غداة كلمة الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، سجلت مواقف من جهات عدة، وبدت الأمور مقلقة أكثر، كونها حملت بذور انشقاق وسط الأزمة السياسية التي هي في الأساس نابعة من انقسام المواقف، والأزمة الاقتصادية- المالية النابعة في الأساس من فوضى الفساد، وصعوبة تحقيق الإصلاحات التي تطالب بها الدول الخارجية ولا سيما الأوروبية منها.
وينتظر أن تنشط حركة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل، باتجاه عواصم القرار الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتحقيق مساعدات في الأزمة المالية والنقدية التي ضغطت أكثر على البلد والناس.
وقد نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنه لا يستقيم البحث عن معالجات للوضع النقدي وتنامي الدين العام، من دون إيجاد حلول فعالة في ملف الكهرباء الذي يساهم بشكل أساسي في أزمة المديونية. وقال الزوار ل"مستقبل ويب": إنَّ الرئيس بري مستاء من الاستمرار بملف البواخر، علما أن بناء معملين يبقى الخيار الأفضل. وأكد بري أن موضوع الكهرباء سيصبح قضيته الأولى في الأسابيع القليلة المقبلة، مرددا بصوت عال: كهرباء... كهرباء... كهرباء.
وسط ذلك، الشارع لا يزال في المرصاد، فتحت عنوان "لا ثقة"، تجمع مئات المتظاهرين أمام مصرف لبنان، وانطلقوا بمسيرة رفضا لصندوق النقد الدولي. ووصلت المسيرة إلى ساحة الشهداء، بعدما جابت شارع الحمرا، وتوقفت أمام عدد من مراكز المصارف. وعند وصولها إلى محيط السرايا الحكوميا لناحية زقاق البلاط، تعرضت للرشق بالحجارة من قبل عدد من الشبان عند خروجهم من نفق الرينغ، ما استدعى تدخل القوى الأمنية التي قامت بتأمين الحماية لهم لاكمال طريقهم باتجاه وسط بيروت.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
على نية حسم الخيارات حيال المعالجات المطلوبة للأزمة الإقتصادية والمالية المستشرية، تتكثف المساعي، وجلها بعيدا من الأضواء. أكثر تحديدا تدور دوائر المساعي حول سندات اليوروبوند، التي تحل أولى استحقاقاتها في التاسع من آذار.
هذا الملف الساخن، تنكب على معالجته اللجنة الوزارية المطعمة بخبراء واختصاصيين وقانونيين، لرفع خلاصة خياراتها إلى مجلس الوزراء ضمن المهلة المحددة، وسقفها الزمني نهاية شباط الجاري.
أما سقف العملة الخضراء فقد ارتفع، إذ قفز سعر صرف الدولار لدى الصرافين إلى 2400 ليرة، وهو رقم قياسي منذ اندلاع الحراك في السابع عشر من تشرين الأول الماضي.
على أن البحث عن معالجات الوضع النقدي وتنامي الدين العام، لا يستقيم من دون إيجاد حلول فعالة في ملف الكهرباء. هذا الملف سيصبح في الأسابيع القليلة المقبلة، القضية الأولى للرئيس نبيه بري، وفق ما نقل "مستقبل ويب" عن زوار رئيس المجلس، الذي ردد بصوت عال: كهرباء... كهرباء... كهرباء...
على المستوى الخارجي، تتوالى مواقف الدعم، المتفاوت الوهج، للحكومة اللبنانية الجديدة. وبعد تأكيد الاتحاد الأوروبي للرئيس بري، استعداده لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته والقيام بالإصلاحات الأساسية، أطل الاميركيون بموقف لمسؤول في وزارة الخارجية، ربطوا فيه العلاقة مع الحكومة بمدى التزامها بالإصلاح ومحاربة الفساد، قائلين إن قيامها بإصلاح حقيقي سيفتح أبواب لبنان أمام المستثمرين الدوليين والأميركيين والأوروبيين.
