خلال فترة سبقت تمرير قانون الأغذية والأدوية النقية من قبل الكونغرس الأميركي وظهور إدارة الغذاء والدواء بالبلاد، انتشرت بالولايات المتحدة الأميركية أدوية غريبة تحدّث أصحابها عن تأثيرات خارقة قادرة على علاج العديد من الأمراض أملا في تحقيق الثروة بشكل سريع من دون الاكتراث لصحة المستهلكين.
فمع تزايد عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية والعالم ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، لجأت العديد من المؤسسات لاستغلال ضعف القوانين والمراقبة بالسوق لإنتاج أدوية غير معروفة انطلاقا من عناصر ومكونات اكتشفت حديثا.
وقد كان من ضمن هذه المكونات مخدر المورفين الذي امتلك تأثيرا مباشرا على الدماغ والأعصاب حيث لجأ عام 1845 تاجرا الأدوية جرماي كورتيس (Jeremiah Curtis) وزميله بنيامين بركينز (Benjamin A. Perkins) بمدينة بنغور (Bangor) بولاية ماين (Maine) الأميركية لإنتاج دواء غريب حمل اسم الشراب المهدئ للسيدة ونسلو تحدّثا عن قدرته المهدئة ودوره في مساعدة الأطفال على النوم بشكل سريع.
لكن خلال عمليات الترويج لهذا الدواء، أكد تاجرا الأدوية أن الشراب المهدئ للسيدة ونسلو قادر على تهدئة وتنويم الأطفال المزعجين ليقبل بذلك الزبائن عليه بكثافة. من جهة ثانية، حقق هذا الدواء النتائج المرجوة عند استخدامه بفضل تركيبته التي احتوت على كميات كبيرة من سلفات المورفين والأفيون وكربونات الصوديوم والأمونيوم. وعند دخولها لجسم الطفل سببت هذه المكونات تراجعا في معدل نبضات القلب واكتئابا مركزيا وانهيارا لطاقة الجسم.
وقد استمر الترويج لهذا الدواء لحدود مطلع القرن العشرين حيث شجبت منظمة الأطباء الأميركية عام 1911 الشراب المهدئ للسيدة ونسلو وحذّرت من مكوناته ونتائجه المضرة ولقّبته بقاتل الأطفال مؤكدة على وقوفه وراء ارتفاع أعداد الوفيات في صفوف الأطفال والرضع منذ سنوات.
وقد استمر بيع وترويج هذا الدواء لبضع سنوات إضافية قبل أن يسحب نهائيا بحلول العام 1930.
إلى ذلك، لم يتوقف تقديم الأدوية التي احتوت على المورفين للعامة عند هذا الحد. فما بين عامي 1898 و1911، روّجت مؤسسة باير الألمانية للأدوية لما يعرف بالهيروين (diacetylmorphine) ووضعته على رفوف الصيدليات مؤكدة على دوره في معالجة السعال وخلوه من المضار الصحية والإدمان.