وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات جديدة إلى 12 ضابطًا في الاستخبارات الروسية باختراق حسابات مسؤولين في الحزب الديمقراطي والحملة الرئاسية للمرشحة هيلاري كلينتون خلال الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2016، وجاءت هذه الاتهامات قبل ثلاثة أيام من الموعد المقرر للقاء الرئيس ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة هلسنكي عاصمة فنلندا.
تم إعلان الاتهامات من قبل رود روزنشتاين نائب المدعي العام الذي يقود التحقيق في تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية وذلك بعد استبعاد النائب العام جيف سيسيونس من التحقيق.
وقد سبق وأصدر مجتمع الاستخبارات الأمريكي بيانًا مشتركًا في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الماضي يؤكد أن روسيا قد تلاعبت بالفعل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016.
وقد نشرت وزارة العدل لائحة الاتهام المكونة من 29 صفحة والتي تعتبر أكثر الاتهامات تفصيلاً من بين الاتهامات التي وجهتها الحكومة الأمريكية لتدخل الحكومة الروسية في الانتخابات الأمريكية لعام 2016 حتى الآن، وتتضمن سلسلة من عمليات الخداع الروسية التي تهدف إلى إثارة الفوضى في الأشهر التي سبقت يوم الانتخابات الأمريكية.
وفقا للائحة الاتهام: “استخدم الروس هجمات الكترونية تُعرف باسم spearphishing للوصول إلى شبكة اللجنة الوطنية الديمقراطية ولجنة الحملة الانتخابية للكونغرس”.
كما ورد في لائحة الاتهام المكونة من 11 قضية بالتفصيل الجهود القوية والمعقدة التي قامت بها أجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية لتخريب حملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون المنافسة لترامب، بالإضافة إلى الكثير من اختراقات أخري تراوحت بين هجمات التصيد الاحتيالي للوصول إلى عملاء ديمقراطيين، وعمليات غسيل الأموال، ومحاولات قرصنة مجالس الولايات للانتخابات.
قال روزنشتاين نائب المدعي العام الأمريكي في مؤتمر صحفي: “بالإضافة إلى الإفراج عن الوثائق مباشرة إلى الجمهور، قام المتهمون بنقل وثائق مسروقة إلى منظمة أخرى ولكن لم يتم ذكر اسمها في لائحة الاتهام، وناقش توقيت إصدار الوثائق في محاولة لتعزيز التأثير على الانتخابات الأمريكية”.
تم توجيه الاتهام من قبل المستشار الخاص روبرت مولر كجزء من تحقيقه في التدخل الروسي في الانتخابات، وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مولر بتوجيه اتهامات مباشرة إلى الحكومة الروسية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية التي فاز ترامب على نحو غير متوقع، في حين نفى الكرملين تدخله.
وقال روزنشتاين إنه أطلع ترامب هذا الأسبوع على لائحة الاتهام. وقال إنه لا يحتوي على ادعاءات بأن مواطنين أمريكيين ارتكبوا جريمة، وقبل ساعات قليلة من الإعلان عن لائحة الاتهام وصف ترامب تحقيق مولر بأنه “مطاردة ساحرة” تضر بعلاقة الولايات المتحدة مع روسيا.
وقالت وزارة الخارجية الروسية: “إن قرار الاتهام يهدف إلى الإضرار بالأجواء قبل القمة التي ستجمع الرئيسين. وأضافت أنه لا يوجد دليل على أن الاثني عشر شخصًا الذين تم توجيه اتهامات لهم كانوا مرتبطين بالمخابرات الحربية أو القرصنة”.
في حين دعا العديد من المشرعين الديمقراطيين البارزين ترامب لإلغاء القمة، حيث قال السناتور جاك ريد وهو ديمقراطي بارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: “في ضوء هذا الاتهام المذهل الذي أصدرته وزارة العدل بأن هؤلاء المتآمرين الروس هاجموا ديمقراطيتنا، وكانوا يتواصلون مع الأمريكيين للتدخل في الانتخابات الأمريكية، ينبغي على الرئيس ترامب أن يلغي فوراً اجتماعه مع فلاديمير بوتين”.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وحاليًا يحقق مولر في ما إذا كانت حملة ترامب متواطئة مع روسيا وما إذا كان الرئيس قد سعى بشكل غير قانوني إلى عرقلة التحقيقات المتعلقة بروسيا، وقد انتهت تحقيقات وكالات الاستخبارات بالولايات المتحدة في يناير 2017 إلى أن روسيا استخدمت الدعاية والاختراق للتدخل في الانتخابات لإلحاق الضرر بكلينتون، لمساعدة ترامب على الفوز في النهاية.
