أعلن مكتب المفوض البريطاني للمعلومات ICO أنه يعتزم فرض غرامة مالية تصل إلى 500 ألف جنيه استرليني -ما يعادل 662 ألف دولار- بسبب انتهاكات قانون حماية البيانات وتحديدًا قانون حماية البيانات لعام 1998 وذلك لفشل فيسبوك في حماية معلومات مستخدميه الشخصية، وتجاهل علامات التحذير التي ربما كانت تستطيع منع شركة كامبريدج أناليتيكا من التلاعب بالرأي العام واستغلال بيانات العملاء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إستفتاء بريكسيت Brexit الذي أدي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
بالإضافة إلى ذلك نشر اليوم مكتب مفوض المعلومات (ICO) تقريرًا بعنوان – معضلة الديمقراطية، المعلومات الشخصية والتأثير السياسي – والذي يحدد سلسلة من التوصيات السياسية المتعلقة بكيفية استخدام المعلومات الشخصية في الحملات السياسية الحديثة.
يدعو التقرير مباشرة إلى “وقفة أخلاقية” حول استخدام أدوات الإعلان الدقيقة في الحملات السياسية من خلال السماح للمسؤولين – الحكومة والبرلمان والمنظمين والأحزاب السياسية والمنصات الإلكترونية والمواطنين – بالتأمل في مسؤولياتهم في احترام استخدام المعلومات الشخصية في عصر البيانات الضخمة Big data قبل حدوث توسع أكبر في استخدام التكنولوجيات الجديدة “.
كما يلفت الانتباه إلى عدد من الاهتمامات المحددة المرتبطة بمنصة فيسبوك وتأثيرها على حقوق الناس والعمليات الديمقراطية – حيث يؤدي بعضها إلى إجراء تحقيقات تنظيمية جديدة في ممارسات الشركة التجارية.
يستمر فيسبوك في مواجهة تداعيات فضيحة كامبريدج أناليتيكا Cambridge Analytica، التي كشفت كيف تم الحصول على بيانات ملايين المستخدمين بطريقة سرية عن طريق تطبيق طرف ثالث، ثم تم تخصيصها لأغراض أخرى مثل الإعلانات السياسية المستهدفة.
قال مكتب المفوض البريطاني للمعلومات: “اتضح أن فيسبوك قد خرق قانون حماية البيانات بشكل فعال من خلال إخفاقه في الحفاظ على بيانات المستخدمين آمنة، عندما سمح للباحث ألكسندر كوغان Aleksandr Kogan بتطوير تطبيق “This Is Your Digital Life” ليصل إلى بيانات ما يصل إلى 87 مليون مستخدم في فيسبوك من أجل شركة الاستشارات السياسة كامبريدج أناليتيكا”.
بدأ مكتب المفوض البريطاني للمعلومات التحقيق في هذه القضية لأول مرة في مايو 2017 في أعقاب تصويت Brexit الخاص بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وأسئلة حول كيف يمكن للأطراف أن تتلاعب بالنتيجة باستخدام حملات الإعلانات الرقمية المستهدفة.
نتيجة لذلك قال داميان كولينز Damian Collins، النائب الذي رأس لجنة قسم الرقميات والثقافة والرياضة والإعلام DCMS التي أجرت هذا التحقيق: “إن اللجنة ستطلب الآن المزيد من المعلومات من فيسبوك، بما في ذلك التطبيقات الأخرى التي ربما يكون قد تم استخدامها بطريقة مماثلة من قبل الآخرين، وكذلك ما قد يربط كل هذا النشاط المحتمل بروسيا. ويستعد أيضًا للمطالبة بإجراء تحقيق كامل ومستقل في الشركة بدلاً من التدقيق الداخلي الذي قدمه فيسبوك حتى الآن”.
يمكن أن تتغير العقوبة التي أعلن عنها مكتب مفوض المعلومات، حيث تناقش الوكالة هذه المسألة بشكل أكبر مع فيسبوك. عادة لا يكشف ICO عن نتائجه الأولية لكنه قال إنه فعل ذلك في هذه الحالة بسبب زيادة الاهتمام العام بالمسألة، وسيكون هناك تحديث آخر للقضية في أكتوبر القادم.