وإذا كان المشهد اللبناني، قد بدا اليوم خلوا من أي أحداث أو اختراقات بارزة، إلا أن أصداء خطاب الرئيس سعد الحريري، ظلت تتردد على أكثر من مستوى. وانخرط كثيرون في قراءة مضامينه، والردود عليه ولا سيما من "التيار الوطني الحر"، وهو أمر ستتناوله الـ NBN في سياق النشرة مع نائبين، أحدهما عضو في كتلة "المستقبل" والآخر في تكتل "لبنان القوي". على أن بارومتر الردود الأولية ل"التيار الحر"، أظهر أن التيار البرتقالي لا يعتزم خوض معركة كلامية وسياسية كبيرة، مع شريكه السابق في التسوية الرئاسية.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
الذكرى استثنائية هذا العام، وجنرال المحور ومهندسه انضما إلى ركب القادة الشهداء. خمسة أقمار ازدانوا بكل نجوم الكون. وجنرالات ما وطئوا ساحة، إلا علقوا على أكتافهم أوسمة النصر.
ولأن الضد بالضد يعرف، وأكبر الضدين في ساحات الوغى الشجاعة والجبن، حضر جنرالات الهزيمة الصهاينة في حرب تموز 2006. اوساط اسرائيلية شبهت قائد الأركان الحالي أفيف كوخافي بهؤلاء، وعلى رأسهم غال هيرش قائد ما يسمى "فرقة الجليل"، الذي زعم يوما أنه سيطر على مدينة بنت جبيل. الأوساط الصهيونية دعت كوخافي إلى الكف عن التباهي بخطته الخمسية لتعزيز القدرة القتالية لجيش فاقد المعنويات، ودعته إلى التواضع، ولحظ الجبهة الداخلية التي ستكون عرضة لسقوط آلاف الصواريخ في أي حرب مقبلة. وهزأت منه بالقول: كوخافي يريد هزيمة إيران، وهو غير قادر على اختراق قطاع غزة.
فماذا عن جنرال السعودية الذي ظن يوما أنه قادر على هزيمة اليمن في بضعة أسابيع، لتثبت السنين أنه لا يستطيع حماية أراضي المملكة أمام صولات وجولات الجيش واللجان الشعبية.
وفي الجو، وبالفعل لا بالقول، يثبت اليمنيون أن سماءهم ليست للنزهة. أسقطوا طائرة حربية من نوع TORNADO البريطانية المصدر، والمتحدث باسم القوات المسلحة يؤكد أنها أسقطت بصاروخ أرض- جو متطور ويمتلك تكنولوجيا حديثة. قوى العدوان ردت بمجزرة راح ضحيتها أكثر من ثلاثين شهيدا مدنيا. إنه سلاح العاجز أمام إرادة لا تهزم. فما الخطيئة التي ارتكبها هؤلاء؟، ألأنهم رفضوا جور الجار، أم لأن القدس وإن بعدت حاضرة في وجدانهم كصنعاء؟.
أما الحاضرون أبدا في وجدان الأمة، القادة الشهداء، فإن "حزب الله" يحيي ذكراهم غدا بالتأكيد على العهد والوعد، وبأن الدماء إذا سقطت فبيد الله تسقط، وبكلمة للأمين على الدماء سماحة السيد حسن نصرالله.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
قال الحريري كلمته أمس، ولم يمش من الحياة السياسية، بل يستعد على الصعيد الداخلي إلى إعادة ترتيب البيت الأزرق، تمهيدا لاطلاق جبهة سياسية معارضة للعهد، وليس فقط للحكومة، ظهرت تباشيرها أمس في "بيت الوسط" مع "الاشتراكي"، ولم يعد ينقصها إلا الاخراج المناسب لانضمام "القوات".
أما على الضفة الحكومية، فالعمل انطلق، ومواجهة التحديات تبدأ بمواجهة الاستحقاقات المالية الداهمة بالطريقة الواقعية الأمثل، حماية لما تبقى، وتمهيدا لاعادة القطار الاقتصادي والمالي اللبناني إلى السكة الصحيحة في أقرب وقت ممكن.
