بعد انتشار فيروس كورونا المستجد (Covid-19)؛ واتباع الكثير من الشركات حول العالم توجه العمل من المنزل للحد من انتشاره، كان من المفترض أن تحقق شركة مايكروسوفت نجاحًا كبيرًا في سوق خدمات التواصل عن بُعد، وذلك بفضل خدمة (سكايب) Skype التي يستخدمها الناس للبقاء على اتصال عبر الفيديو لما يقرب من عقدين من الزمن.
ولكن بعد وقت قصير من الإعلان عن حالات الإغلاق في معظم البلدان، لم تصبح خدمة سكايب هي الأكثر استخدامًا للتواصل عبر الفيديو سواء للأشخاص أو الشركات، ولكن خدمة Zoom هي التي استحوذت على معظم اهتمام المستخدمين بالرغم من أن عمرها يصل إلى نصف عمر سكايب تقريبًا، فما هو السبب؟
كيف كانت البداية؟
لفهم ما حدث؛ نحتاج إلى العودة لشهر مايو من عام 2011؛ عندما استحوذت شركة مايكروسوفت على سكايب مقابل 8.5 مليارات دولار، وقد أثارت هذه الصفقة الكثير من التساؤلات في هذا الوقت، خاصةً وأن مايكروسوفت كان لديها بالفعل برنامج VoIP للاتصالات مدمج في برامجها مثل برنامج Windows Live Messenger، الذي كان يوفر المراسلة الفورية المجانية والدردشة الصوتية والمرئية.
كما أن قاعدة مستخدمي سكايب في ذلك الوقت كانت أصغر بكثير من قاعدة مستخدمي Windows Live Messenger، إلا أن اختلافًا رئيسيًا واحدًا كان يميز سكايب هو أن نحو 8 ملايين مستخدم يدفعون مقابل الخدمة.
حيث يدمج تطبيق سكايب اتصال الهاتف لتتمكن من إجراء المكالمات الهاتفية الدولية واستقبالها بسهولة، وفي حين أن جميع خدماته عبر الإنترنت مجانية، فإن خدمات الهاتف هذه تكلف أموالاً.
وكان لديه أيضًا نقاط بيع في جميع أنحاء العالم، مما يجعل من السهل شراء أرقام الهواتف في الأسواق الأجنبية لإجراء اتصال دولي عن بُعد بثمن قليل. لذلك كان شراء مايكروسوفت لها بمثابة محاولة لمواكبة التغييرات من خلال الاستحواذ على منتج استهلاكي ناجح.
ولكن بمرور السنوات؛ ضاعفت مايكروسوفت من محاولتها لجعل سكايب تطبيقًا قادرًا على منافسة تطبيقات التواصل اليومية، مع التضحية بأهم نقاط القوة وهي مكالمات فيديو موثوقة.
تقول (كارولينا ميلانيزي) Carolina Milanesi المحللة في شركة Creative Strategyies: “لقد أعادت مايكروسوفت تصميم التطبيق لجعله أكثر إثارة وجذابًا للتنافس مع تطبيقات التواصل اليومية مثل واتساب وتيلجرام، من خلال دمج مجموعة من الميزات الجديدة مثل mojis، بالإضافة إلى الميزات المختلفة المستعارة من سناب شات، ولذلك فقد المطورون طريقهم ولم يركزوا على الوظائف الأساسية وضمان جودة مكالمات الفيديو”.
وقد تراجع تصنيف تطبيق سكايب في متجر التطبيقات خلال شهر يونيو من عام 2017 بشدة حيث انخفض متوسط التصنيف من 3.5 نجوم إلى 1.5 نجوم. وردًا على ذلك نشرت سكايب منشور عبر مدونتها للاعتذار وتوضيح أنها تعمل على تطوير الجيل الثاني من سكايب الذي يتضمن ميزات أقوى.
كيف اكتسبت Zoom ثقة المستخدمين؟
في الوقت نفسه أثناء ركود سكايب وحتى تراجعه؛ كانت الخدمات البديلة مثل: Zoom تكتسب ثقة المستخدمين بهدوء، حيث توفر الميزات نفسها مجانًا، مع إضافة الميزات ذات الصلة وتعزيز جودة المكالمات مما يوفر خدمة متكاملة.
