عرفت إيطاليا خلال أربعينيات القرن الماضي ظهور مرض جديد كان له تأثير مخالف لما اعتاد عليه البشر.
وبحسب تقرير نشرته "العربية.نت"، فإنّه وبينما جاءت أوبئة كالطاعون والكوليرا والحمى الإسبانية لتتسبب في وفاة عشرات ملايين الأشخاص، ساهم مرض "متلازمة ك" (syndrome K) في إنقاذ حياة مئات الأشخاص من موت محقق خلال الحرب العالمية الثانية.
إلى ذلك، عرف هذا المرض الفريد من نوعه ظهوره بفضل الطبيب الإيطالي جيوفاني بوروميو (Giovanni Borromeo) فطيلة السنوات التي سبقت اندلاع الحرب، تميّز هذا الطبيب بمعارضته لسياسة "الحزب الفاشي" الذي تزعّمه الدوتشي الإيطالي بينيتو موسوليني.
وخلال مناسبتين، رفض جيوفاني بوروميو تولي منصب مدير مستشفى حكومي، إذ كانت هذه الوظائف حينها متاحة للأشخاص الذين يقبلون بالانضمام لـ"الحزب الفاشي"، وهو الأمر الذي عارضه هذا الطبيب الإيطالي بشدة واعتبره مخالفا لمبادئه.
صورة للطبيب الإيطالي جيوفاني بوروميو
منذ العام 1938، واجه العديد من يهود إيطاليا تضييقا من قبل السلطات الفاشية بسبب إقرار القوانين المعادية للسامية. لكن مع اجتياح الألمان لإيطاليا خلال شهر أيلول 1943 ضمن الحرب العالمية الثانية، وجد يهود إيطاليا أنفسهم في مواجهة فرق "الأس أس" الألمانية التي لم تتردد في اعتقالهم لترحيلهم نحو معسكرات الموت.
ومع دخول "النازيين" لروما ومهاجمتهم لأحياء اليهود بالمدينة منتصف تشرين الأول 1943، لجأ العديد من اليهود ومعارضي "الفاشية" نحو مستشفى "فايتبينيفراتيلي" حيث وافق الطبيب جيوفاني بوروميو على استقبالهم وحمايتهم من الألمان.
ولتجنب دخول فرق "الأس أس" للمستشفى للتثبت من نزلائه، عمد الطبيب الإيطالي، بمساعدة بعض زملائه، لفكرة ذكية فابتكر مرضا أطلق عليه اسم "متلازمة ك" ووصفه بالخطير وتحدّث عن أعراضه التي تجسدت أساسا في ارتفاع درجة حرارة الجسم والقيء ومشاكل بالتنفس، كما أكد على وفاة جميع المصابين به خلال فترة وجيزة بسبب الاختناق.
واقتبس جيوفاني بوروميو اسم متلازمة ك انطلاقا من الحرف الأول لأسماء كل من ألبرت كسلرنغ (Albert Kesselring) قائد القوات الألمانية بروما وهربرت كابلر (Herbert Kappler) قائد الشرطة والغيستابو النازية بروما.
هربرت كبلر عقب اعتقاله من قبل الحلفاء
ومع وصول "النازيين"، أمر جيوفاني اليهود والمعارضين المختبئين بالمستشفى بالسعال بصوت قوي قبل أن يتوجه للألمان ليخبرهم عن انتشار مرض جديد قاتل وشديد العدوى حمل اسم متلازمة ك بالمستشفى. وأمام هذا الوضع، فضّلت القوات النازية التراجع وعدم دخول المستشفى تجنباً لانتقال العدوى لأفرادها.
وبفضل هذا المرض الذي اخترعه، تمكّن جيوفاني بوروميو من إنقاذ حياة مئات الأشخاص داخل المستشفى من براثن "النازيين". كما عمد الطبيب الإيطالي أيضاً لاستغلال الموقف أكثر فجهّز المستشفى، الذي تخوّف منه "النازيون" بسبب المرض، بجهاز راديو نقل من خلاله للحلفاء وقوات المقاومة العديد من المعلومات الحساسة حول تحركات ومواقع القوات الألمانية.