إن الغرامة وأسئلة المتابعة التي يطرحها المسؤولون في حكومة المملكة المتحدة الآن هي إشارة على أن فيسبوك – بعد شهور من الاستجوابات وسط تحقيق أوسع – لم ينجو بعد في المملكة المتحدة. كما يواجه فيسبوك عددًا من الدعوى القضائية في أجزاء أخرى من العالم. حيث يتم في إستراليا إجراء تحقيق في هذا الأمر وبناء عليه أعلنت شركة IMF Bentham أنها تستعد لرفع دعوى قضائية ضد فيسبوك أمام المحاكم في أستراليا.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
من جهتها قالت إيرين إيغان Erin Egan، كبيرة مسؤولي الخصوصية في فيسبوك في بيان “كما قلنا من قبل كان يتعين علينا عمل المزيد من أجل التحقيق في المزاعم بخصوص كامبريدج أناليتيكا واتخاذ إجراء في عام 2015”.
تبرز نتائج التحقيقات البريطانية أن تداعيات فضيحة كامبريدج أناليتيكا على موقع فيسبوك بدأت للتو. كما يمكن للجهود المبكرة في المملكة المتحدة أن تثري التحقيقات الجارية في أماكن أخرى في أوروبا وكذلك في الولايات المتحدة، حيث يمكن أن يؤدي تحقيق أجرته لجنة التجارة الفيدرالية إلى فرض غرامة كبيرة جدا على فيسبوك . كما يبحث مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ولجنة الأوراق المالية والبورصات في علاقات فيسبوك مع شركة كامبريدج أناليتيكا.
وأشارت إيغان إلى التحقيقات العديدة التي تتعرض لها الشركة، حيث قالت: “لقد عملنا بشكل وثيق مع مكتب المفوض البريطاني في تحقيقاته حول قضية كامبريدج أناليتيكا، تماماً كما فعلنا مع السلطات في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، نحن نراجع التقرير وسنرد على المكتب قريبًا”.
يشمل التحقيق الحالي بالمملكة المتحدة التركيز على كل الشركات العاملة في نفس المجال وليس فقط على فيسبوك- والذين يبلغ مجموعهم 172 منظمة و 285 فردًا – يشاركون في جمع بيانات مستخدمي الويب وبيعها للأغراض السياسية.
أعربت إليزابيث دنهام مفوضة تنظيم المعلومات البريطانية في تقرير لها عن عدم ارتياحها إزاء “النقص الكبير في الشفافية” من جانب شركات التكنولوجيا والأحزاب السياسية وغيرها من الجهات التي تستفيد من معلومات المستخدمين الحساسة عبر الإنترنت.
وقالت دنهام: “من النتائج الهامة التي توصلت إليها تحقيقات مكتب ICO أن فيسبوك لم يكن شفافاً بما فيه الكفاية لتمكين المستخدمين من فهم كيف ولماذا قد يستهدفهم حزب أو حملة سياسية، في الوقت الذي توجد فيه هذه المخاوف بشأن نموذج إعلانات فيسبوك بشكل عام فيما يتعلق باستخدامه التجاري، وتتزايد عندما يتم استخدام هذه الأدوات في الحملات السياسية”.
تساءل المحققون في المملكة المتحدة عما إذا كان فيسبوك قد فشل في توفير ضمانات كافية لضمان عدم قيام مطوري التطبيقات التابعين لجهات خارجية أخرى بإساءة استخدام بيانات المستخدمين. كما ذكرت الوكالة البريطانية إن موقع فيسبوك قد يكون أضاع فرصة كبيرة في عام 2014 لإحباط أنشطة كوغان على الموقع.
وقالت الوكالة البريطانية إنها لا تزال تدرس العقوبات المحتملة ضد كوغان وكذلك الكسندر نيكس الرئيس التنفيذي السابق لكامبريدج أناليتيكا.
بالنسبة للمملكة المتحدة كان التحقيق الرئيسي هو مدى استخدام بيانات فيسبوك من قبل كامبريدج أناليتيكا وشركتها الأم SCL Elections التي ربما تم استخدامها لمساعدة أولئك الذين أيدوا التصويت لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، كما قالت السلطات البريطانية إنها تقدمت بمحاكمة جنائية ضد شركة SCL Elections، بسبب عدم الرد على إشعارات الإنفاذ.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها أوروبا عقوبات مالية على فيسبوك، ففي العام الماضي فرض منظمي مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي على فيسبوك غرامة قدرها 122 مليون دولار، وقال مدير المسابقة في المنطقة إن شركة وسائل التواصل الاجتماعي قدمت معلومات مضللة بشأن وعود الخصوصية الخاصة بها خلال استحواذها على تطبيق المراسلة واتساب في عام 2014. كما تلقى فيسبوك غرامة طفيفة قدرها 164 ألف دولار من المنظمين الفرنسيين لعدم وفائه بقواعد حماية البيانات في البلاد.