حتى مايكروسوفت نفسها اعترفت بوجود مشاكل في سكايب، وأعلنت في نهاية عام 2016 عن Teams وهو منتج صُمم لمنافسة (سلاك) Slack، وبدأت مايكروسوفت في دمج مكالمات الفيديو في Teams.
كما أعلنت مايكروسوفت خلال مؤتمرها السنوي للمطورين في سبتمبر 2017 أن سكايب للشركات Skype for Business سيُصبح قريبًا Microsoft Teams، وفي 12 يوليو 2018 أعلنت الشركة عن إصدار مجاني من Microsoft Teams، حيث تقدم معظم خيارات الاتصال الخاصة بالمنصة مجانًا، ولكنها تحد من عدد المستخدمين وسعة تخزين ملفات الفريق.
وبحلول يوليو 2021؛ سيختفي (Skype for Business) وسيتعين على أي شخص يستخدمه الانتقال إلى Teams.
ولكن على الرغم من كل الميزات التي قدمتها مايكروسوفت في منصة Teams البديلة لسكايب، فإنها لم تتمكن من الحصول على حصة سوقية كبيرة في سوق خدمات وتطبيقات مكالمات الفيديو والاجتماعات، بل اتجهت النسبة الأكبر من المستخدمين لخدمة Zoom، التي استفادت من وجود إصدار مجاني يقدم ميزات قوية، ومن كونها أكثر موثوقية من منافسيها في هذا الوقت.
يعمل (إريك يوان) Eric Yuan مؤسس Zoom في تطوير برمجيات مؤتمرات الويب منذ وصوله إلى الولايات المتحدة عام 1997 قادمًا من الصين للعمل في WebEx، وهذا يُفسر قوة ميزات Zoom وتوفقها على منافسيها.
كيف أثر فيروس كورونا على كل من Zoom وسكايب؟
أظهر استطلاع في أبريل 2020 أجرته شركة (Creative Strategyies) لما يصل إلى 1110 شركة أمريكية أن نسبة 27% من الشركات تستخدم Zoom لمكالمات الفيديو والاجتماعات بشكل أساسي، مقارنة بنسبة 18% تستخدم Teams، ونسبة 15% تستخدم سكايب.
بدأت العديد من الشركات في استخدام Zoom بدلًا من سكايب خلال السنوات الماضية، حيث أضافت سكايب المزيد من الميزات التي لا تتناسب مع الوظيفة الأساسية للخدمة، وهي تقديم مكالمات فيديو عالية الجودة.
وهكذا عندما انتشر فيروس كورونا أصبح حافزًا للاعتماد على منصة Zoom؛ التي توفر نظام مؤتمرات فيديو عالية الجودة، بالإضافة إلى العديد من الميزات التي تبحث عنها الشركات لتسهيل التواصل.
وفي هذا الصدد؛ يقول (ستيف شارب) من شركة (Fat Cow Media) وهي شركة تجارية مقرها لندن: “خلال جائحة (Covid-19) اتخذنا قرارًا بالانتقال إلى منصة Zoom بدلًا من سكايب، حيث توفر لنا الميزات التي نبحث عنها”.
وأضاف: “كانت هناك أسباب عديدة لاتخاذ هذه الخطوة منها: مواجهة الشركة لمشاكل في الجودة مع سكايب في الأشهر الأخيرة، والتي لم تواجهها في Zoom، كما وجدنا أيضًا أن المزيد والمزيد من عملائنا يستخدمون Zoom، مما يعني أن لديهم بالفعل منصة مثبتة وجاهزة للعمل، والعملاء الذين لا يستخدمون Zoom ليس لديهم مشاكل في التواصل عبر إصدار الويب”.
تُعد القدرة على الاتصال وعقد المؤتمرات دون الحاجة لتنزيل تطبيق واتباع الكثير من الخطوات لتفعيله أيضًا سببًا في نجاح تطبيق Zoom حيث فشلت خدمة سكايب في إتاحتها، وعندما فعلت ذلك في بداية شهر أبريل الماضي كانت السيطرة أصبحت لمنصة Zoom بالرغم من مشاكل الأمان والخصوصية التي لديها.