أعلنت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا عن تأجيلها لإطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST مرة أخرى، والذي كان من المقرر إطلاقه في مدار حول الشمس عام 2020 وقامت بتحديد تاريخ إطلاق جديد في 30 مارس 2021، وهو ثاني تأخير للمخطط الزمني للمشروع هذا العام والثالث في الأشهر التسعة الأخيرة.
أصدر مسؤولو إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) نتائج لجنة مراجعة تبحث في بناء واختبار تلسكوب جيمس ويب الفضائي والتي أثبتت أن مسائل تقنية بما في ذلك أخطاء بشرية تسببت في تأخير جدول تطوير التلسكوب. حيث كانت هناك الكثير من المشاكل مثل صمامات الدفع الحساسة التي تضررت من مذيب تنظيف خاطئ، وبراغي (70 منها!) فقدت خلال اختبار اهتزاز، هذه المشاكل كلفت المشروع 800 مليون دولار وتسببت في تأخير لمدة 18 شهر. وبشكل تراكمي تم تأجيل المشروع الآن لمدة ثلاث سنوات مع تكلفة تزيد على 9.6 مليار دولار.
وقال توماس يونج رئيس لجنة المراجعة وهو مدير سابق للوكالة ومدير تنفيذي في مجال الطيران: “لن نبالغ في التعقيد وصعوبة الأمر وأن تاريخ الإطلاق الجديد المقدر سيكون في 30 مارس 2021 ويفترض عدم حدوث أي خطأ آخر، وإن المضي قدمًا في تلسكوب ويب مهم للتقدم في علم الفلك، ولكنه أضاف: “إن ضمان أن كل عنصر من عناصر تلسكوب جيمس ويب يعمل بشكل صحيح قبل وصوله إلى الفضاء أمر بالغ الأهمية لنجاحه”.
الجدير بالذكر أن هذا التلسكوب تم تسميته على اسم مدير سابق بوكالة ناسا وهو جيمس ويب، ليكون خليفة الوكالة الذي طال انتظاره لتلسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope وإنه نتاج تعاون بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ليكون أكبر وأقوى تليسكوب تم بناؤه للفضاء حيث أن حجمه أكبر من ضعف حجم تلسكوب هابل، ولكن تطوره كان يعاني من الكثير من المشاكل والتأخير.
كان من المفترض أن يكتمل مشروع تلسكوب جيمس ويب بحلول عام 2000 بتكلفة قدرها 500 مليون دولار. ولكن التكلفة تضاعفت إلى 5 مليار دولار بحلول عام 2011، لذلك صوتت لجنة مجلس النواب لإلغاء المشروع ولكن السناتور باربرا مايكولسكي نائبة ولاية ماريلاند نجحت في استعادة الموافقة على تمويل المشروع مع وضع سقف صارم للميزانية قدره 8 مليار دولار، ولكن التأخير تسبب بالفعل في زيادة أكثر من 800 مليون دولار إضافية.
ويذكر التقرير الجديد أن ناسا ستحتاج بالتأكيد إلى 837 مليون دولار أخرى وهذا سيتجاوز الحد الأقصى للميزانية المقررة له وسيتعين على الكونغرس تجديد التفويض لمشروع تطوير التلسكوب جيمس ويب بتكلفة لم يتم تحديدها بعد، مما قد يتسبب في تهديد مشروعات فضائية أخرى بالتوقف ويقول الفلكيون إن من بين المشاريع التي قد تتوقف هو تلسكوب فضاء طموح يُسمى WFirst لدراسة الطاقة المظلمة ومطاردة الكواكب الخارجية.
