أعاد مجلس الوزراء، في جلسة الثلاثاء الماضي، إحياء ملف النفط في البر. الملف لم يكن مطروحاً أصلاً إلا من بوابة مشروع قانون التنقيب عن النفط في البرّ الذي لا يزال قابعاً في اللجان النيابية المشتركة. لكن المجلس ارتأى أن يسير بطلب وزارة الطاقة الموافقة على «تلزيم شركة Schlumberger وضع دراسة لتقدير ثروة الهيدروكربون المحتملة في البرّ اللبناني ومياهه الإقليمية». وبعد نقاش محتدم، أقرّ البند بالتصويت، حاصلاً على عشرة أصوات.
هذا الملف يستعيد اتفاقية مرّ على إنجازها 3 سنوات. وهو سبق أن أنجز عن طريق استدراج عروض أجرته إدارة المناقصات في 7/9/2017، بسعر إجمالي بلغ 651 ألف دولار. أثناء الجلسة، اعترض عدد من الوزراء، في مقدمهم وزراء حزب الله وحركة أمل، على إقرار الاتفاقية انطلاقاً من أنه يُشكّل تعدياً على صلاحيات هيئة إدارة البترول التي لم يُشَر إليها في طلب وزارة الطاقة، رغم أن القانون الرقم 132 (قانون الموارد البترولية في المياه البحرية) نقل صلاحية كل ما يتعلق بالنفط في البحر إلى الهيئة، علماً بأن مشروع القانون، الذي يدرس في اللجان حالياً، ينقل صلاحية التنقيب في البر إلى الهيئة أيضاً. ورغم أن القانون لم يُقرّ بعد، إلا أنه أثناء دراسة المشروع في لجنة الأشغال، كان التوافق السياسي كاملاً على نقل هذه الصلاحية من مديرية النفط إلى الهيئة.
إدارة مشتركة
بالنتيجة، وبعد حصوله على إجابة الوزارة، قرر الديوان عدم الموافقة على المشروع مستنداً إلى: عدم تعليل الوزارة سبب اللجوء إلى التلزيم عن طريق استدراج عروض بدلاً من المناقصة العمومية، وخصوصاً أن قرار مجلس الوزراء الرقم 88 عام 2011 يلحظ التعاقد، في مسار النفط في البر، مع شركات متخصصة بطريقة المناقصة.
أما في ما يتعلق بملاحظة الديوان المتعلقة بالتعدي على صلاحية هيئة البترول، فقد أسقطها بعدما راسل رئيس الغرفة المعنية في الديوان القاضي عبد الرضى ناصر الهيئة، طالباً إيفاده برأيها في الملف المعروض أمامه. وقد جاءت الإجابة، في 22/12/2017، على الشكل الآتي: عدم الممانعة بإجراء الدراسة "على أن تكون متابعة وإدارة المشروع موضوع الدراسة مشتركتين بين مديرية النفط والهيئة، نظراً إلى التداخل الجيولوجي بين البر والبحر، وبالتالي تداخل الصلاحية بين الهيئة المعنية بالموارد البترولية في البحر، والمديرية المعنية بالموارد البترولية في البر".
في قرار مجلس الوزراء لم يتم التطرق إلى مسألة الإدارة المشتركة، وذهب غجر إلى إسقاط أي دور للهيئة. أضاء ذلك مجدداً على إشكالية العلاقة بين التيار الوطني الحر والهيئات الناظمة التي يصرّ على أن تبقى تحت جناح وزير الطاقة. آخر الأمثلة كان التعديلات التي عرضتها الوزارة على القانون 462 (قانون الكهرباء)، والتي نزعت بموجبها استقلالية الهيئة الناظمة للكهرباء، وجعلتها أقرب إلى هيئة استشارية.