وعشية الكلمة المرتقبة للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء، أعرب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عن ارتياح الحزب لأن "الحكومة شكلت، واستطاعت أن تتجاوز مجموعة من العقبات وتأخذ الثقة"، لافتا إلى أن "رئيسها وأعضاءها يهتمون بإنجاز خطوات عملية سريعة، إضافة إلى رسم رؤية إستراتيجية لها علاقة بالخطط والسياسات العامة للعمل، من أجل معالجة الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلد"، ومطالبا اياها "بإجراءات عاجلة إجتماعية وإقتصادية ونقدية"، متوجها إلى الوزراء بالقول: "فكروا وقرروا ليتلمس الناس بعض النتائج في القريب العاجل خلال أيام وأسابيع، وأبرز نقطة أشير إليها، تستطيعون إيقاف موجة الغلاء غير المبرر في رفع الأسعار، الذي يحصل في كل يوم وبتفاوت كبير بين مكان وآخر وتعاونية وأخرى ومحل وآخر".
وبالعودة إلى كلمة الحريري أمس، فقد لفت اليوم الرد العنيف الذي جاءها من الرئيس السابق اميل لحود، الذي أصدر بيانا نتوقف مع تفاصيله في سياق النشرة، لكنه اختتمه بما يلي: "لقد اختلفنا كثيرا مع رفيق الحريري، في الأسلوب والانتماء الوطني، وكانت بداية الاختلاف حين رفضنا قبول راتب شهري منه بقيمة 500 ألف دولار، منذ كنا في قيادة الجيش، ولكننا خاصمناه بنزاهة ولم نتجن عليه يوما كما فعل نجله في الأمس. وإذا كان سعد الحريري اتهمنا، مع آخرين، بالعرقلة فإننا نسأل عن هوية من عرقله في إدارة شركاته الخاصة التي انهارت أو أفلست أو أقفلت، وضاعت حقوق العاملين الذين ادعوا عليه في السعودية ويتظاهرون ضده في لبنان، وربما وصلت أصوات هؤلاء المرتفعة إلى جنوب إفريقيا".
وختم بيان الرئيس لحود بالقول: "على الرغم من كل ما أوردناه في هذه السطور، وهو غيض من فيض، لعلنا لم نترحم يوما على رفيق الحريري بقدر ما فعلنا في الأمس. كان خصما ذكيا على الأقل".
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
من حسنات إطلالة الرئيس سعد الحريري، أنها رمت حجرا في مستنقع الحياة السياسية الراكد، في شقها المتعلق بمآل التحالفات والإصطفافات، وقد أحدثت الانتفاضة الشعبية شروخا عميقة في العلاقات البينية بين الحلفاء، ك"القوات" و"المستقبل"، و"المستقبل" و"التيار الوطني الحر".
وإذا دخلنا إلى فحوى الرسائل التي وجهها زعيم "المستقبل" إلى هذين العنوانين، نجد بأن هجمته على ال "كوبل" الرئاسي، عون- باسيل و"القوات اللبنانية" وآخرين، طرحت أسئلة جوهرية حول موقفه:
- تحاشيه توجيه التحية إلى "القوات" وهو سيحتاجها إذا أراد العودة إلى الحياة السياسية، وهو أكد أنه عائد إليها وباق.
- تركيزه على التحالف مع وليد جنبلاط، وهو تحالف ضروري لكنه غير كاف.
- دغدغته من هم معه من أهل السنة، وإعراضه عن "الزعلانين" في الطائفة، وهم في صلب التيار الأزرق ومن أشد مريديه، عندما تفادى انتقاد "حزب الله"، ونحن في زمن صدور الحكم في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن المحكمة الدولية.
- غياب الخطاب الدولتي والمشروع النهضوي، وهذه أدبيات لم تغب يوما عن خطاب الحريرية السياسية في أشد الظروف الأمنية والسياسية اسودادا، بل هي علة وجود التيار الأزرق، والنقطة الأكثر تميزا وجاذبية وجذبا للجماهير.
