اجتمعت عدد من الشركات الأكثر نفوذًا في صناعة التكنولوجيا مع مسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي لمناقشة الاستعدادات لانتخابات منتصف العام هذه السنة، وضمان عدم تكرار التدخل الروسي الذي حدث أثناء الحملة الرئاسية لعام 2016، حيث حضر الاجتماع، الذي عقد بتاريخ 23 مايو/أيار في مقر شركة فيسبوك في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، ممثلون من أمازون وآبل وجوجل ومايكروسوفت و Oath وسناب وتويتر، وذلك وفقًا لما ذكره ثلاثة من الحاضرين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
والتقى مسؤولو الشركات مع كريستوفر كريبس Christopher Krebs، وكيل وزارة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى ممثل عن فرقة العمل المعنية “بالتأثيرات الأجنبية” التي شكلها مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتعمل شركات تواصل إجتماعي مثل فيسبوك وتويتر على تغيير طريقة عملها لمواجهة هذه النوعية من المعلومات المضللة التي انتشرت بشكل كبير ضمن المنصتين في عام 2016.
وشكل هذا الاجتماع أول مناقشة مهمة تحصل بشكل مباشر بين مجموعة من شركات التكنولوجيا ومسؤولي الاستخبارات قبيل انتخابات منتصف العام الحالي 2018، وقال المشاركون الثلاثة الذين حضروا الاجتماع إن الاجتماع الذي بدأته شركة فيسبوك كان خطوة أولى واعدة لضمان ألا تكون الانتخابات النصفية تكرارًا للتدخل الروسي في عام 2016.
وجرى الاجتماع ضمن جو من التوتر ضغطت فيه شركات التكنولوجيا على المسؤولين الفيدراليين بشكل متواصل من أجل الحصول على معلومات، وتم إخبارهم بأنه لن يتم تبادل معلومات استخبارية محددة، وشاركت شركات التكنولوجيا تفاصيل حول حملات التضليل التي كانوا يشهدونها على منصاتهم، لكن لم اكن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي على استعداد لمشاركة معلومات حول التهديدات التي يجب أن تتوقعها الشركات التقنية.
وقال أحد الحضور في الاجتماع إن هذا اللقاء دفع شركات التكنولوجيا إلى الاعتقاد بأنها ستقف وحدها بمواجهة التدخل في الانتخابات، وعرض مسؤولو المخابرات الأمريكية تحذيرات بأن روسيا وحكومات أجنبية أخرى تتدخل بالفعل في حملة الانتخابات النصفية المرتقبة بشكل كبير، حيث تواجه منصة فيسبوك، على وجه الخصوص، ضغوطًا لوقف التضليل قبيل الانتخابات.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وتضررت الشركة بشدة من التقارير التي تفيد بأنها سمحت للوكالات المدعومة من روسيا بشراء إعلانات وإدارة صفحات ضمن منصة فيسبوك بهدف التأثير على الناخبين في الولايات المتحدة وإذكاء الصراع على القضايا الساخنة مثل السيطرة على الأسلحة النارية، وعرض مسؤولو الاستخبارات، بشكل عام وخلف الأبواب المغلقة، تفاصيل قليلة حول ما تفعله روسيا، مما أثار الإحباط.
وقد وصف المسؤولون في واشنطن المشاكل التي تتراوح ما بين فقدان وكالات الاستخبارات لمسار الأهداف الروسية وإمكانية التواصل الضعيف بين مختلف الوكالات الاستخباراتية، مما أعاق إمكانية الاستجابة السريعة على التدخلات الروسية في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وقد أثبتت وكالة أبحاث الإنترنت في روسيا أنها شكلت في الأشهر الأخيرة هدفًا مقلقًا، حيث كثفت الوكالة جهودها لإخفاء نشاطها.
وأصبح المتسللون الروس يستخدمون الشبكات الخاصة الافتراضية بشكل أفضل من السابق، إلى جانب أدوات أخرى يمكنها إخفاء هوياتهم مواقعهم الحقيقية، وذلك على عكس ما حدث خلال عام 2016، حيث ترك المتسللون الروس آثارًا لا لبس فيها مثل التغريدات على منصة تويتر التي حددت المواقع الجغرافية أو العمل باستخدام اللغة السيريلية، وهي نظام أبجدي طور وانشئ في الإمبراطورية البلغارية.
وقال المسؤول الأمريكي إن وكالات الاستخبارات فقدت في بعض الأحيان مسار أفراد معينين كانوا يتعقبونهم، ولم تتمكن من تحديد ما إذا كان الروس يحاولون الاختراق، وقال ريتشارد بور Richard Burr، السيناتور الجمهوري من ولاية كارولينا الشمالية ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي: “إننا نحصل على الكثير من الإشارات المختلفة، اعتمادًا على طبيعة الوكالة”.
وأضاف أن اللجنة تخطط لجمع مسؤولين في المخابرات الشهر المقبل لمعرفة ما يجري وكيف ينبغي للحكومة التعامل مع ذلك، ويقول مسؤولون إن جزءًا من المشكلة يتعلق بعدم إبداء البيت الأبيض لاهتمام كبير بمشكلة التدخل الروسي، وأن اللامبالاة زادت من حدة المشكلة، إذ قد يكون من الصعب جمع كل فروع الاستخبارات المختلفة لتقييم كيفية التصرف حيال الموضوع بدون ضغط من إدارة البيت الأبيض.