وشدد دياب منذ توليه الحكم على وجوب مكافحة الفساد، لكن ممارسات القوى السياسية الحاكمة ما زالت تثير غضب اللبنانيين، بعدما ذكرت تقارير أنه تم توظيف 5000 شخص في المؤسسات العمومية رغم قرار تعليق التوظيف في القطاع العام، في صفقة دفعت إلى عقدها القوى السياسية عشية الانتخابات الأخيرة لضمان الحصول على أصوات الناخبين.
ولا يمكن في لبنان المثقل بالمحاصصة السياسية والطائفية، إتمام أي معاملة في بعض الإدارات العامة أو تسريع إنجازها إلا بعد دفع رشوة أو بموجب "واسطة"؛ ففي الدوائر العقارية ومصالح تسجيل السيارات وقطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات والضمان، تتعدّد أشكال الفساد ودرجاته.
واستشرى الفساد على مرّ السنوات في لبنان وتحوّل إلى أحد مسبّبات الانهيار الاقتصادي الذي يشهده البلد منذ أشهر، وإلى أحد أبرز الأسباب التي دفعت اللبنانيين إلى التظاهر بشكل غير مسبوق ضد الطبقة السياسية في 17 أكتوبر والأسابيع التي تلته.
ورفعت الحكومات المتعاقبة في لبنان شعار "محاربة الفساد" ووقف الهدر في القطاع العام، دون أن تُقدم على إجراء عملي واحد لتنفيذ ذلك عمليّا، كون غالبية الموظفين يتمتعون بحماية القوى السياسية التي عيّنتهم.
وفي محاولة لاحتواء غضب الشارع خلال الأسابيع الماضية، باشر القضاء تحقيقات في قضايا عدة بينها جرائم اختلاس وتبديد أموال وإهدار المال العام لمنافع شخصية.
ويشكك الخبراء الناشطون بالمجتمع المدني في جديّة هذه المساعي، انطلاقاً من أن الطبقة السياسية هي أول المستفيدين من منظومة الفساد منذ عقود.
وأقرّ لبنان في آب 2017 قانون سلسلة الرتب والرواتب، الذي منح موظفي القطاع العام علاوات. ونصّ أحد بنوده على تعليق التوظيف. ورغم ذلك، تمّ لاحقاً توظيف خمسة آلاف شخص في ظروف غامضة، وفق قول مصدر في التفتيش المركزي.
وتمّ توظيفهم خلال فترة الانتخابات النيابية في ايار 2018، بهدف واضح بالنسبة إلى كثيرين يتمثل في كسب ولائهم، ولم يخضعوا لاختبارات مجلس الخدمة المدنية، خلافاً للأصول المتبعة، ولم تكن هناك اعتمادات مسبقة لرواتبهم.
ويقول الناشط أسعد ذبيان من منظمة "غربال" المتخصصة في مكافحة الفساد، "إنها رشوة سياسية، حين توظف أحد الأشخاص، تشتري ولاءه وولاء أقاربه في الانتخابات".
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، يشغل لبنان حالياً المرتبة 137 من أصل 180 بلداً في قائمة الدول الأكثر فساداً. وبحسب استبيان آراء نشرته في ديسمبر، فإن لبنانيا من أصل اثنين تقريباً يتلقى عرضاً مالياً مقابل صوته الانتخابي.