أكد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن "لبنان على حافة الانهيار الكامل"، محذراً "من جديد من ثورة جوع قادمة"، سائلا "كيف سنواجه؟".
وفي مقابلة ضمّت إليه الوزير الأسبق للخارجية العراقية هوشيار زيباري والسفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان والصحافي أمير طاهري، وأدارتها الإعلامية راغدة درغام، قال جنبلاط إن "عنوان مداخلتنا اليوم هو الاستقرار في هذا الوقت، وأتساءل متى كان لبنان مستقراً خلال الخمسين عامًا الماضية، ربما في زمن فؤاد شهاب، وربما للمفارقة في الوقت بين 1989 و 2000 أثناء الوجود السوري أو الاحتلال، سمّه ما شئتِ، والآن نحن على حافة الانهيار الكامل ليس بسبب الكورونا، لكن بسبب الكارثة الاقتصادية وأخطائنا في إدارة شؤون الحكم التي كانت سيئة للغاية".
وأضاف: "وبالذهاب إلى سوريا فهي تعاني من عدم الاستقرار التام، أتذكر، التقيت ذات مرة في 2013 أو 2012 جيفيري فيلتمان وفريدريك هوف في اسطنبول حيث تناولنا الغداء، وكانا لا يزالان في الادارة الاميركية، وقد توسلت إعطاء أسلحة مضادة للطائرات للمتمردين وكانوا يومها الثوار الحقيقيون، وهذا لم يحدث، فأوباما تردد وقال لا، ثم تحكم الإسلاميون وغيرهم بالأمور، وتمّت خيانة الثورة السورية".
وتابع جنبلاط: "بالذهاب إلى العراق، آمل أن تبقى كردستان مستقرة، وأن يلتقي الطرفان دائمًا حول الحوار من أجل الأكراد، وأنا أفخر بأصولي الكردية. بالطبع هناك حكومة مركزية في العراق، ولكن لديك أيضًا كيانات غير تابعة للدولة، مثلما لدينا نحن، فهنا حزب الله كيان غير تابع للدولة وكذلك حماس، وأحيانًا هذه الكيانات أقوى من الدولة".
وأكمل جنبلاط: "وأخيراً، في فلسطين، فعل أبو مازن محمود عباس الصواب، بالاعتراف بأن حل الدولتين قد انتهى، وآمل أن يتمكن من حل ما يسمى بالسلطة الفلسطينية والقبول بأن يكون تحت الاحتلال لأن هناك ليست طريقة أخرى".
ولفت إلى أنه "بالطبع هناك عدم استقرار تام سيؤدي إلى الأردن غير مستقر في ظل الخطة الصهيونية القديمة للحصول على "الوطن البديل" الذي يمكن أن يكون شرق الأردن فلسطين، وهذه خطة إيغال ألون وبن غوروين".
ورداً على سؤال اجاب جنبلاط: "لا أستطيع أن أقول أنني جزء من الحل، هذا يتوقف على الجيل الجديد وفي نفس الوقت الجيل الجديد أو الثوار يريدون تغيير النظام القديم، لكن هذا النظام هو من أقوى الأنظمة في العالم وقد حاول والدي تغييره في السابق ونزع الطائفية، وفشل في ذلك. اليوم هناك المزيد من الطائفية، لا أعرف المعادلة لتغييره. أنا مع إصلاح النظام الليبيرالي الحالي، وليس تدميره. واليوم نحن عشية مئوية لبنان الكبير هناك أناس في السلطة يريدون تأميم المصارف ويريدون لبنان الجديد على النحو الذي فعله السوريون في 1963".
واعتبر جنبلاط ان "هناك حرباً اقتصادية اميركية إيرانية على أرض لبنان، وقد اتصلت بجيفري فيلتمان بعد الثورة وقلت له انه اذا كانت الادارة الاميركية تعتقد انها بالعقوبات على حزب الله تضعفه، فهذا خطأ، فهو لن يضعف والشعب اللبناني سيكون المتضرر".
وتابع جنبلاط: "مسؤولية الحكومة اللبنانية أن تكون شفافة وجدية في التعاطي مع صندوق النقد الدولي ولكن هذا مشروط بموافقة أميركية. ثانياً، الإيرانيون منذ وقت بعد ان فشل العرب، رفعوا يافطة فلسطين عبر الأراضي اللبنانية، صوابا كان ذلك أم خطأ فهذا نقاش اخر، وكان لديهم شرعيتهم إذا صح التعبير. اليوم هل هذا التوتر الحاصل سيؤدي إلى حرب؟ لا أعلم هناك دائماً إحتمالات. لا أحد يعلم في هذا الكيان الإسرائيلي بعقليته العدائية التي اختبرناها عبر السنين في الحروب والاجتياحات".
