ومن أبرز تلك الملفات الساخنة قضية النزوح السوري الذي بدأ منذ اندلاع الثورة السورية في 15 آذار 2011، وما زالت البلاد ترزح تحت أثقاله.
وأكثر ما يلفت الإنتباه هو تمسّك النازح السوري بالبقاء في لبنان بدل العمل على العودة، في حين أنّ المناطق السورية باتت آمنة بمعظمها، وهناك نازحون يدخلون إلى بلادهم ويعودون ساعة يشاؤون، ما يلغي سيطرة الهاجس الأمني وحجة إضطهاد النظام السوري لهم من أجل دفعهم إلى عدم العودة.
وفي هذه الأثناء، لا يزال كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من على منبر الأمم المتحدة وقوله "إننا ننتظر أن تبادر الدول إلى إعادة النازحين، وفي حين نرى أن البعض غير مبالٍ بهذه الأزمة، فإننا قد نباشر الإتصالات مع النظام السوري للبحث عن طريقة لإعادتهم"، يحدث ردود فعل داخلية، حيث اعتبره البعض بداية تطبيع مع النظام السوري الذي يواجه عزلة دوليّة، في حين رأى البعض الآخر أن الخيارات لإعادة النازحين تضيق، ويجب إستعمال كل "الخراطيش" المتوافرة لتحقيق الغاية المنشودة وإلا فإن الأزمة مستمرة بلا حلول.
ويسأل البعض هل باشر عون، وفور عودته من نيويورك إتصالاته من أجل التنسيق مع النظام السوري، وهل هناك من جدول زمني معيّن لإنطلاق التنسيق مع النظام وإستكماله بخطوات يتمّ الإعلان عنها في مراحل لاحقة؟
وأمام حجم كل هذه الأسئلة الكبيرة، تؤكّد مصادر مطّلعة على موقف بعبدا لـ"نداء الوطن" أن "الرئيس عون قال ما قاله من منبر الأمم المتحدة من أجل دفع الدول الكبرى على التدخّل لإنقاذ لبنان من الأزمة التي يعاني منها منذ 8 سنوات، ولا يجد يداً تمتدّ من أجل مساعدته".
وتكشف المصادر أنه لم يحصل أي تنسيق او إتصال مع النظام السوري بعد عودة عون من مشاركته الأمميّة. وتوضح أن عون ينتظر حالياً ماذا سيكون ردّ فعل الدول الكبرى بعد خطابه، وكيف ستتحرّك، وهل من مبادرة ما لإعادة النازحين إلى بلادهم؟
وتشير المصادر إلى أن بعبدا لن تقوم بأي خطوة قبل استنفاد الحلول الدولية، وإذا لم يتحرّك أحد من المجتمع الدولي، عندها تبدأ الخطوات العملية لإعادة النازحين إلى بلادهم، ومن أحد أبرز الخيارات المطروحة التواصل مع النظام.
وفي المقابل، تشدّد المصادر على أن التنسيق مع النظام السوري إن حصل سيقتصر فقط على أزمة النزوح السوري التي يسعى لبنان إلى حلّها، ولن يتطوّر إلى مراحل أخرى تخرق مبدأ "النأي بالنفس" لأن عون حريص على نأي لبنان عن الصراعات الدولية، وكل ما يريده هو تأمين مصلحة لبنان العليا لأن الجميع يعلم أن البلد لم يعد بإمكانه تحمّل أعباء النزوح السوري، وإلا فسيكون الوضع مأسوياً إذا ما طال عمر الأزمة.