة دبي للإنتاج، حول المشهد الإعلامي المتغير وبروز التقنيات الرقمية في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي من المتوقع أن تحقق نمواً ملحوظاً في الأعوام القادمة.
وقال السويدي في هذا السياق: “بلغ معدل النمو السنوي المركب للشركات الرقمية العاملة في مدينة دبي للإنتاج 16% خلال الأعوام الأربعة الماضية. ومن المتوقع أن تنمو سوق الإعلام الجديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 1.7 مليار دولار في 2015 إلى 3.6 مليار دولار بحلول 2020. وليس من المفاجئ أن تشكل دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 60% من إجمالي سوق الإعلام في المنطقة. وقد رأينا جميعاً منذ فترة ليست بطويلة مدى التغيير الذي يشهده قطاع الإعلام والتطور المستمر الذي يحققه”.
وحث ماجد السويدي الشركات على التأقلم مع نماذج المحتوى والأعمال والتوزيع، وأضاف السويدي: “ينبغي على الناشرين اعتماد بيئة إعلامية أكثر تعاوناً وتفاعلية. وقد استبقت الإمارات هذا التحول الجديد واتخذت الخطوات اللازمة لإيجاد طرق جديدة في ابتكار المحتوى ومشاركته بطريقة تلائم مختلف فئات الجمهور. وفي الوقت الحالي، يبلغ معدل انتشار الهواتف المحمولة في دولة الإمارات 193٪، أي أكثر من 16 مليون مشترك في هذه الخدمة، أي ما يقرب ضعف عدد السكان، وفقا لهيئة تنظيم الاتصالات”.
و أضاف السويدي إلى حاجة الناشرين لابتكار محتوى جذاباً، وقال: “تحمل هذه الصناعة إمكانيات نمو هائلة، إلا أننا بحاجة إلى التطور في سبيل تحقيق ذلك، ويعتبر التبسيط والمحتوى المبتكر عنصرين حاسمين في المحافظة على المزايا التنافسية. ومن المعلوم بأن الشركات تحتاج إلى الابتكار باستمرار، وأن تفتح آفاقها للأفكار الجديدة كي تصل إلى جمهور أوسع وتحافظ على تواصلها الوثيق مع عملائها الحاليين”.
ومن جانبها، قالت ميشثيلد شيمب، مدير الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء (وان-إيفرا) الشرق الأوسط: “إن النمو المتسارع واعتماد التكنولوجيا الاستهلاكية الحديثة يدفع نحو تبني أنماط جديدة في وسائل الإعلام تجبر الناشرين على الاستجابة السريعة وضبط أعمالهم وفقاً لإيقاعها. ومع اعتقادنا الراسخ في’وان-إيفرا‘ بأن المعلومات المباشرة وتبادل المعرفة والتواصل هي أساسيات لا يمكن الاستغناء عنه لنجاح التحول والنمو، فإننا نسعى إلى مشاركة أفضل الممارسات في القطاع من خلال فعالياتنا العالمية التي نقيمها، كما نعمل على تسهيل التواصل بين العاملين في هذا القطاع لمشاركة المعرفة والتجارب فيما بينهم”.
وشهد اليوم الأول من مؤتمر “وان-إيفرا” الشرق الأوسط كلمات عديدة تناولت مختلف جوانب هذا القطاع. حيث تحدث غونيلا أسكر، الرئيس التنفيذي في “سفينسكا داغبلاديت” في الدنمارك عن نجاح الصحيفة في تحقيق التحول في السوق الذي تشهد إحلالاً تكنولوجياً متواصلاً.
كما ألقى توماس جاكوب، مدير العمليات في’وان-إيفرا‘ الضوء على التوجهات الإعلامية الجديدة وتوقعاتها في عام 2018 قبل انعقاد مزيد من الجلسات التي تناولت بمواضيعها منصّات النشر الحديثة، والمحتوى الإعلامي والأساليب التجارية العصرية المتعلقة بهذا المجال.