وقد ورد في لائحة الاتهام أن المتآمرين استخدموا شخصيات وهمية على الإنترنت، من بينها DCLeaks وGuccifer لنشر آلاف الرسائل المسروقة بداية من يونيو/حزيران عام 2016، وكانوا على على اتصال مع الأمريكيين، وأن الناشطين الروس قدموا مساعدة مباشرة إلى مرشح للكونجرس الأمريكي، الذي طلب واستلم من Guccifer 2.0 الوثائق المسروقة من لجنة حملة الكونغرس الديمقراطية DCCC في أغسطس 2016. ولكن لم يتم تحديد المرشح ولا لأي حزب ينتمي.
كما جاء بلائحة الاتهام أنه في نفس الشهر: “أرسل المتآمرين الذين ينتحلون اسم Guccifer 2 الوثائق المسروقة المتعلقة بحركة Black Lives Matter، والتي كانت قضية سياسية حساسة بالنسبة للحزب الديمقراطي.
نفى روجر ستون المستشار السياسي تمرير أي رسائل بريد إلكتروني مسروقة إلى ويكيليكس. وقال في بيان لرويترز “تظهر لوائح الاتهام اليوم أنني لم أتآمر مع أي من المتهمين للقيام بالقرصنة أو توزيع الرسائل الإلكترونية المسروقة أو مساعدتهم على أي حال”.
أثار ريناتو ماريوتي المدعي الفيدرالي السابق عدة أسئلة حول التحقيق، قائلًا: “السؤال المفتوح هو ما إذا كان هناك أشخاص أمريكين متورطين في ذلك وسيتم توجيه تهم إليهم”.
تقول لائحة الاتهام أنه في 27 يوليو 2016 حاول الروس لأول مرة اختراق حسابات البريد الإلكتروني”في نطاق يستضيفه مقدم خدمة تابع لجهة خارجية ويستخدمه مكتب كلينتون الشخصي، وفي نفس الوقت استهدفوا 76 عنوان بريد إلكتروني في نطاق حملة كلينتون”.
في نفس اليوم قال المرشح ترامب في مؤتمر صحفي: “إذا كانت روسيا تسمع أتمني أن تتمكن من العثور على رسائل البريد الإلكتروني المفقودة التي يبلغ عددها 30 ألف رسالة تابعة لكلينتون، في إشارة إلى رسائل البريد الإلكتروني كانت من خادم خاص استخدمته كلينتون عندما كانت وزيرة الخارجية”.
وقال محامي ترامب رودولف جولياني في تغريدة، إن لوائح الاتهام أظهرت أن الوقت قد حان لإنهاء تحقيق مولر.
لا شك إن لائحة الاتهام التي أعلنها روزنشتاين هي أخبار جيدة لجميع الأمريكيين، ولكن الروس مستمرون في تأكيد أنه لا يوجد أمريكيون متورطون. وقال جولياني إن الوقت قد انتهى بالنسبة لمولر لإنهاء هذا السعي وراء الرئيس، وأن الرئيس ترامب بريء تمامًا.
وقد وجه مولر لوائح اتهام ضد العديد من مساعدي حملة ترامب السابقين بما في ذلك رئيس الحملة السابق بول مانافورت ومستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض مايكل فلين.
وفي فبراير / شباط الماضي، اتهم مولر 13 روسيًا وثلاث شركات روسية في مؤامرة معقدة للتدخل في الانتخابات. وقالت لائحة الاتهام إن الروس انتحلوا شخصيات مزيفة على الإنترنت لنشر رسائل مثيرة للانقسام وسافروا إلى الولايات المتحدة لجمع معلومات استخبارية ونظموا تجمعات سياسية بينما كانوا يتظاهرون بأنهم أمريكيون.