اتخذ الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء الخطوة الأولى في إصدار تشريع جديد لإصلاح قواعد حقوق النشر في الاتحاد الأوروبي يقول النقاد إنه سوف يمزق الإنترنت، إذ صوتت لجنة الشؤون القانونية في البرلمان الأوروبي لصالح تشريع يخشى رواد الإنترنت من إمكانية تحويله الويب إلى أداة للمراقبة والتحكم، حيث يتطلب التشريع من شركات مثل جوجل ومايكروسوفت وفيسبوك اتخاذ تدابير تتمثل بتوفير مرشحات تلقائية لمنع المستخدمين من تحميل مواد محمية بحقوق النشر، وبالرغم من إقرار التشريع من خلال تصويت أولي، لكنه بحاجة إلى موافقة البرلمان قبل أن يصبح قانونًا.
وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي بصعوبة على هذا التشريع، وذلك بالرغم من التحذيرات الصادرة عن بعض أكبر الأسماء في شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى حملة الحريات المدنية، والحديث حول أن القانون سوف يضر بحرية التعبير، بينما يرسخ قوة أكبر للشركات ويحمل تكاليف إضافية للشركات الأوروبية الناشئة.
وتعهد معارضو القانون بالقتال عند طرح التشريع أمام جميع أعضاء البرلمان الأوروبي لإجراء تصويت نهائي، إذ لا يزال يتعين الاتفاق على الخطط مع ممثلين من حكومات الاتحاد الأوروبي الـ 28 قبل أن يصبح قانونًا، لكن التصويت يقلل من فرص حدوث تغييرات خطيرة، وقالت جوليا رضا Julia Reda، السياسية الألمانية وعضو البرلمان الأوروبي المعارضة للقانون “سوف أتحدى هذه النتيجة وأطلب التصويت في البرلمان الأوروبي في الشهر المقبل، لا يزال بإمكاننا إلغاء هذه النتيجة والحفاظ على الإنترنت الحر”.
ويحاول القانون، الذي ظهر لأول مرة من قبل المفوضية الأوروبية في عام 2016، تحديث قوانين حقوق النشر في الاتحاد الأوروبي لتتماشى مع العصر الحالي والتغييرات المتمثلة بالشركات التقنية والمنصات الإجتماعية مثل فيسبوك وجوجل، حيث يهدف لضمان أن المؤلفين والفنانين والصحفيين يحصلون على نسبة عادلة من أعمالهم.
ويخشى المنتقدون من أن تؤدي الإجراءات إلى خنق حرية التعبير من خلال الحد من قدرة مستخدمي الإنترنت على مشاركة المحتوى، ويقول بعض المشرعين أن الصور الهزلية المضحكة المعروفة باسم memes سوف تتأثر، حيث سيطلب من المستخدمين التقاط صورهم الخاصة بهم وإعطاء الإذن للآخرين باستخدامها.
وتعتبر المادة Article 13 بمثابة أحد التشريعات الأكثر جدلًا، حيث تطلب من المنصات مثل جوجل ومايكروسوفت وفيسبوك تثبيت مرشحات، وتم اعتماد هذه المادة ضمن اللجنة بأغلبية 15 صوتًا مقابل 10 أصوات.
وأشارت رسالة مفتوحة صادر في وقت سابق من شهر يونيو/حزيران موقفة من قبل 70 من أكبر الأسماء على الإنترنت، بما في ذلك مخترع شبكة الويب العالمية تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee، ومؤسس ويكيميديا جيمي ويلز Jimmy Wales، إلى أن المادة 13 تتخذ خطوات غير مسبوقة نحو تحويل الإنترنت من منصة مفتوحة للمشاركة والإبداع إلى أداة للمراقبة والتحكم الآلي لمستخدميها.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وجاء في الرسالة: “من الصعب التنبؤ بالضرر الذي قد تلحقه هذه المادة بشبكة الإنترنت الحرة والمفتوحة كما نعرفها في الوقت الحالي، ولكن في آرائنا يمكن أن تكون كبيرة”، وجادل رواد الإنترنت في معرض حديثهم إلى أعضاء البرلمان الأوروبي بأن التكلفة سوف تكون كبيرة على شركات التكنولوجيا الأوروبية، حيث أن المنصات الكبيرة، التي هي حصريًا أمريكية، يمكنها تحمل تكاليف الامتثال، ولكن الأمر صعب على الشركات الأوروبية الناشئة.
ويشعر خبراء الإنترنت أيضًا بالقلق من اعتماد مادة أخرى تسمى “الارتباط الضريبي” Article 11 تفرض على منصات الإنترنت، مثل جوجل الدفع للناشرين في سبيل عرض مقتطفات من الأخبار، وتجادل جوليا رضا بأن “الارتباط الضريبي” من شأنه أن يقلل بشكل كبير من إمكانية مستخدمي الإنترنت مشاركة الأخبار وحتى صور العطلات على الإنترنت، وكتبت قبل التصويت: “بموجب هذه الاقتراحات، فإن هناك حاجة للحصول على تراخيص من أجل أي شيء، بما في ذلك العناوين القصيرة والقصيرة جدًا مثل “أنجيلا ميركل تلتقي مع تيريزا ماي”.
وكانت مجموعة من 169 أكاديميًا أوروبيًا متخصصًا في مجال الملكية الفكرية قد حثوا في وقت سابق من هذا العام أعضاء البرلمان الأوروبي على رفض الخطط المضللة التي قالوا إنها تعوق على الأرجح التدفق الحر للمعلومات ذات الأهمية الحيوية للديمقراطية، وأضاف العديد من الأكاديميين أسمائهم إلى الرسالة منذ ذلك الحين، والتي تقول أيضاً إن المقترحات من المحتمل أن تضر بالصحفيين والمصورين والعديد من المبدعين ومنتجي الأخبار، بما في ذلك المستقلون.
كما أثار ديفيد كاي David Kaye، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير لدى الأمم المتحدة المخاوف بشأن الرقابة المسبقة على النشر، مع عدم تمكن المرشحات الآلية من الكشف عن التعليقات العادلة والهجاء والنقد والمحاكاة الساخرة، وتمكن هذا القانون، في خطوة نادرة، من توحيد جماعات الضغط الخاصة بالمستهلكين والتقنيين لمعارضته.
وقالت مونيك جوينز Monique Goyens، المدير العام لمنظمة المستهلك الأوروبية إن أعضاء البرلمان الأوروبي فشلوا في إيجاد حل لإفادة المستهلكين والمبدعين، إذ قد تتغير شبكة الإنترنت كما نعرفها عندما تحتاج المنصات إلى تصفية المحتوى الذي يريد المستخدمون تحميله، وقد تتغير شبكة الإنترنت من مكان يمكن أن يستمتع فيه المستهلكون بمشاركة الأفكار والإبداع إلى بيئة مقيدة ومسيطر عليها.
وتخشى شركات التكنولوجيا من أن القانون الجديد قد يؤدي إلى تفتيت السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي عبر الإنترنت، وذلك لأن الحكومات الوطنية سوف تقرر كيف ستعمل “الارتباطات الضريبية” في بلادها، ورفض أكسل فوس Axel Voss، عضو البرلمان الأوروبي من جانبه الانتقادات، وقال في بيان أثناء دفاعه عن الفكرة “ليس هناك أحد ولن يقوم أحد بتصفية الإنترنت، إن هذه المنصات تحقق أرباحًا كبيرة من الأعمال التي يحملها مستخدموها، لذا لا يمكن أن يختبئوا وراء هذه الحجة”.