ورداً على سؤال حول الإعتداءات التي تحصل من قبل الإسرائيليين على الضفة الغربية، قال جنبلاط: "لا أعتقد أنه سوف يحدث شيء، كما عندما أعلن ترامب أن القدس أصبحت عاصمة إسرائيل لم يحصل شيء أنذاك لسوء الحظ، وأرى الخطر الآن على الأردن وربما سيناء، وبجب مساعدة الأردن مما تبقى من العالم العربي للصمود اجتماعيا اقتصاديا".
وقال جنبلاط: لا أخشى حصول حرب اهلية في لبنان، والناس لها الحق بالثورة. ونحن سنواجه بثورة الجياع، لكن لنعد الى الكيانات الخارجة عن الدولة التي هي جزء من الامبراطورية الايرانية، في لبنان وسوريا والعراق واليمن، اما العالم العربي فلم يعد موجودا، كان هناك عالم عربي عندما كانت مصر لاعب اساسي، لكنها أخرجت من المعادلة عام 1979 مع كامب ديفيد. السعودية عليها ان تجد للخروج من اليمن، لا احد في التاريخ نجح في اليمن. عبدالناصر حاول ولم ينجح. البريطانيون لم يبقوا. اليوم لدينا القوة الجديدة، فارس، او ايران، ومعها هذه الكيانات. لست انتقد، بل اسير الى انهم في كل مكان، ويستفيدون من فشل ما يسمى الدول القومية، رغم ان لبنان لم يكن يوما دولة قومية بل كان خليطا من طوائف وقبائل، ولهذا هم قادرون على الصمود اكثر منا في مواجهة الجوع الذي سيأتي، ولا جواب لدينا حياله. بل لقد بدأ الجوع، فاليوم كل حزب او زعيم طائفة يحاول مساعدة جماعته، والحكومة تتوقع نظريا قدوم 10 مليارات دولار من البنك الدولي، لكن الليرة لا يمكن معالجة سعر صرفها بتوقيف بعض الأشخاص، هذا ليس الحل، الحل هو بإصلاحات سياسي واقتصادي جذري، وهو ما اعتقد صعبا تحقيقه هذه الايام".
واشار جنبلاط الى انه "بعض من في الحكومة يعتقدون انه يمكن الحصول على 10 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و10 مليارات من سيدر، وهذا هراء. فبسبب الكورونا هناك العديد من الدول التي تطلب مساعدات من صندوق النقد، الذي يضع بدوره شروطا، علينا تطبيقها، وهي الإصلاح. لكن حتى الآن نحن في الجولة الثانية من المفاوضات التي ستأخذ وقتًا، ولكن لا وقت لدينا. ونظريا علينا ضبط المعابر والمرافئ، لكن لا يمكن فعل ذلك دون تسوية مع حزب الله، فهذه حقيقة ان كيان حزب الله جنبا الى جنب مع الحكومة، فإما نترك الشعب اللبناني الذي يؤمن بلبنان يتضرر من العقوبات الاميركية بحق ايران، او نساعد هذا الجزء من اللبنانيين، لا حزب الله".
وتابع: "الآن أعتقد أن الإنتخابات في ظل هذا القانون الطائفي مضيعة للوقت، واتمنى ان ينجح الجيل الجديد في الوصول الى نظام مدني. لكن أرى انه علينا اليوم التفكير في كيف نعالج مشاكلنا الاقتصادية، وكيف نضع خطة اصلاحية مناسبة مقبولة من صندوق النقد والبنك الدولي. ولكن لا أوافق على نظرية التفوق الاسرائيلي، لقد كانوا في بيروت ولم يكن الجندي الاسرائيلي متفوقا، ولقد قاتل الفلسطينيون جيدا، كما فعل ابناء الجنوب من حزب الله وحركة امل، يمكن للاسرائيليين التدمير والقتل لكنهم لن يربحوا".
ولفت جنبلاط إلى أن "العالم العربي تدمر بفعل السياسات الأميركية، وتحديدا اليوم مع ترامب الذي يسمح للاسرائيليين بقضم كل فلسطين، وهذا النظام العالمي الجديد المختلف عن نظام 1945 يأخذ العالم الى فوضى كما الكورونا".