نشر موقع "نيويورك بوست" الأميركي مقالاً أشار فيه الى أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكرر أخطاء سلفه باراك أوباما في الشرق الأوسط"، ولفت الى "التناقض كبير بين شخصيتي ترامب وأوباما، إلا أنها يتشاطران أهم جوانب السياسة الخارجية".
وأضاف الموقع: "أعلن كلاهما عن معارضته لسياسة جورج دبليو بوش الخارجية. ولربما لم يستطع أوباما هزيمة هيلاري كلينتون خلال ترشيحات الحزب الديمقراطي لعام 2008، لو لم تصوت هيلاري لصالح الحرب في العراق، ولو لم يعارض الحرب علناً في ذلك الحين. وعلى نفس المنوال، تفوق ترامب على جميع منافسيه في الحزب الجمهوري، في عام 2016، عندما رفض جميع التزامات أميركا في الشرق الأوسط".
ويرى كاتب المقال ريش لوري أن أوباما مثّل اليسار الأممي، بينما يعتبر ترامب نصير اليمين الشعبوي، وهناك نقاط اختلاف سياسية كبرى بين الرجلين( أنجز أوباما الصفقة النووية الإيرانية، وانسحب منها ترامب).
لكن، وبحسب الكاتب، في انسحابه من الحدود السورية، وتعرض الأكراد حلفاء أميركا لغزو تركي، نفذ ترامب نفس انسحاب أوباما المتهور من العراق الذي مهد لظهور داعش.
ورأى الكاتب "يمثل قرار ترامب خيانة للأكراد وطوق نجاة لداعش، ودعم لنفوذ روسيا، التي ستكون قادرة تحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة".
وأضاف الكاتب: "لا مجال للمقارنة بين الفائدة المرجوة من فتح الطريق أمام تركيا للدخول إلى سوريا، بالضرر الناتج عنه. ربما كان الأمر مفهوماً لو تم سحب 50 ألف جندي أمريكي من سوريا بعد سنوات من قتال مرير. ولكن، ما حصل هو إعادة نشر بضع عشرات من الجنود على الحدود".
كما ستبدو المنافع مختلفة لو أذِن للأتراك بالتحرك باعتباره شكلاً من السياسة الواقعية، كانتزاع بعض التنازلات منهم( ولنقل الامتناع عن شراء منظومة S-400 الروسية المضادة للطائرات). ولكن عوض ذلك لم يحصل الأمريكيون على شيء.
وبحسب الكاتب، ما يدعو للدهشة أن الانسحاب أدى لتنفير كل من الأكراد وتركيا من الولايات المتحدة.
ونظراً للعداوة التاريخية بين الجانبين، من الممكن تنفير أحدهما فقط، في وقت ما. ولكن بعد التخلي عن كليهما، تقارب الأكراد مع النظام السوري، فيما ستعادي تركيا أمريكا إلى الأبد، حال معاقبة الكونغرس لها بسبب غزوها لسوريا.
وبرأي الكاتب، كما كان انسحاب أوباما من العراق، يعتبر انسحاب ترامب من سوريا بمثابة رد فعل متأخر على حرب العراق.
ومن الواضح، بحسب الكاتب، لا يتوفر دعم سياسي من اليمين أو اليسار الأميركي لاحتلال بلد في الشرق الأوسط من جديد بواسطة عشرات آلاف الجنود. ولكن، هناك فرق شاسع بين ما كان عليه الحال، في أوج احتلال العراق، عندما خاض هناك 150 ألف جندي حرباً ضد تمرد، وبين التزام ضئيل في سوريا كان الهدف منه إنشاء ودعم قوة وكيلة لتنفيذ قتال شاق ضد داعش.
ويرى الكاتب أنه من غير المنطقي معارضة نشاط مجاني نسبياً، وأدى لهزيمة داعش، لأن حرب العراق استمرت سنوات بكلفة باهظة وبنتائج مريبة.
وللتأكيد على وجهة نظره، يقول الكاتب إن أميركا حققت نصراً عسكرياً تقليدياً في الحرب العالمية الثانية، ولكن ما زالت تنشر قوات في ألمانيا.
وفي هذا السياق، افترض أن حرب الخليج الأولى ستكون نموذجاً لالتزام محدود بشدة، ولكنها قادت لاستمرار فرض حظر طيران فوق العراق، وإنشاء منطقة حكم ذاتي للأكراد في الشمال، ومواصلة السعي لفرض عقوبات دولية.
وينطبق هذا الأمر على الخروج نهائياً كما أْعلن أوباما عندما رحل عن العراق، ليضطر للعودة لاحقاً حينما خرجت الأمور عن السيطرة.