وتأتي مراجعة تلسكوب جيمس ويب في الوقت الذي تدرس فيه لجنة العلوم في مجلس النواب مدى جودة تقديرات إدارة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا وإدارة المشروعات الضخمة وذلك تحت إشراف لامار سميث ممثلة ولاية تكساس، وحتى الآن فإن نتائج لجنة المراجعة ليست على ما يرام.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
قام بول مارتن المفتش العام للوكالة الذي كان يدلي بشهادته أمام اللجنة بانتقاد ثقافة التفاؤل لدى الوكالة، قائلاً: :إن وعودها حول المشروع من أجل التفوق العلمي جعل من الصعب كبح جماحها، في حين تم إلغاء عدد قليل من المشاريع في الماضي القريب لوكالة ناسا بسبب ضعف التكلفة وأداء الجدول الزمني”، قال ذلك للجنة في منتصف الشهر الجاري وفقا لنشرة إخبارية من المعهد الأمريكي للفيزياء.
يبلغ قطر مرآة تلسكوب جيمس ويب 6.5 متر وهي أكبر من قطر مرآة تلسكوب هابل التي يبلغ قطرها 2.4 مترًا فقط، وهذا يمنحها قدرة أكبر بسبعة أضعاف من قدرة مرآة هابل على جمع الضوء. وقد تم تصميم تلسكوب جميس ويب لاستخدام هذه القوة لرؤية أبعد في الفضاء وأعمق في ماضي الكون وتوابع الانفجار الكبير.
لكن في العام الماضي خرجت الأمور عن السيطرة ووجدت لجنة المراجعة مشاكل في اختبار وتكامل المركبة الفضائية. وقال التقرير إن هذه المشكلات كانت نتيجة أخطاء بشرية ونقص في الخبرة والتفاؤل المفرط والتعقيد الكلي للعديد من أنظمة المركبة الفضائية والتي لم يتم بناء بعضها حتى الآن.
وقال خبير خارجي يدرس الأنظمة الهندسية المعقدة إن المزيد من الاختبارات قد لا يكون الحل لمشاكل التلسكوب. كما قال جون توماس عالم الأبحاث بقسم علوم الطيران والفضاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “لست قلقا بشأن المشاكل التي وجدوها وكني قلق بشأن ما لم يعثر عليه حتى الآن، فالاختبارات ليس هي الحل ولا أظن أنها ستكون كافية، حتى لو لم يكن التمويل مشكلة فإننا نحتاج إلى فحص دقيق ومنهجي للنظام وما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ”.
وقال يونج عضو مجلس المراجعة: “إنه على ثقة بنسبة 80 في المائة فقط من نجاح تاريخ إطلاق 2021 وإن التأخير يكلف دافعي الضرائب الآن مليون دولار في اليوم”.
من جانبهم دافع مسؤولو ناسا عن الاستثمار في المشروع، وقال جون ماذر كبير العلماء في مشروع جيمس ويب JWST: “سيكون بمقدورنا أن نرى الكثير في الفضاء بشكل أكبر من أي وقت مضى، هناك الكثير من الأشياء الرائعة التي نتوقع الحصول عليها من هذا المرصد الجديد والتي لم نستطيع القيام بها ذلك”.
لقد زادت الميزانية التي خصصها الكونغرس للمشروع وهي 8 مليار دولار بسبب التأخير 800 مليون دولار إضافية، ومع ذلك فهذا الرقم لا يغطي تكاليف تشغيل المشروع لمدة خمس سنوات مما سيؤدي إلى رفع الميزانية الإجمالية للمشروع إلى 9.66 مليار دولار. والآن سيضطر المدير الجديد لناسا جيم بريدينستين إلى الذهاب إلى مبنى الكابيتول للحصول على أموال إضافية. ومن المقرر أن يمثل في يوليو أمام لجنة العلوم في مجلس النواب لشرح التقرير جنبًا إلى جنب مع المديرين التنفيذيين في شركة نورثروب غرومان Northrop Grumman.
ولا شك أن تلسكوب جيمس ويب الفضائي يعتبر مرصد عملاق متعدد الأغراض وسيسمح لعلماء الفلك بدراسة وبحث نشأة وتكوين المجرات وسلسلة تطورها ودراسة الكواكب وأصل الحياة عليها والبحث عن الضوء المنبعث من النجوم والمجرات الأولى بعد الانفجار العظيم وكذلك القيام بمجموعة من الدراسات البارزة الأخرى.