من هذه النقاط يمكن الاستنتاج بأن الحريري و"المستقبل" سيكتفيان بمعارضة صوتية، وبانتظار جثة الحكومة ورعاتها من على شرفة "بيت الوسط"، من دون اللجوء إلى تكوين جبهة معارضة عريضة، كالتي تكتلت يوما لإخراج السوريين ولكسب الإنتخابات النيابية. وطبيعي ان يكون هم هذه الجبهة، استرجاع السيادة، والعمل على بناء دولة عصرية تستقطب اهتمام الدول الداعمة تاريخيا للبنان، وتستعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم، ونحن في خضم كارثة اقتصادية- مالية كبرى.
في الانتظار، لبنان يعيش أعلى درجات القلق، أقله على خط الشعب، والخوف من الحلول الآتية بات أكبر من ألم عيش المعاناة اليومية في ظل الأزمة المستفحلة. صحة ما نورده تنبع من أن الناس الذين قهرهم امتناع الدولة عن إيجاد حلول لبنانية- بلدية، وهي قادرة على ذلك، يرتعدون الآن من الحلول المقترحة أو التي سيفرضها صندوق النقد، أو أي مؤسسة دولية أو أممية نطرق بابها. وكلها من الصنف الذي يكسر الظهور، فنظرة خاطفة موجزة على سلة التدابير التي ستسقط على اللبنانيين كالصواعق، تكفي لتبرير خوفهم، وفيها: تخفيض المعاشات التقاعدية، تخفيض أجور القطاع العام وتخفيف عديده، رفع الدعم عن الطحين والمحروقات، رفع الـ tva إلى 20%، تحرير سعر صرف الدولار وتشريع ال"كابيتال كونترول".
والأنكى أن كل هذا سيتم في غياب الشفافية والحوكمة الرشيدة. والأخطر، أنها ستتم في غياب الحوافز والتقديمات الاجتماعية والنقل المشترك، واستسهال الحكومة اللجوء إلى سياسة المساعدات والاعاشة لشعب أبي ما تعود مد اليد والاستعطاء.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
حسم الجدل، ووفد الصندوق الدولي إلى لبنان الأسبوع المقبل، في مهمة استشارية تتعلق بامكان انقاذ البلاد من القعر الذي وصلت إليه.
وسط عدم إعلان حكومة "مواجهة التحديات "بصراحة وعلانية طلب المساعدة من الصندوق، لم تحتج مديرة الـIMF لأكثر من دقيقة ونصف الدقيقة لقول كل الحقيقة، مستخدمة خمس مرات تعبيري دقة الوضع اللبناني وصعوبته، لتخلص إلى القول بأن على لبنان إظهار قدرته على إعادة الإصلاح.
بهذه الخلاصة، تكون السلطة بأكملها، وليس فقط الحكومة أمام واقعين: هل هي راغبة أولا وقادرة ثانيا، على بدء إصلاح حقيقي، تعرف هي شروطه بدقة، وهل ستخبر اللبنانيين بهذه الشروط؟. وهل هذه السلطة قادرة على استعادة ثقة المجتمع الدولي، ألذي أوقف الشيكات على البياض؟.
وضع لبنان صعب للغاية، قال صندوق النقد الدولي، وعليه إقناع الدول الكبرى بقدرته على التغيير، فيما الساسة اللبنانيون، أو على الاقل جزء منهم، في حال إنكار وتقاذف للمسؤوليات، ومواصلة لسياسة "النكايات"، بينما المطلوب منهم الاعتراف بأن وضعنا خطير، وسيزداد خطورة، لا سيما وأن مصيرنا، وفك القيد عنا، مرتبط، شئنا أم أبينا، بكل ما يحصل حولنا، من الاشتباك الأميركي- الإيراني، إلى الإيراني- العربي، إلى العربي- التركي، إلى "صفقة القرن"، إلى وضع المقاومة في المنطقة.
