الارشيف / تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

كيف تتكيف الشبكات مع الظروف الاستثنائية القائمة؟

أدى انتشار فيروس كورونا كوفيد-19 حول العالم إلى إحداث تغييرات جذرية في حركة البيانات نظراً للتغيرات التي طرأت على حياة العديد من الأفراد حول العالم، لكن كيف تتكيف الشبكات مع الواقع الحالي؟ نقوم في هذا الموضوع بتسليط الضوء على أنماط حركة مرور البيانات المتغيرة في الشبكات حول العالم، ونوضح ما يمكن لمزودي خدمات الاتصال القيام به لتلبية الطلبات المتزايدة للحصول على البيانات.

تشهد الشبكات والبنى التحتية للاتصالات في العديد من المدن الكبرى حول العالم تحديات متعددة لناحية جودة الخدمات المقدمة، لاسيما في أنظمة المدارس والمستشفيات والمؤسسات الصحية والتعليمية والشركات الضخمة التي تشهد ضغطاً كبيراً، نتيجة اتباع سياسات التباعد الاجتماعي إثر انتشار فيروس كورونا في معظم المجتمعات العالمية، وتوجه العديد من الأفراد للعمل والتعلم عن بُعد.

تعتبر قدرات الاتصال ذي الجودة الفائقة عنصراً أساسياً في ظل الظروف الراهنة، وتمثل الاتصالات الثابتة والمتنقلة جزءً أساسياً من البنية التحتية الحيوية، حيث يتم الاعتماد عليها حالياً لاستمرارية الأعمال لملايين الموظفين حول العالم، إضافة إلى ضمان الاتصال بين العائلات والأصدقاء من راحة منازلهم في ظل سيطرة سياسات التباعد الاجتماعي وحظر التجول والسفر، لكن ما الذي يحصل على مستوى حركة مرور البيانات عبر الشبكات؟

الحفاظ على التواصل مع الآخرين: التحولات الرئيسية في حركة مرور البيانات عبر الشبكات

خلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدت الشبكات تحولاً ملحوظاً في حركة مرور البيانات من مراكز المدن إلى الضواحي والمناطق السكنية، حيث أدت سياسات التباعد الاجتماعي إلى الحد من حركة البيانات في المدن. وقد شهدت شبكات النطاق العريض المتنقل تحولات في حركة مرور البيانات من مراكز الأعمال باتجاه المناطق السكنية، ومع انخفاض حركة الأفراد، واتباعهم سياسة العمل والتعلم عن بُعد، تستحوذ الشبكة الثابتة (الواي فاي بشكل أساسي) على الحصة الأكبر من الارتفاع في حركة مرور البيانات، وقد تراوحت الزيادة من 20% إلى 100% في الشبكات المختلفة حول العالم، حيث باتت شبكة الواي فاي تعتبر الشبكة الرئيسية للأعمال في ظل الأوضاع الراهنة.

تشهد خدمات البث ارتفاعاً متزايداً في الطلب، لدرجة أن خدمات مثل نتفليكس وأمازون بريم ويوتيوب قد قللت من جودة خدمات البث لتجنب القيود المفروضة على السعة.

كما شهدت الشبكات أيضاً ارتفاعاً في حركة البيانات ثنائية الاتجاه، مثل البرامج وتطبيقات مكالمات الفيديو والأدوات اللازمة للعمل عن بُعد، وقد شهدت مؤتمرات الفيديو الافتراضية باستخدام برنامج Zoom زيادة بنسبة 535% في حركة المرور البيانات اليومية خلال الشهر الماضي، حيث يتجه المزيد من الأشخاص لاستخدام مؤتمرات الفيديو لإنجاز أعمالهم اليومية.

يتمثل الضغط في هذه الخدمات بشكل ملحوظ على إمكانات الوصلة الصاعدة وعملية تحميل المحتوى. في إيطاليا، على سبيل المثال، حيث كانت سياسات التباعد الاجتماعي هي الأكثر صرامة في العالم، شهدت حركة مرور البيانات المتعلقة بعمليات التحميل ارتفاعاً بنسبة 40% في بعض الشبكات.

يتجه الناس للتواصل على نحو متزايد في وقت الأزمات، ويؤثر الارتفاع في الطلب على خدمات الاتصال بالدرجة الأولى على الخدمات الصوتية، على سبيل المثال، شهدت خدمات الاتصال الصوتي عبر الواي فاي ارتفاعاً بنسبة 90% لبعض مزودي الخدمة في الولايات المتحدة، و180% في هولندا. في أوروبا، على سبيل المثال، شهدت إسبانيا وألمانيا وسويسرا زيادة كبيرة في المكالمات الصوتية عبر الهاتف المحمول بنسبة تصل إلى 50% في الأسابيع الأخيرة.

ورغم أن العالم يمر في ظروف استثنائية، إلا أن المستهلكين ما زالوا يتوقعون الحصول على ذات الأداء لناحية جودة تطبيقات الألعاب والبث ومؤتمرات الفيديو.

