حقق "التحالف" ضد تنظيم "داعش" الارهابي إنجازات عدة، بدأت بالقضاء على ما يُسمى بـ"الخلافة" وصولاً الى مقتل زعيمة أبو بكر البغداي. ولكن تلك الجهود قد تضيع إذا لم تُجدد الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في التحالف التعاون لمواجهة المرحلة ما بعد مقتل البغدادي، وخصوصاً أنّ خطر التنظيم ظل متواصلاً على الرغم من الإنتكاسات التي شهدها في الاعوام السابقة، ما يفرض على عدد من الدول الناشطة في محاربة "داعش" مناقشة أفضل السبل لمواصلة جهودها.
ويشير الباحثان إلى ما توصل إليه مسؤولون في اجتماعهم السابق بباريس في حزيران الماضي، والمطالبة، بـ"الأخذ في الاعتبار وضعاً أمنياً غير مؤكد على الأرض، وأنه من المهم بقاء قوات التحالف في الشرق الأوسط لتوفير الدعم اللازم لشركائنا في الميدان".
ويرى كاتبا المقال أن هذا الالتزام أصبح اليوم وبشدة محل اختبار، بعد قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا، والتخلي بشكل أساسي عن قوات سوريا الديمقراطية، قسد.
وسيمثل لقاء الأسبوع الحالي اختباراً آخر للقيادة الأميركية للإبقاء على إطار عمل التحالف، وهو أمر ضروري لتنسيق الإجراءات خارج نطاق المستوى العسكري، ومواصلة العمل لتحقيق انتصار طويل الأمد ضد داعش.
جهود غير عسكرية
ويلفت الكاتبان، إلى أنه رغم مشاركة عدد محدود من الدول بجيوشها في قوة التحالف الدولي، لكن التحالف كان بمثابة آلية فعالة لجميع الدول الأعضاء الـ 81 للتعاون في مجالات مهمة أخرى مثل مكافحة العقيدة المتطرفة، وتمويل الإرهاب، وتحقيق الاستقرار في مناطق داعش سابقاً، ومنع تدفق مقاتلين إلى جانب التنظيم، ومحاكمة العائدين منهم.
وحسب كاتبي المقال، بلغ إجمالي المساهمات الأوروبية في إطار عمل التحالف منذ 2017 ما يزيد عن 400 مليون دولار دعماً لشمال شرق سوريا. كما عزز التحالف أوجه دعم ثنائي ومتعدد الأطراف إلى العراق، بما في ذلك توفير أموال لإعادة بناء جامعة الموصل.
ويرى كاتبا المقال، أن لتلك الجهود أهميتها في استعادة أوضاع معيشية كريمة لسكان عانوا من سلطة داعش ثم الحرب ضده. وعلاوة على ذلك، عمل التحالف على تنسيق مشاريع لمحاربة دعاية داعش، وإغلاق حساباته عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما تطورت وسائل تبادل المعلومات عن تمويل الإرهاب، والمقاتلين الأجانب.
وخلاصة الأمر، تشكل التحالف لضمان هزيمة مستدامة لداعش، ورفع مستوى التعاون في مجالات غير عسكرية لتحقيق هذا الهدف. ولهذا السبب لا يزال للتحالف دور مهم يلعبه
خارطة جديدة
ونتيجة لما سبق، يؤكد الباحثان أهمية الاجتماع المنتظر، لمناقشة عدد من القضايا السياسية وأهمها:
1- التعامل مع خارطة سوريا الجديدة
يقول الكاتبان إن أكثر القضايا إثارة للجدل كانت بسبب الفوضى التي أحدثها التوغل التركي الأخير، والانسحاب الأمريكي غير المنسق من شمال سوريا، وعلى الدول المشاركة في التحالف الدولي مناقشة هذه الخارطة الجديدة التي جعلت قوات تركية وروسية وسورية نظامية، تحل مكان الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا.
2-التعامل مع معتقلي "داعش"
يرى الكاتبان أن المهمة الأكثر إلحاحاً على للتحالف، هي وضع آلية لاعتقال، ومحاكمة سجناء داعش، بمنع انهيار معتقلات داعش في ظل الفراغ الأمني الحاصل حالياً في سوريا.
3- اختبار للقيادة الأميركية
وإلى جانب مناقشة حلول محددة، سيكون الاجتماع بمثابة الاختبار للقيادة الأمريكية للجهود دولية لمكافحة الإرهاب. وفي رأي كاتبي المقال، تتطلب المصداقية استقراراً، ولكن بعد انسحاب واشنطن المتسرع من سوريا، سيصعب على مسؤولين أميركيين إقناع شركاء غربيين وشرق أوسطيين بأن أي مقترحات يطرحونها في الاجتماع المقبل لن تتغير فجأة بعد أسبوع.
ونتيجة لذلك، ربما لا يبدي حلفاء استعداداً لإرسال قوات أو تنفيذ استثمارات أخرى تتوقف على ثبات السياسة الأميركية. وإلى جانب ذلك، يعطي نجاح جهود التحالف غير العسكرية درساً في ضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب المتعدد الأطراف، بما في ذلك على المستوى الاستراتيجي.