تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بصياغة مقترح لحماية خصوصية المستخدمين. وتأتي هذه الخطوة للتخفيف من حدة الانتقادات العالمية التي أشارت إلى أن عدم وجود قواعد فيدرالية صارمة في الولايات المتحدة كان السبب في حدوث فضائح البيانات الأخيرة ضمن فيسبوك وغيرها من شركات وادي السيليكون. واجتمعت وزارة التجارة على مدار الشهر الماضي مع ممثلي عمالقة التكنولوجيا مثل فيسبوك وجوجل، ومقدمي خدمات الإنترنت مثل AT&T و Comcast للنقاش حول الصياغة المناسبة.
وتهدف الحكومة الأمريكية إلى إطلاق مجموعة أفكار أولية في خريف هذا العام لتحديد حقوق مستخدمي الويب، بما في ذلك المبادئ العامة لكيفية جمع الشركات للمعلومات الخاصة بالمستهلكين والتعامل معها، بحيث قد تشكل هذه الأفكار الأساس الذي يقوم عليه الكونغرس الأمريكي بكتابة أول قانون واسع النطاق للخصوصية عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، وهي فكرة قال البيت الأبيض في الآونة الأخيرة إنه يمكن أن يقرها.
وتهدف إدارة الرئيس دونالد ترامب من خلال المجلس الاقتصادي القومي التابع للبيت الأبيض إلى صياغة سياسة حماية خصوصية المستهلك لتكون متوازنة بشكل متناسب بين الخصوصية والازدهار، بالإضافة إلى العمل مع الكونغرس على حل تشريعي يتوافق مع سياسات البلد الشاملة.
وأعاقت الخلافات الحادة بين الديمقراطيين والجمهوريين والضغوط التي تمارسها شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك وجوجل التقدم في محاولات تحسين الخصوصية على الإنترنت، ولكن يبدو أن الأمور قد تغيرت الآن، إذ قامت ولاية كاليفورنيا في شهر يونيو/حزيران على سبيل المثال بإصدار قواعد خصوصية لمواجهة التقاعس الفيدرالي، مما دفع بعض شركات التكنولوجيا والاتصالات إلى التعاون مع الجهات التنظيمية الفيدرالية.
وتفتقر الولايات المتحدة إلى قانون فيدرالي موحد يحدد كيفية قيام شركات مثل فيسبوك وجوجل وتويتر بتجميع بيانات الويب واستثمارها، وهو ما أصبح واضحًا إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، حيث اتجهت حكومات أخرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، إلى إقرار قواعد جديدة صارمة تستهدف شركات التكنولوجيا.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وقال أحد المسؤولين في البيت الأبيض هذا الأسبوع إن التطورات الأخيرة كانت كارثية في سياسة الخصوصية العالمية، مما دفع الحكومة لمناقشة إمكانية صياغة مقترح جديد لحماية الخصوصية، ووفقًا للإدارة الوطنية للاتصالات والمعلومات فقد عقدت إدارة الرئيس دونالد ترامب 22 اجتماعًا مع أكثر من 80 شركة واتحاد تجاري وجماعات استهلاكية منذ أواخر شهر يونيو/حزيران.
وأشار المدافعون عن الخصوصية إلى أنه ينبغي على وزارة التجارة النظر إلى أوروبا عند التفكير في القانون الجديد، إذ بحسب القوانين الأوروبية الجديدة فقد أصبحت الشركات التقنية مطالبة بالحصول على إذن المستخدم قبل جميع بياناته، مع منح المستهلكين حقوقًا جديدة لتنزيل أو حذف معلوماتهم، وقد تواجه الشركات المخالفة غرامات مالية كبيرة، مما دفع شركات مثل فيسبوك وجوجل إلى تعديل سياساتها لتتماشى مع قانون GDPR.
وتحاول الشركات الأمريكية دفع إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى صياغة قوانين خصوصية أقل شراسة من القوانين الأوروبية، حيث وصف ويلبر روس Wilbur Ross، وزيرة التجارة الأمريكي قوانين اللائحة العامة لحماية الخصوصية الأوروبية GDPR بأنها عائق أمام التجارة الدولية.
وتدعو وزارة التجارة الكونغرس إلى تبني قانون استباقي، بحيث لا تحاول الهيئات التشريعية المحلية ضمن الولايات تبني قواعد خصوصية خاصة بها، ويشعر بعض المدافعين عن حقوق المستهلك بالقلق من تجريد الولايات من سلطتها في تنظيم الخصوصية، حيث تشكل ولاية كاليفورنيا مثالًا على ذلك، إذ من المفترض أن تصبح قوانينها للخصوصية سارية المفعول بحلول عام 2020.
وكانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما قد شرعت في هذا الأمر قبل ست سنوات، حيث كشفت إدارته النقاب في عام 2012 عن قانون الحقوق لخصوصية المستهلك، والذي دعا الشركات إلى الشفافية حول ممارسات جمع البيانات الخاصة بهم مع إعطاء المستهلكين مزيدًا من السيطرة على كيفية استخدام معلوماتهم.
وتعهدت إدارة أوباما في ذلك الوقت بالعمل مع الكونغرس من أجل تطوير تشريع يضمن هذه الحقوق، ولكنها فشلت في إقرار التشريع الذي ينظم كيفية تقديم الشركات للإعلانات التي تستهدف سلوكيات مستخدمي الويب بسبب الضغط الكبير الذي مارسته شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك وجوجل.