هذه المواضيع ستكون محور خطاب الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله غدا، والذي سيتناول فيه دور المقاومة في لبنان والمحور والمنطقة وصولا إلى اخراج القوات الأميركية منها. وكل كلمة في هذا الخطاب ستكون بدورها تحت مجهر العالم، الذي يدخل معنا اعتبارا من الاثنين، أسبوع تقييم الوضع المالي والاقتصادي وإمكان فرملة الانهيار الكبير.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
قد تحتاج المهرجانات الخطابية إلى خصوم لإثارة الجمهور، وإلى عصبيات لفرزهم طائفيا، لكن خصم سعد الحريري هذه المرة هو التاريخ، وحقبة لم تطو أوراقها بعد، وشهود ما زالوا أحياء يتذكرون. فالحريري الابن ظهر في العلن جبرانا واحدا عطل له العجلة الحكومية، لكنه في المضمون غير معالم ثلاثين سنة مضت، ولم يجف حبرها ولا هي قابلة للعزل.
ففي السياسة ربما تجاز للحريري المهارة في تدوير الزوايا لحفظ الود مع وليد جنبلاط، وتدويرها أفقيا لعدم قطع الوصل مع "القوات"، وعموديا لحل أزمة قبر شمون على حساب حكومته، والمهارة تأخذ رونقها في تحييد "حزب الله" عن الصراع، وهو الاسم الذي كان رفيق خطابات القدح والذم. لكن رئيس الحكومة السابق يقف عند زاوية الطاقة فيتكهرب بخطوطها، و"يلبس" التعطيل في الماء والتيار لوزراء طاقة متعاقبين، متنازلا عن دوره كرئيس وكمسؤول عن كل الوزراء. فالكهرباء "شرقطت" على أيام والده رفيق الحريري، وكأنه لم يكن هناك من أي دور للوزير الراحل جورج فرام، أو قبله للوزير الراحل ايلي حبيقة.
غير أن الابن ليس سر أبيه، فالطاقة بالنسبة إليه هي وزراء أخفقوا في مهماتهم. لا يتحمل تبعات إخفاقاتكم لكأنه رئيس حكومة "نكرة". وفساد الطاقة والكهرباء ليس مسؤوليته، بل تقع حمولته على وزراء فتحوا على حسابهم.
وبتقويم سريع للنائب جميل السيد، فإن الحريري حاول إقناعنا بأن الجميع اغتصبه في السلطة، وأنه كان "مستر عفيف"! لكن الغبي من استغبى الناس. غير أن الرد الأشمل كان للرئيس السابق اميل لحود، الذي يحتفظ بأدق التفاصيل عن مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولن تحتاج تلك المرحلة إلى ذاكرة ثاقبة، لأنها علمت في الوطن كما علم استشهاد الحريري.
وبما يرويه لحود عن إنجازات عهد الرفيق أنه: رجل أعمال دعم وصوله عبد الحليم خدام، وأنه منح غازي كنعان مفتاح بيروت حزنا على مغادرته لبنان. والحريري الراحل كان ينوي بيع قطاعات المياه والكهرباء والخلوي، وهو نفسه من لم يعارض التوطين في قمة بيروت. وكان يرشي الرؤساء والقيادات، وبينهم خمس مئة ألف دولار شهريا رفضها لحود.
وفي عبارة تدفع إلى ترجمة عكسها، قال لحود للحريري الابن "إن والدك كان خصما ذكيا على الأقل". وسواء الرئيس الذكي أم نقيضه، فإن الطرفين يتشاركان في اثارة العصبيات الطائفية عند كل منعطف سياسي، وكلامه عن أهل السنة الباقين في هذا البلد، ولن يذهبوا إلى أي مكان، أعاد إلى الأذهان معارك الرفيق واحتماءه بالطائفة، وتسخيره دار الفتوى وشيخها، لدى كل استحقاق. وهي العصبية المذهبية نفسها التي عانتها عكار وطرابلس، حرمانا لم يسبقه أي حرمان.
لكن كلام الحريري سابقا، يختلف عن الحريرية اليوم، حيث طرابلس صارت عروسا للثورة، وعكار انتزعت صورا لم تعد تمثلها. فيما الحراك قام أساسا على محاربة العصبيات ونبذ المذهبية.