التأثيرات والإجراءات التي يتخذها مزودو خدمات الاتصال:

استجاب مزودو الخدمات خلال الأسابيع القليلة الماضية على نحو سريع، للتكيف مع هذه الظروف الاستثنائية، حيث قاموا باتخاذ تدابير مؤقتة لمساعدة العملاء والمجتمع للبقاء على اتصال خلال هذه الأوقات العصيبة. وذلك إما عن طريق زيادة حجم البيانات أو توفير بيانات غير محدودة لفترة زمنية قصيرة، ما سيؤدي إلى ارتفاع في حركة البيانات عبر شبكات الهاتف المحمول. وقد شهدت البلدان الأكثر تضرراً من انتشار الفيروس التاجي ما يلي:

  • في إسبانيا، تم ترقية باقات بيانات الهواتف المتنقلة حتى 60 جيجابايت مجاناً، إضافة إلى توفير اشتراكات مجانية ببعض الخدمات.
  • في إيطاليا، حيث شهدت الاتصالات الصوتية ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب، قدم مزودو الخدمات ترقية مجانية للباقات الشهرية تصل إلى 30 جيجابايت.
  • في فرنسا، تم توفير وصول مجاني إلى العديد من القنوات التلفزيونية، إضافة إلى توفير خطط بيانات بسعة 1 جيجابايت مع خطة ذات مستوى أدنى.
  • بشكل عام، يبدو العنصر الأهم بالنسبة لمزودي الخدمات في عدم تأثر أداء الشبكة بهذه التحولات الكبيرة في حركة مرور البيانات. في الواقع، تشهد بعض مؤشرات الأداء تحسناً طفيفاً، نظراً للانخفاض في عمليات التسليم، بسبب عدم قدرة الأشخاص على الحركة، والانتقال للاعتماد على خدمات الواي فاي. لكن ما الذي يمكن لمزودي الخدمة تقديمه في هذه الظروف الاستثنائية، لإدارة شبكاتهم واجراء التغييرات المستمرة في أنماط حركة مرور البيانات؟

تلبية الطلبات:

يحتاج مزودو الخدمات حالياً أكثر من أي وقت مضى، إلى النظر في أهمية التخطيط وضرورة تحسين شبكاتهم. تقوم إريكسون ببذل الجهود للبقاء على مقربة من العملاء، وتعمل على تقديم الدعم لهم في جميع المجالات بدءًا من إعادة تخطيط الشبكات وإعادة تعيين الأصول إلى إدارة القدرات والأداء في حالات الأزمات. ومع ذلك، تقدم إريكسون بعض التوصيات الفورية:

  • من المهم مراقبة أي تغيرات تطرأ على حركة مرور البيانات، لاسيما عندما ينتقل المشتركون من مراكز المدن حيث مواقع المحطات الراديوية الرئيسية، المجهزة لتلبية الطلب المرتفع للحصول على البيانات عالية السعة، إلى المناطق السكنية التي لا تتوفر فيها ذات المعدات التي توفر ذات المستوى من قدرات الاتصال وحركة مرور البيانات. ما يستدعي الحاجة إلى تحسين قدرات الشبكة للتعامل مع حركة المرور الجديدة.
  • إعادة استكشاف قدرة تعامل الشبكة مع حالات حركة المرور المرتفعة في شبكات النطاق الترددي العريض للأجهزة المتنقلة. وتتمثل إحدى الطرق الرئيسية في تدفق الحلول المخصصة للمستخدمين. ويهدف هذا النهج إلى تعزيز القدرات الاستيعابية للشبكة عبر توفير الخدمات لمستخدمي البيانات في الوقت الفعلي وتقليل الوقت اللازم لإنجاز عمليات الاتصال. ويؤدي هذا الأمر بدوره إلى تعزيز القدرة في التحكم على نحو أكبر في معدل النفاذ إلى الشبكة، للحفاظ على تدفق مستمر للبيانات إلى المستخدمين.
  • على مزودي الخدمات أن يضعوا في الاعتبار ضرورة الحد من إبطاء خدمة الإنترنت، حيث يؤثر ذلك بشكل سلبي على الخدمات (توفير الخدمة للمستخدمين بأسرع ما يمكن بدلاً من ذلك). 
  • من الأفضل أن يتم اللجوء إلى تعزيز الموجات الراديوية والطيف لمواجهة الطلب المتزايد على البيانات.

يبدو المستقبل غير واضح المعالم، وفي الوقت الحالي يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بالفترة القادمة، وإلى أي مدى ستستمر هذه التحولات الرئيسية في أنماط حركة المرور. هذا هو السبب في أن التخطيط والوقاية يعتبران أمرين أساسيان لتلبية متطلبات أداء الشبكة، وتوفير تجربة مستخدم عالية الجودة، والأهم من ذلك، تمكين الناس من الاتصال في هذه الظروف الاستثنائية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى