قصة قصيرة
التوائم
(4) الحلقة الرابعة
تقدّمت الشقيقتان لامتحانات الشهادة الثانوية .... و نجحتا في الحصول عليها، و لكن الفارق كبير بين شهادة نادية و شهادة نادين ... نادية حصلت على مجموع عالي في الفرع العلمي خوّلها لدخول كلية الصيدلة، أما نادين فقد حصلت على مجموع متدني جداً في الفرع الأدبي و لولا علامة المادة الإنكليزية لما دخلت الجامعة ... فقد انتسبت إلى كلية الآداب فرع اللغة الإنكليزية على علامة مادة اللغة الإنكليزية، أي مادة الاختصاص .... و أصبحت الفتاتان من طالبات جامعة دمشق العريقة .... كانت نادية من الطالبات المجتهدات المثابرات و المؤدبات، و التي باتت معروفة من قبل أساتذتها و أصدقائها و الجميع يحترمونها احتراماً شديداً، و يحبونها لسلوكها المهذب و اللطيف ... أما نادين فقد كانت تسرح و تمرح في كليتها، و كأنها كل يوم تذهب إلى الديسكو و ليس إلى الجامعة، و كانت تصاحب الفتيات اللاتي بمستوى أخلاقي متدني و كذلك الشباب، و كوّنت شلّة من الأصدقاء و كانوا الشلة المشموسة الأبرز في الجامعة _ كلية الآداب _ و التي ستتحوّل بفضلهم إلى كلية اللا آداب من خلال سلوكهم و تصرفاتهم داخل و خارج الجامعة ....
و مضت سنوات الدراسة الجامعية، فبينما كانت نادية تنجح كل عام و بدون حمل مواد، كانت نادين كل صف تقضي به سنتين .... و وصلت نادية للسنة الأخيرة في كليتها ... و قد لفتت بسلوكها المؤدب و المهذب و أخلاقها العالية نظر أحد أساتذتها الذي كان يتمتّع بشخصية جذابة و أنيقة و مستوى علمي راقي، و ما أن تخرّجت نادية من الجامعة حتى تقدّم لخطبتها .... بشكلٍ رسمي ... فقد كان محترماً جداً ... و دخل البيت من بابه بشكلٍ مباشر دون أن يتعرّض لنادية في الكلية بأي كلمة أو تصرّف .... و بالفعل رحبّت العائلة بهذا الطارق كعريس و خطيب تحلم به كل فتاة .... و كم كانت نادية فرحة بهذا الذي تقدّم لها خاطباً، فهي تكنُّ له كل إعجاب و احترام ....
و تمّت الخطوبة في جوٍّ عائلي بهيج و مفرح، فالجميع كانوا مسرورين لهذا الارتباط المبدئي ........ إلا شخص واحد، و هو أقرب الناس لنادية .... إنها نادين .....؟؟.... التي كانت الغيرة تنهش روحها من الداخل .... فأختها تحظى باحترام الجميع، و الكل يحبّها و يقدرّها، فهي صيدلانية و جميلة و أخلاقها مهذبة جداً .... أما هي فباتت على الهامش تماماً، فلا أحد يقيم لها أي حساب أو يكنُّ لها أي احترام، فقد كانت مبتذلة في لباسها و طريقة سلوكها و هي كسولة ... فـهاهي أختها تخرّجت من كلية محترمة بتقدير ممتاز، بينما هي بالكاد انتقلت إلى السنة الثالثة و هي تحمل أربع مواد من السنة الثانية طبعاً و كل مواد السنة الثالثة .... فقد كانت تحمل عبئاً كبيراً ... بالإضافة لهذا الحدث الجديد الطارئ الذي أتعب روحها أكثر و أكثر .... فـهاهي تنظر لأختها نادية في حفل خطوبتها كاللؤلؤة التي تشع نوراً و جمالاً، و الجميع حولها مبتهجون فرحون بها و خاصةً هذا العريس ...... كم هو جميل و أنيق و محترم .... كم تمنّته لنفسها في هذه اللحظة و كم تمنّت أن تكون مكان أختها ..... فقد كانت دائماً أفضل منها في كل شيء .... كل شيء .... حتى أنها كانت المفضّلة عند أمها و أبيها ... أما هي فقد كانت مستقر دائم للنصائح و الشتائم و الملاحظات .... أما نادية ...... فـهاهي اليوم محطّ الأنظار و محطّ إعجاب الجميع ....... و شردت نادين في هذه اللحظة و قد أخذها حلم ما ......... إلى مكانٍ بعيد جداً.....
يتبع