كشف تقريرٌ نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية عن حادثة تعود لنصف قرنٍ إلى الوراء، وقعت في العام 1969، وكادت أن تتسبّب باندلاعٍ حربٍ عالميّة ثالثة، على حدّ زعم التّقرير.
وفي تفاصيل الحادثة، فإنّه في 15 تشرين الثاني 1969 وفي بحر "بارنتس"، الواقع إلى الشمال الشرقي من النروج وفي الجزء الأوروبي من روسيا، صدمت غواصة نووية سوفيتية "كي - 19" الغواصة الأميركية "USS Gato"، الأمر الذي كاد يودي إلى استخدام الأسلحة النووية وبدء الحرب العالمية الثالثة.
ولا تزال الوثائق الرسمية حول حالة الطوارئ تصنّف على أنّها "سرية"، لكنّ المشاركين في الحادث، بحارة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، لا يخفون ذكرياتهم.
الإبلاغ عن الحادث
لأوّل مرة، تمّ الإبلاغ عن التصادم في عام 1975 من قبل صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي قالت إنّ الغواصات الأميركية تتجسّس على الغواصات السوفيتية منذ أوائل الستينيات، وغالبًا ما كانت تدخل منطقة تبعد 3 أميال عن المياه الإقليمية للإتحاد السوفيتي. فعلى سبيل المثال، الحادث الذي وقع مع غواصة الهجوم النووية "USS Gato".
واتضح أنّ الغواصة كانت مشاركة في عملية "هوليستون"، التي أجرتها وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات البحرية الأميركية. لهذا الغرض، تم تجهيز الغواصة بمعدّات خاصة ونفّذت معالجة إضافية للهيكل لتقليل الصوت المنخفض. وفي وقت مبكر من صباح يوم 15 تشرين الثاني 1969، اصطدمت غواصة "غاتو" بالغواصة السوفيتية النووية "كي – 19" وهي تتبعها.
ووفقاً لمعلومات من المصادر المفتوحة، فقد وقع الحادث في 4 ساعات و25 دقيقة وكان تصادماً قوياً للغاية لدرجة أنّه بدا أنّ زلزالاً وقع.
تطور الأحداث على الغواصة الأميركية
و"سقطت" الغواصة بعد أن دخلت الماء في المقصورة، على عمق 66 متراً (20 قدماً) إلى 100 متر. وكاد الحادث ينتهي بمأساة. أمر قائد وحدة طوربيد "يو إس إس غاتو" المذعور بتجهيز 3 طوربيدات وصاروخ مضاد للغواصات "SUBROC" برأس حربي نووي للإطلاق، لكن ولحُسن الحظ، ألغى قائد الغواصة لورانس بوركهارت أمره.
وتمكّن الغواصون الأميركيون من التغلّب على الحادث، حيث ارتفعوا إلى 25 متراً، وذهبوا بسرعة منخفضة إلى منطقة آمنة، ومن هناك إلى القاعدة، في حين تمت إقالة قائد الغواصة ومساعده من منصبَيْهما.
الغواصة السوفيتية
أمّا على مقلب الغواصة السوفيتية، فقد أخبر النقيب الملازم كيم كوستين في مذكراته، كيف تطورت الأحداث على "كي - 19"، ووفقاً له، فقد وقع التصادم عند تقاطع "تيريبيرسكي"، على بعد 25 ميلاً من الساحل. وكان القائد الأعلى على متن الغواصة هو قائد الرتبة الأولى، فلاديمير ليبيدينكو، وقائد الغواصة فالنتين شابانوف.
وكتب كوستين: "كنت خلف لوحة القيادة وشعرت فجأة أن قوّة قوية غير معروفة ضغطتني على الحاجز الأمامي لبضع ثوانٍ. على هذا النحو، لم أسمع صوت ضربة، لكن ذلك كان بالتأكيد. أول ما خطر في بالي - لقد ضربنا الصخور، لكنّنا حدّدنا المكان قبل قليل، ولو كانت ضربة فإنّها ستكون مختلفة! لقد خرجنا إلى السطح على الفور، أعطينا إشارة، ولم نلاحظ أي شيء على السطح، ولم نرَ أي ضرر، وسرعان ما طلب منا العودة. ورأينا سفن دورية متجهة نحونا "لقد حدّدوا موقع صدامنا". في وقت لاحق قالوا إنّهم اكتشفوا الأميركيين وأعطوهم إشارة "الخروج"، لكنهم لم يغادروا".
ولتحليل أسباب الاصطدام، تمّ إنشاء لجنة خاصة تضمّنت، بالإضافة إلى مكافحي التجسّس والغواصات، المبدعين للمعدّات الصوتية وممثّلي أكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية.
ويقول كوستين مستذكراً تلك الحقبة: "نتيجة للجهود المشتركة، خلصت اللجنة والقيادة إلى أنّه لم يكن هناك من يتحمل المسؤولية - لا الفنية ولا الصوتية ولا الطاقم. إنّ الهيدرولوجيا في البحر هي المسؤولة عن كل شيء. هذا الخيار يناسب الجميع".