في الأيام الماضية، وفي مقابل الحركات الاحتجاجية التي تجوب الشوارع، ثمة آخرون فتحوا نقاش فقدان رواتبهم بالليرة اللبنانية قيمتها. وفي هذا الإطار، بدأت ملامح حركة "احتجاجية" بين جدران الجامعة الأميركية في بيروت. ولئن كانت هذه لا تزال حركة على نطاق ضيق، إلا أنها تشرّع باب النقاش المشروع عما ستفعله إدارة الجامعة إزاء هذا الواقع.
تحت عنوان "نحن نخسر رواتبنا"، بدأت النقاشات بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة حول ما آلت إليه الأمور في ظل أزمتين: فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية المالية وتدهور العملة الوطنية التي فقدت حوالى 160% من قيمتها، في محاولة لمطالبة إدارة الجامعة بحلٍ يعفيهم من تلاشي رواتبهم.
هؤلاء هم "أبناء" الطبقة التي تتقاضى بدل أتعابها بالليرة اللبنانية، والتي تتهاوى قيمتها مع الوقت. في سردياتهم التي يروونها عما آلت إليها أوضاعهم، يمكن أن تسمع في محادثاتهم عن المعاناة مع "الفواتير" و"إيجارات المنازل" و"نفقات الأسرة التي صارت تتجاوز 150% عما كنا ننفقه قبل". قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة، لم يكن لتلك السرديات مكان في أدبيات "الطبقة" العاملة في الجامعة الأميركية في بيروت. فلطالما كانت هذه الأخيرة مكان العمل الأمثل لا يناله إلا المحظوظون والمحظيون. وفي الوقت كان يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور للموظفين في أماكن أخرى 675 ألف ليرة، كانت رواتب الموظفين والمعلمين في الجامعة الأميركية تتأرجح بين ثلاثة ملايين ليرة و10 ملايين.
اليوم، مع الأزمة، صارت الملايين الثلاثة توازي، وفق سعر صرف الدولار في السوق الموازية نحو 750 دولاراً. وهي لم تعد قيمة كافية بالنسبة إليهم للعيش بمستوى ما كانت عليه الحياة سابقاً. وهم يخسرون كل يوم من قيمة رواتبهم. لكن، في مقابل هؤلاء، حافظت طبقة أخرى على مكتسباتها ومستوى معيشتها، وهي طبقة المحظيين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار. هكذا، في الوقت الذي يتقاضى فيه بروفسور قيمة راتبه بالليرة لقاء ما يقوم به، ثمة آخر يتقاضى راتبه عن العمل نفسه بالدولار. صحيح أن ثمة اعتبارات لتقاضي البعض رواتبهم بالعملة الصعبة، مثل خيارات العقد والموقع الذي يشغله و"الكورس" الذي يعطيه ومساهماته في البحث العلمي وغيرها من الأمور، إلا أنه ليست كل الاعتبارات اعتبارات كفاءة، بقدر ما لها علاقة بالحظوة.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.