في مناقصة محطات الغاز (بواخر إعادة الغاز السائل إلى طبيعته الغازية)، لا يزال النقاش على حاله. أيهما أهم: حماية "كانتونات الغاز" أم خفض الإنفاق بأكثر 100 مليون دولار سنوياً، هي الكلفة الإضافية التي يُمكن توفيرها (عند شراء الكمية نفسها من الغاز) إذا استُغني عن محطة من المحطات الثلاث، وتتضاعف إذا استُغني عن محطتين؟ بشكل آخر، أيهما أهم: السير بالتوزيع الطائفي - السياسي - المالي للمحطات (البداوي وسلعاتا والزهراني)، مع ما يُلحقه ذلك من خسائر بالاقتصاد، أم تعديل مسار المناقصة بما يُناسب المصلحة العامة؟
منذ اليوم الأول لإطلاق المناقصة، لا تزال الآراء التقنية متفقة على وجود فضيحة اسمها محطة سلعاتا. أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة مناقصة الغاز يؤكدون الأمر عينه. وهم منقسمون بين معارضتها بشدة وبين تحميل المسؤولية لـ "التوازنات" التي فرضتها كأمر واقع. وزيرة الطاقة ندى البستاني، عندما تُسأل، لا تُدافع عن خيار المحطات الثلاث. تكتفي بالإشارة إلى أن مجلس الوزراء أقرّ دفتر الشروط، وهي لم تكن عضواً فيه، مذكّرة بأن الوزارة سبق أن أجرت مناقصة لاستقدام محطة واحدة ألغاها مجلس الوزراء. وتستغرب الحديث عن خلافات حول عدد المحطات، فيما لا يوجد أي معارضة له، لا في مجلس الوزراء، ولا في اللجنة الوزارية.
في أول جلستين للجنة، عرض الاستشاري نتائج المناقصة وترتيب الشركات المشاركة فيها، وأجاب عن بعض الأسئلة، فيما طُرح بعض الملاحظات سريعاً، على أن يُستكمل النقاش في الجلسة المقبلة (اليوم). إلى ذلك الحين، بدأ عدد من أعضاء اللجنة يُعدّ العدة للنقاش في الخيارات البديلة. لكن أحد الوزراء يرى أن نتيجة ذلك لن تكون سوى عودة الأمور إلى الصفر. إذ إن أي تخريب للاتفاق السياسي الذي تمّ عام 2017، وأفضى إلى توزيع المحطات "بالعدل" بين مناطق النفوذ السياسية والطائفية، بصرف النظر عن دراسات الجدوى، لن تكون نتيجته أقل من تطيير المناقصة. رئيس الحكومة يدرك ذلك جيداً. ومع ذلك، مرر في اللجنة رسالة مفادها أن الكل مقتنع بأن لبنان بحاجة إلى محطة واحدة و"لكن أنتم (أعضاء اللجنة الوزارية) تصرّون على ثلاث". وإمعاناً في السخرية، سأل الحريري الوزير وائل أبو فاعور: "وأنتم، ألا تريدون محطة في الجية؟". المزاح هنا لا يقلّل من حجم الفضيحة، ولا من مسؤولية الحريري نفسه عن الفضيحة. مئات الملايين ترمى كرمى للقسمة السياسة وللأوهام التقسيمية الطائفية".