كتبت فاتن الحاج في "الأخبار": مليار و120 مليون ليرة سنوياً هي قيمة عقود المركز التربوي للبحوث والإنماء مع "مقدّمي خدمات" فنية وتقنية وتربوية واستشارية، إلى جانب عقود استشارية أخرى عبر منظمات دولية تموّلها جهات مانحة وتُحاط بسرية تامة لجهة قيمتها وتوصيف مهام المتعاقدين من ذوي الحظوة وأولي القربى
تحت ستار "تقديم خدمات في إطار مشاريع المركز"، يستعين المركز التربوي للبحوث والإنماء، منذ سنوات، بمن يسمّيهم "بعض العناصر" لتقديم خدمات فنية وتقنية وتربوية واستشارية، بطريقة التعاقد الرضائي، لمدة 6 أشهر، وبمداخيل مرتفعة، وبلا أي دراسة جدوى لأولوية الإنفاق على مثل هذه الخدمات، بحسب ما تؤكّد مصادر تربوية في المركز. إذ يتعاقد الأخير مع 46 "عنصراً" يتقاضون 559 مليوناً و600 ألف ليرة شهرياً (مليار و119 مليون ليرة سنوياً). وفيما جزء لا بأس به من هؤلاء لا يداومون في المركز وليسوا معروفين من موظفيه، فإن من بينهم 11 بلغوا السن القانونية، علماً بأن التعاقد مع متقاعدين مخالف لأحكام المرسوم الاشتراعي 112 /1969 (نظام الموظفين)، الذي ينصّ على أنه "لا يجوز التعاقد مع الموظف المحال على التقاعد أو المصروف من الخدمة بسبب بلوغه السن القانونية أو قضائه في الخدمة المدة القصوى لنهاية الخدمة (...) كما لا يجوز استخدامه للعمل في أية إدارة عامة أو مؤسسة عامة أو بلدية".
ومع أن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب لم يوقّع العقود كما كان يحصل عادة مع وزراء التربية المتعاقبين، فقد كان لافتاً أن رئيسة المركز المُقالة ندى عويجان جدّدتها بنفسها. فيما ليس واضحاً ما هو المردود التربوي للأموال التي تُنفق في مجال الاستشارات التربوية، وهل أحدثت هذه الاستشارات نقلة نوعية في جودة التعليم لا سيما الرسمي منه، وهل هذه الخدمات أولوية ملحّة في بلد منكوب كلبنان؟ علماً بأن الخدمات الواردة في العقود تشي بأن رئاسة المركز تنتقي "عناصر"، ومن ثم "تُركّب" لهم المهمات المطلوبة على سبيل التنفيع، بدليل إيراد عبارة "وكل ما يطلب منه/ها في مجال اختصاصه/ها" في نهاية توصيف كل خدمة من الخدمات، ما يعني أن المركز لم يعلن عن حاجته لوظائف محددة وضع شروطها ودرس السير الذاتية للراغبين بالتقدم إليها. وفي هذا السياق، تلفت المصادر إلى أن "من بين المتعاقدين، مثلاً، ابنة خالة رئيسة المركز، وابنة أخت محاميته، وابنة رئيس دائرة المحاسبة، وابنة أخت رئيسة القلم... وغيرهم من المحظيين وذوي القربى». ويعمل هؤلاء بعيداً من أجهزة الرقابة، ويتقاضون أموالهم من مشاريع غير منتجة تُصرف عليها أموال بلا طائل.
توصيف بعض الخدمات التي تُوكل إلى أصحاب الحظوة ملتبس. إذ ليس مفهوماً أن تُبرم عقود مع أشخاص لـ "إسداء خدمات تربوية لمكتب رئاسة المركز والمساعدة في ملفات أخرى بناءً لطلب رئيسة المركز"، أو لـ «تخطيط الأنشطة الاستراتيجية والتشغيلية والإدارية للمركز والإشراف على تنفيذها بطلب من رئيسة المركز»، أو «المساعدة في تأمين خدمات لدائرة المحاسبة وأعمال تنسجم مع تحقيق نتائج مشروع S2R2»، أو متابعة «مشروع يتعلق بقصص الأطفال» من دون ذكر تفاصيل عن هذا المشروع. أضف إلى ذلك، أن التعاقد مع محامية للمركز تتقاضى 36 مليون ليرة كل ستة أشهر مع بدل نقل بقيمة مليون و900 ألف ليرة لم يمنع من التعاقد مع «عناصر» آخرين لتقديم استشارات قانونية! كما تم التعاقد مع خمسة «عناصر» لمتابعة أخبار المركز وموقعه الإلكتروني والنشرة التربوية ومواقع التواصل الاجتماعي والتسويق لإنجازات ومشاريع وهمية، علماً أن هناك موظفين في المركز يُعتبر هذا الأمر من مهماتهم. كذلك أبرم المركز، قبل شهرين، عقداً استشارياً براتب «مرتفع جداً» مع إحدى المتعاقدات التي كانت تشغل منصب مندوبة «اليونيسيف» في المركز (كانت تتقاضى 7 آلاف دولار شهرياً) بعدما أوقفت «اليونيسيف» المشاريع التربوية المشتركة مع المركز.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا